حكايات كرة القدم الإفريقية| آرثر وارتون.. أول لاعب إفريقي في أوروبا
مينساه: فتح الباب لي وللكثير من اللاعبين ذوي البشرة السمراء
كتب: محمود عدوي
آرثر وارتون الذي ولد في أكرا بغانا، كان أبيه هنري وارتون من جزيرة جرينادا بمنطقة الكاريبي، وكانت أمه آني فلورنس إجريبا فرداً من الأسرة الملكية لعرقية الفانت في غانا. منذ صغره كانت الأسرة المحافظة، والمتدينة، تدفعه لسلك الخدمة الكنسية، ولذلك تم ترتيب وضعه وتعليمه، بأن يذهب إلى بريطانيا، وكان عمره آنذاك 19 عاماً، ليدرس التعليم الديني ويصبح مبشراً في العقيدة الميثودية.
من أجل الرب، سافر آرثر وارتون في عام 1884 إلى إنجلترا، لكن الرب الذي كان ينتظره في الكنيسة، لم يؤثر في مخيلة الشاب، لم يستحوذ على إيمانه، كان آرثر قد اقتنع بأن الإيمان الحقيقي، ليس في صلاة الأحد، بل في مباراة الأحد، حينما يذهب المؤمنون الحقيقيون، إلى الاستاد، كي يتجمعوا، ويهتفوا، طالبين العدالة من الرب، الفوز هو الفردوس، والخسارة هي الجحيم، وما بين الفردوس والجحيم، كان المطهر، حيث الملعب، حيث يتطهر الخطاؤون من التمريرات الشيطانية، عندما يقوم المهاجم، من موته، ليعلن عودته إلى الحياة، بهدف سماوي.
من هو آرثر وارتون؟
آرثر وارتون هو أول لاعب من القارة الإفريقية، يمس أرضية الملاعب الخضراء في المملكة الأم، ربة الاستحواذ، والامتلاك، والاستعمار.
من لا يعرف آرثر وارتون، يجده مجسداً في التمثال اللامع المنتصب بلا خجل، ولا خوف، في مقر الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم في ملعب ويمبلي.
بدأ آرثر وارتون، يعشق كرة القدم حينما كان يرى الجنود الإنجليز يلعبون بالقرب من الكنيسة في مدينة أكرا. كان يختلس النظر من نافذة الكنيسة، ويحدق في هؤلاء الشياطين الذين كانوا يحبون أن يركضوا وراء الكرة، أكثر من ركضهم إلى داخل الكنيسة معترفين بأخطائهم وطالبين النجاة من الجحيم.
وحينما بدأ بسرقة بعض الساعات القليلة في لعب كرة القدم متأخراً عن الدروس الدينية، اكتشف تلك المتعة التي لم يستطع أبداً أن يبوح بها لأي من والديه أو لأقربائه. كان الجنود الإنجليز يطلبون منه أن يقف كحارس مرمى لهم، ولهذا عشق هذا الدور لأنه كان يسمع منهم الصياح والتشجيع والإشادة، حينما يحمي مرماه من هدف مؤكد.
مسيرة آرثر وارتون الكروية
في إنجلترا، بدأ اللعب كحارس مرمى لفريق دارلينجتون، ومنه انتقل إلى العديد من الأندية الإنجليزية، لكن الحظ لم يكن مواتياً ولا مسانداً لوراتون طوال مسيرته الرياضية، فأخفق كثيراً، ما دفعه ليفتتح محلاً لبيع السجائر ويترك كرة القدم. ولكنه اشتاق إليها، فعاد مرة أخرى في عام 1899 ليلعب لنادي ستالي بريدج رويفرز.
حقق وارتون بعض النجاح، لكنه ليس النجاح الذي قد يؤدي إلى خلق ثروة أو معاش مناسب. وفي نهاية المطاف، لم يجد وارتون سوى اعتزال كرة القدم. وتحول إلى عامل في مناجم الفحم في يوركشاير. وعندما توفي آرثر وارتون في عام 1930، دفن في قبر غير معروف؛ حيث لم يهتم دافنوه بكونه أول لاعب في تاريخ إفريقيا يلعب كرة القدم في أوروبا، ولكن في عام 1997 ومن قبل جماعة مناهضة للعنصرية في بريطانيا، تم البحث عن القبر، والعثور عليه، وتم وضع علامة على قبره، تدل عليه.
في عام 2012، وبعد وفاته بما يقرب من ثمانين عاماً، وقف لاعب المنتخب الغاني جون مينساه، أمام التمثال المنتصب في ساحة ويمبلي وقال:
“أُدين بالكثير لآرثر وارتون، فقد فتح الباب لي وللكثير من اللاعبين ذوي البشرة السمراء”.