اختفاء في نهار يوم مشمس بقلم: محمد عصمت بتاع الرعب
اختفاء في نهار يوم مشمس .. جلينيلج.. ضاحية ساحلية شهيرة في أديليد، بجنوب أستراليا، الشاطئ المُشمِس الخاص بالضاحية دي بيوفَّر للسُكَّان راحة نفسية من زحام ودوشة أيام العمل المُتعِبة، عشان كدا بيروحوا وبأعداد كبيرة عشان يسترخوا على الشاطئ في أيام الصيف الحارة، لكن في يوم من أيام شهر يناير المُشرِقَة، حَصَل حاجة مالهاش تفسير نهائيًا.
كان يوم تقليدي ذي أي يوم تاني في أستراليا، تحديدًا يوم 26 يناير 1966، الجو كان حار في أديليد، أطفال عائلة بيمونت قرَّروا يزوروا الشاطئ، اليوم لطيف ومُناسِب للسباحة، جين – أكبرهم – واللي عندها 9 سنوات كانت هي المسئولة عن أخواتها الأصغر منها، آرنا اللي كان عندها 7 سنوات، وجرانت اللي كان عمره 4 سنوات.
الأطفال ركبوا الأوتوبيس الساعة 10 صباحًا، الطريق من البيت للشاطئ كان حوالي 5 دقايق بالظبط، ودي مكانتش رحلة غريبة بالنسبة لهم، لأنهم راحوا لوحدهم أكتر من مرة، آخرهم إمبارح يعني، والدتهم – السيدة نانسي – قرَّرِت تأخذ يوم أجازة وتقضيه مع صديقاتها، وزوجها – السيد جيم – كان في شُغله كالعادة، نانسي طلبِت من أولادها يرجعوا البيت الساعة 2 بعد الضُهر عشان ميعاد الغدا.
اختفاء في نهار يوم مشمس
لمَّا الساعة بقت 2 بعد الظُهر، والأطفال لسَّه مرجعوش، نانسي افترضِت إنهم بس نسوا يركبوا الأوتوبيس، وأكيد هييجوا في الأوتوبيس اللي وراه، لكن لمَّا الأوتوبيس اللي بعده وَصَل والأطفال لسَّه مظهروش، والدتهم بدأت تقلَق.
فقرَّرِت تتصل بالشُرطة، اللي وصلوا بعد وقت قُليِّل، لكن الأطفال مكانش ليهم أي أثر، وبحلول تاني يوم.. أعلنوا إن الأطفال مفقودين رسميًا.
كثير من روَّاد الشاطئ قالوا إنهم فعلًا شافوا أطفال عائلة بيمونت رغم إن اليوم دا تحديدًا الشاطئ كان زحمة جدًا، وكتير منهم قال إن الأطفال سابوا الشاطئ الساعة 10:15 صباحًا تقريبًا، أقرب حد شافهم بعد كدا، شافهم بعد التوقيت دا بحوالي 45 دقيقة، سيدة مُسنَّة قالِت إنها شافتهُم بيلعبوا جنب نافورة، وطبقًا لأقوال الشهود.. كان فيه حد معاهم في أغلَب الأوقات، راجل أشقر جسمه قوى، كان لابس ملابس سباحة لونها أزرق، في البداية.. الراجل الغامض دا كان نايم على الشاطئ، بيراقِب الأطفال وهُمَّا بيلعبوا، لكن بعد كدا.. قام من مكانه وانضَم ليهم.
الأطفال ظهروا بعد كدا بالقُرب من محل بيع كيك وحلويات في حدود الساعة 11:45 صباحًا، ومن هناك.. اشتروا حلويات، ودفعوا تمنها بورقة نقدية قيمتها جنيه إسترليني، بالنسبة للسُلطات.. دا كانت أول إشارة على إن فيه حاجة غَلَط حَصَلِت، ودا لأن أهل الأطفال مدوش ليهم مبلَغ زي دا، ودا كان معناه إن فيه حد تاني إداهم الفلوس دي.
آخر مرة حد شافهم فيها، كان رجل البريد الفضولي اللي كان عارفهم كويس جدًا، قال إنه شاف الأطفال في حدود الساعة 3 عصرًا، كانوا ماشيين في شارع جيتي، بعيد عن الشاطئ اللي الشهود قالوا إنهم كانوا فيه، لكن الأطفال كانوا فرحانين وفي حالة معنوية مُرتفعة، الأطفال الصُغيَّرين قرَّبوا منه وسلِّموا عليه، السُلطات وقتها مكانش عندهم أي شك في صحة أقوال رجل البريد، لكن الوقت دا متأخَّر جدًا بالنسبة للجدول الزمني لأقوال الشهود، فكانت الاحتمالية الأكبر هنا هو إن رجل البريد أخطأ في تذكُّر التوقيت اللي شافهم فيه، وإنه أكيد شافهم في توقيت قبل دا.
لكن في جميع الأحوال.. بعد شهادة رجل البريد دي، محدش شافهُم مرة تانية أو سمع عنهم.
اختفاء أطفال بيمونت كانت حادث هز أستراليا كُلها، وبدأ واحد من أكبر التحقيقات في البحث عن المفقودين في تاريخ أستراليا بالكامِل، بدأوا يوزَّعوا صورهم على الناس، جيم بيمونت – والدهم – ظهر في التليفزيون المحلي وطلب من الخاطفين إنهم يرجَّعوا ولاده، الشُرطة حاولت بكُل الطُرق، لكن للأسف.. مكانش في أي أثر أو دليل يوصلوا بيه للأطفال المفقودين دول.
في النهاية.. وبدافِع اليأس.. استعانوا بالخبير الروحاني جيرارد كرويسيت، خبير روحاني ومُحقِّق خوارق هولندي، وبمُجرَّد وصوله لأستراليا الموضوع بقي أشبه بالسيرك الإعلامي، قالهم إن حاسته السادسة قالتله إن الأطفال مدفونين في مخزن قديم، أصحاب ومُلَّاك المخزن رفضوا يساعدوا السُلطات، وقالوا اللي عايز يدوَّر في المخزن يشتريه، وفعلًا باعوه للشُرطة بمبلغ 40 ألف دولار، والشُرطة بمُجرَّد استلامهم للمخزن بدأوا عملية البحث، لكن للأسف.. ملقوش أي حاجة.
بعد حوالي سنتين من اختفاء الأطفال، آل بيمونت بدأوا يستقبلوا رسائِل غامضة بتقول إن أطفالهم لسَّه أحياء ومتاخدين رهائِن، الشخص الغامِض اللي بيبعَت ليهم الرسائِل دي قال إنه هيرجَّع لهم أطفالهم في وقت مُعيَّن وفي مكان مُعيَّن، وفعلًا والد الأطفال سافِر للمكان دا وهو مش مصدَّق نفسه من الفرحة، لكن للأسف.. مالقاش حاجة.
بعدها بفترة بدأت توصلهم رسائِل تانية، كان نصها إن بسبب استعانة الأسرة بمُحقِّق سري، فالمُرسِل قرَّر يحتفِظ بالأطفال للأبد، بعد مرور أكتر من 25 سنة على حادثة الاختفاء دي، الطب الشرعي قدر يحلِّل الخطاب دا ويطلع بنتيجة صادِمة.. الخطابات دي كانت مُزيَّفَة.
النهاردة وبعد مرور 54 سنة تقريبًا، ما زالت السُلطات الاسترالية عندها أمل تفهم إيه اللي حَصَل وإيه مصير الأطفال دول، لدرجة إنهم عارضين مُكافأة مليون دولار لأي حد هيمد السُلطات بأي معلومات عن الحادث أو عن اللي حَصَل للأطفال.
ولسَّه السؤال لحَد النهاردة بدون إجابة.. إيه اللي حَصَل لأطفال عائلة بيمونت؟ وإيه سر الاختفاء اللي حَصَل في نهار يوم مُشمِس؟
إقرأ أيضاً
روعة يا عصمت كالعادة