أوتوبيس الموت
أوتوبيس الموت
لو إنت مسافِر في المكسيك، خصوصًا بين مدينة تولكا ومدينة إكستابان دو لا سال، هتلاقي الطريق لطيف ومُختصَر ورحلتك هتكون سريعة وسهلة
المُهم.. من سنين كتير فاتت، أي حد كان بيفكَّر ينتقل بين المدينتين، كان لازم يسافِر في طريق جبلي طويل وخطير، على يمينه صخور جبلية حادة مخليَّة الطريق ضيَّق، وعلى شماله هوة عميقة
في ليلة من الليالي، أوتوبيس إتحرَّك من إكستابان، أمر طبيعي وعادي، مُتجه في رحلته الخطيرة ناحية تولكا، كانت رحلة ليلية، فالرُكَّاب قرروا يستغلوا وقت الرحلة ويناموا
لمَّا الأوتوبيس وَصَل عند سفح الجبل، وبدأ يمشي في الطريق اللي طالع لفوق، كان رحلته لحَد دلوقتي سهلة، مُعظَم الرُكَّاب كانوا نايمين، واللي كان صاحي كان سافر أكتر من مرة، والرحلة لحَد دلوقتي ماشية بشكل طبيعي، لكن بوصول الأوتوبيس لأعلى نقطة في الجبل، الدنيَّا بدأت تمطَّر، والسائق بدأ يواجه صعوبات في المُنحنيات الجبلية، خصوصًا إن الطريق دا حصل فيه حوادث خطيرة كتير، الكُل بدأ يخاف
الأوتوبيس بدأ يشُق طريقه وسط المطر، الطين، والطريق المبلول، الرُكَّاب بدأوا يتوتروا خصوصًا لمَّا السائق بدأ يزوِّد السُرعة بشكل مش طبيعي، بدأوا ينادوا على السائق، لكنه مكانش بيرُد عليهم، سُرعة الأوتوبيس بدأت تزيد وتزيد، وخوف الركاب بدأ يزيد
فجأة السائق صرخ بخوف: ” الفرامل باظِت! ”
الأوتوبيس اللي كان ماشي دلوقتي بسُرعة جنونية كان مُستحيل تمامًا نسيطر عليه، وفي غمضة عين كان وصل لمُنحنى خطير، ومع سُرعته السائق مقدرش يتحكِّم فيه، ووقع من فوق الجبل في الهوة العميقة
بدأ يخبط في الصخور وهو بيقع، مُعظم الرُكَّاب ماتوا في البداية، والباقيين كانوا مرميين على الأرض فاقدين للوعي وبينزفوا، لكن فجأة.. النار بدأت تزيد، الأوتوبيس بيولع، وخلال دقايق، النار كانت قضت على الأوتوبيس كُله، محدش كان قادر يسمعهم وهُمَّا بيصرخوا وبيستنجدوا، ماتوا أبشع موتة مُمكِن حد يتخيلها
في نفس الليلة، الشُرطة قدرت تحدِّد مكان الحادث، وبعتوا الإسعاف هناك، لكن لسوء الحظ، مكانش في أي ناجين، بعض الأجساد كانت مُحطمة بسبب اصطدامها بالصخور الحادة، والباقيين كانوا ماتوا محروقين تمامًا
من اليوم دا، والناس بتقول إنهم دايمًا بيشوفوا أوتوبيس قديم ماشي في الطريق بين المدينتين، بيقولوا إنك لو واقف على جانب الطريق ومديت إيدك للأوتوبيس، هيُقف..
الأبواب هتتفتح في انتظارك، لمَّا تقرَّب هتلاحظ إن الأوتوبيس قديم لكنه في حالة جيدة، وهتلاحظ كمان إن مفيش مكان فاضي، لكن لمَّا تركِّز شوية.. هتلاقي كُرسي واحد بس فاضي
لو إنت شُجاع شوية وقرَّرت تكمِّل المُغامرة، وطلعت قعدت في الكُرسي دا، هتحِس بشعور غريب أوي، هتحِس إن فيه حاجة غلط جدًا، وعلى الرغم من إن الأوتوبيس دايمًا بيظهر في وقت متأخَّر من الليل، إلا إنك هتلاقي كُل الرُكَّاب صاحيين، كلهم صاحيين، باصين لأدام بطريقة غريبة، محدش منهم بينطق بكلمة، صمت غريب مسيطر على كُل حاجة
بعد شوية هيبدأ الكُمسري يلف على الرُكَّاب، عشان يتأكِّد من التذاكر، طبعًا إنت لسَّه راكِب ومفيش معاك تذكرة، فتجهز نفسك عشان تقطع منه تذكرة، لكنه هيتجاهلك تمامًا
لمَّا هتوصلوا لمدينة تولكا بسلامة، بعد مُنتصف الليل، السواق هيوقَّف الأوتوبيس قبل ما يوصل للمحطة، هيلف ويبصلك إنت تحديدًا، وهيقولك إنك لازم تنزل هنا، الرحلة ما إنتهتش ليهم، لكن انتهت بالنسبة ليك، متسألش ولا سؤال، متحاولش تناقشه، اسمع الكلام وبس
كُل الرُكَّاب قاعدين، لكن هو بيكلمك إنت، لازم تقوم وتنزل هنا، لو حاولت تديه أي فلوس هيرفض وهيشاورلك بإيده عشان تنزل
هيقولك بعصبية: ” مش عايز فلوس، انزل.. وبلاش تبُص وراك مهما حصل وإلا عُمرك ما هتعرف تسيب الأوتوبيس ”
اللي هيسمع الكلام، وينزل من غير ما يبُص وراه، هيسمع صوت الباب بيتقفل وراه
أما اللي هيبُص وراه، هيشوف الأوتوبيس مُحطَّم ومتكسَّر، وهيشوف كُل الركاب بيبصوا له من الشبابيك، الأوتوبيس هيختفي.. لكنه هيموت خلال أيام في حادثة بشعة، وشبحه هيسكُن في الأوتوبيس للأبد