الحياة والمناخرياضة

«تعاطفا مع غزة».. ازدواجية المعايير بين أوكرانيا وفلسطين

ازدواجية المعايير بين أوكرانيا وفلسطين.. «لا سياسة في الرياضة»، عبارة طالما سمعناها كثيرًا على مدار عقود من كافة الاتحادت الرياضية الدولية منها والقارية، وكان الهدف المعلن منها هو فصل الصراعات السياسية عن ملاعب الرياضة حفاظًا على هدفها السامي في التقارب بين شعوب الأرض.

إلا أن المتابع للأحداث اكتشف بكل وضوح مدى زيف تلك العبارة التي تشدق بها الغرب كثيرًا، لاسيما في ظل الأحداث الأخيرة التي تشهدها الأراضي الفلسطينية المحتلة من مجازر يومية في حق المدنيين، وهنا سنستعرض أبرز المواقف التي سقط فيها قناع فصل السياسة عن الرياضة:

إقصاء يوغوسلافيا بسبب حرب البلقان

تأهل منتخب يوغوسلافيا إلى يورو 1992 إلا أنه فوجئ بقرار استبعاده من قبل الاتحاد الأوروبي «يويفا»، بالتنسيق مع «فيفا»، بسبب الحرب الدائرة في منطقة البلقان وقتها، وما تسببت فيه من عقوبات عليهم من مجلس الأمن ليقر الـ«يويفا» وقتها استدعاء منتخب الدنمارك للمشاركة، لينتهي الأمر بتتويجهم باللقب القاري.

الفصل العنصري يبعد جنوب إفريقيا

غابت جنوب إفريقيا عن المحافل الرياضية لعقود طويلة، بسبب انتهاج سياسة الفصل العنصري بين البيض والسود، فانتظر منتخب جنوب إفريقيا حتى عام 1996 لتحقيق ظهوره القاري الأول في بطولة كأس أمم إفريقيا، التي استضافها على أرضه برعاية زعيمهم التاريخي نيلسون مانديلا.

أبو تريكة والتهديد بإقصاء مصر

رفع محمد أبو تريكة لاعب المنتخب المصري قميصًا حمل عبارة «تعاطفًا مع غزة»، بعد تسجيله هدفًا أمام السودان بكأس أمم إفريقيا 2008 لينال بطاقة صفراء من الحكم البنيني كوفي كودجا، أعقبها تحذير شديد اللهجة من الاتحاد الإفريقي «الكاف»، والتهديد بإقصاء المنتخب المصري من البطولة في حال تكرار الفعل.

وفي نفس الوقت رفع اللاعب الغاني جون بانسي، العلم الإسرائيلي خلال احتفاله بتسجيل منتخب بلاده أمام التشيك بمونديال 2006، قبل أن يكرر الفعل ذاته عقب نهاية المباراة، مثيرًا مشاعر السخط لدى الجماهير العربية، دون أن يحرك «فيفا» ساكنًا ليكتفي الاتحاد الغاني وقتها بتبرير تصرف اللاعب بالسذاجة، بينما قام الإعلام الغربي بتسليط الضوء على عرفان اللاعب وامتنانه للكرة الإسرائيلية التي منحته فرصة الاحتراف.

حياة السود مهمة

حياة السود مهمة، هي حركة ناشطة بالمجتمع الأمريكي بدأت نشاطها عام 2013 قبل أن تصل إلى ذروتها عام 2020، الذي شهد مقتل الأمريكي جورج فلويد ذو البشرة السمراء من قبل قوات الشرطة، ليسمح «فيفا» وقتها بإدراج لافتات الحركة في جميع الملاعب وإعلان اللاعبين تضامنهم معها من خلال الجثو على الركبة قبل انطلاق المباريات قبل أن تقرر رابطة البريميرليج طبع قمصان تحمل شعار الحركة وإرغام اللاعبين على ارتدائها في أول 12 مباراة بالمسابقة عقب استئنافها بعد التوقف الطويل بسبب فيروس كورونا، في الوقت الذي تعرض فيه العديد من اللاعبين العرب للمضايقات لمجرد التعبير عن غضبهم إزاء الجرائم الصهيونية المستمرة في غزة، فقام نادي ماينز الألماني بفسخ عقد لاعبه الهولندي ذو الأصول المغربية أنور الغازي بسبب منشور على صفحاته بمواقع التواصل الاجتماعي.

حصار الدب الروسي رياضيًا

اندلعت الحرب الروسية الأوكرانية في عام 2022 ليتم بعدها إقصاء المنتخب الروسي من ملحق تصفيات كأس العالم 2022، ثم تصفيات يورو 2024، بالإضافة لطرد الأندية الروسية من جميع البطولات الأوروبية بمختلف المراحل العمرية، مع رفع شعار الجيش الأوكراني بمباريات دوري أبطال أوروبا، في الوقت الذي قرر فيه «يويفا» تأجيل مباريات المنتخب العبري بتصفيات اليورو الحالية عقب العدوان على غزة، علمًا بأنه يملك فرصة تاريخية لتحقيق ظهوره الأول في البطولة من خلال الملحق.

ولم يختلف الحال كثيرًا في باقي الألعاب حيث تم استبعاد الدب الروسي من بطولات الريشة الطائرة والسباحة، مع سحب النسخة الأخيرة من بطولة العالم للكرة الطائرة من أراضيه.

كل تلك المواقف لا تعبر سوى عن المعايير المزدوجة عندما يتعلق الأمر بقضية إنسانية عادلة، مثلما يحدث في الأراضي الفلسطينية، وهو الأمر الذي عبر عنه بوضوح نجم الإسكواش المصري علي فرج بعد تتويجه بلقب بطولة «أوبتاسيا» في 2022، حين قال: «الآن بات خلط السياسة بالرياضة ممكنًا، فلعل الناس تنظر لما يحدث في فلسطين منذ 74 عامًا مثلما نتحدث عن الأوكرانيين في الوقت الحالي».

زر الذهاب إلى الأعلى