الاتيليه الجزء الثاني
الاتيليه الجزء الثاني بقلم: أحمد الشمندي
– طمني يا دكتور ، شيرين أخبارها إيه ؟
– إتطمني خالص ، مفيهاش حاجة ، دة مجرد إرهاق مش أكتر ، ساعة بالكتير وهتخرج
– ممكن أدخل أشوفها ؟
– أه طبعاً ، مفيش مشكلة
لما شيرين وقعت مغمى عليها ، أول حاجة عملتها ملك جريت على التليفون وكلمت إسعاف مستشفي الشاطبي ، اللي هي جنبهم أصلاً ، وخلال ربع ساعة كانت شيرين في استقبال المستشفى ، واتشخصت هبوط مفاجئ في الدورة الدموية ، ومع الفحوصات انتهى التشخيص إنه نتيجة إرهاق ومجهود زيادة …
– خضتيني عليكي يا جزمة
– أنا قردة متقلقيش ، ملك إنتي مصدقاني ؟
– مصدقاكي يا روحي طبعاً ، بس مش وقته ، ساعة كدة وهنمشي ، هروحك وفي البيت نتكلم
– لا مش عاوزة أروح دلوقتي ، نروح نتغدا برة عادي ، أنا كويسة
– متأكدة ؟
– أيوة اتطمني أنا كويسة
بعد ساعة تقريباً ، شيرين وملك خرجوا من مستشفى الشاطبي ، ونزلوا محطة الرمل علشان يتغدوا في المطعم المفضل بالنسبالهم “شي جابي أوريتروفو” الموجود في “ممر البخت” المتفرع من طريق الحرية …
بعد ما أكلوا ، شيرين ابتدت تحكي لملك اللي حصل ليلة امبارح ، واللي شافته وهي في الأتيليه ، وكمان الحوار اللي دار بينها وبين الغفير ، والعيال اللي كانوا بينبشوا في مدافن الشاطبي ، وكملت باللي شافته الصبح لما وصلت الأتيليه ، وإزاي كانت أشكال وأوضاع التماثيل مختلفة بالتفصيل ، ومن هنا ولما ملك سمعت كل دة ، ابتدت تقلق بس مش من إن شيرين بيتهيألها أو بتهلوس …
ملك كانت قلقانة من إن شيرين من كتر قعدتها لوحدها في الأتيليه ، ومن وحدتها نوعاً ما في الحياة ، تكون اتلبست أو على وشك تتلبس ، لأن اللي بتحكيه دة لا يمكن يكون كله مجرد خيال ومحصلش فعلاً ، وبالتالي لازم يكون فيه اجراء يتعمل ، بس هو إيه ؟؟؟
– طيب بصي يا شيرين ، أنا مش عاوزاكي تروحي الأتيليه اليومين دول ، لغاية ما نتصرف
– إزاي يا ملك ، والشغل ؟ ونتصرف دي اللي هي إزاي ؟
– لآخر الأسبوع مش مشكلة يا شيرين ، وهقولك هنعمل إيه ، المهم متروحيش ومتحكيش لبابا وماما
– لا طبعاً ، بابا وماما إيه ، مينفعش احكيلهم حاجة زي دي
– تمام وأنا هعدي عليكي بعد المكتب كل يوم ، ولغاية الجمعة ربنا يحلها
– ماشي
على مدار تلات أيام ، ملك كانت بتعمل حاجتين مفيش غيرهم ، الصبح اتصالات علشان موضوع شيرين ، وبالليل بتروحلها تقعد معاها في البيت ساعتين تلاتة وتروح ، ملك طبعاً صدقت شيرين في كل كلمة قالتها ، وعلشان كدة وفي الأصل علشان دي صاحبة عمرها وأقرب واحدة ليها في الدنيا ، ابتدت تتحرك ، وبالفعل ملك لما فكرت وركزت قدرت تمسك طرف الخيط …
– صباح الخير
– صباح النور
– عاوزة أقابل السير هيلانة
– مين حضرتك ؟
– أنا ملك القاضي ، خريجة المدرسة وصديقتها
مدرسة سانت جان أنتيد أو معهد الراهبة جان أنتيد توريه ، واحدة من أعرق المدارس في اسكندرية ، اتأسست سنة ١٩٣٤ في الشاطبي ، تحديدا نمرة واحد شارع افلاطون ، وهي دي المدرسة اللي اتخرجت منها شيرين وملك وقضوا فيها اجمل سنين عمرهم من الروضة للثانوية العامة …
– ملك
– هيلانة حبيبتي
– وحشتيني ، فين شيرين ، مجاتش معاكي ليه ؟ وحشتوني جداً
ماري جرجس صاروفيم أو السير هيلانة أو الراهبة هيلانة (اسم الرهبنة) ، الصديقة التالتة لملك وشيرين طول فترة دراستهم في المدرسة ، واللي اترهبنت بعد ما اخدت الثانوية العامة ، واستقرت في سكن راهبات وكنيسة المدرسة …
– أنا جيالك علشان شيرين
– علشان شيرين ؟ مالها شيرين ؟ قلقتيني
ملك حكيت لهيلانة كل حاجة حصلت مع شيرين بالتفصيل ووصفت ليها شكل الموقف بالكامل والتماثيل المتحولة ، وبررت ليها هي ليه جايالها مخصوص
– انا فكرت فيكي يا هيلانة علشان تدليني على حد متخصص في الأمور دي لأني ربطت اللي حكيته شيرين بموقف نبش المدافن اللي حصل في نفس الوقت ، وانتي عارفة إن المدافن دي مدافن بطالمة ، يعني إغريق وما بعدهم من رومان وهكذا لغاية بداية الكنيسة بعد الميلاد ، وانا قريت كتير عن حاجات زي كدة
– أيوة فاهماكي ، طيب الأول طمنيني على شيرين
– متقلقيش ، شيرين كويسة جداً ، انا خليتها تقعد في البيت اليومين دول ، تريح اعصابها وبعد بكرة السبت ، انا واثقة إنها هتنزل الأتيليه ، علشان كدة قولت أجيلك الخميس بدري ، نشوف هنعمل إيه
– تقدري تروحي دير مارمينا دلوقتي ؟
– اللي في برج العرب ؟
– أيوة
– أروح طبعاً
– كويس ، أنا هكلم السير دميانة ، وهتكون مستنياكي ، وهي هتتصرف ، وطبعاً هتحكيلها بالتفصيل ، واللي هتقولك عليه اعمليه وانتي متطمنة ، وكأنك بتتكلمي معايا ، هي أمي الروحية
– ربنا يخليكي يا هيلانة ، متحرمش منك
– طمنيني يا ملك ، وبعد ما الموضوع دة يخلص ، هاتيلي شيرين وتعالوا قضوا معايا اليوم ، انتوا مجيتوش من زمان
– حاضر ، صليلها
– اتطمني
الساعة كانت عشرة الصبح لما ملك خرجت من المدرسة علشان تروح الدير في برج العرب ، وبعد ساعة تقريباً ، ملك كانت قاعدة مع السير دميانة …
– هيلانة دي بنتي اللي مخلفتهاش ، ومعنى إنها كلمتني عليكي ، فإنتي زييها
السير دميانة ، مصرية يونانية ، ستينية العمر ، حاجة كدة ملائكية ، بمجرد ما عينك توقع عليها تحس براحة روحانية غريبة ، ومع أجواء الدير وصوتها العذب ، إنت مش عاوز حاجة أكتر من إنك تفضل قاعد أودامها تبصلها وتسمعها
ملك ابتدت تحكي للسير دميانة نفس التفاصيل اللي حكيتها لهيلانة ، وهي ساكتة منصتة مركزة ، لغاية ما خلصت
– الساعة كانت في حدود كام لما النور قطع وقت المطر ؟
– شيرين قالتلي إنها كانت في حدود تسعة ونص
– والصبح لما دخلت الأتيليه وشافت التماثيل ؟
– كانت تسعة ونص تقريباً ، دة ميعادها المعتاد وكمان هي لما كلمتني كانت في حدود عشرة الا حاجة بسيطة
– انتي قولتي ان الكلام دة حصل يوم الاتنين اللي فات صح ؟
– اه مظبوط ، أول أول امبارح
– شيرين تعرف انتي هتتصرفي ازاي ؟
– لا ، انا لسة مقولتلهاش حاجة
– ومتقوليلهاش لغاية ما أقولك
– حاضر
– معاكي مفتاح الأتيليه ؟
– أه معايا نسخة منه
– كويس
– ركزي كويس في اللي هقولهولك
على مدار ساعة تقريباً ، ملك بتسمع اللي بتقولها عليه السير دميانة بكل تركيز
– إيه دة ؟ يعني حضرتك تقصدي إننا …
– بالظبط
– دة معناه إننا لازم نتحرك
– دلوقتي
بعد تلت ساعة تقريباً جهزت خلالهم السير دميانة شنطة فيها مجموعة من الأدوات اللي كان من الواضح إنها تقيلة ، واتحركوا من الدير …
لما وصلوا الشاطبي ، ملك ركنت عربيتها اودام العمارة اللي فيها الأتيليه ، ولما نزلوا من العربية ، ملك لاحظت تغيير في ملامح السير دميانة ، وكأنها حست بحاجة مش مظبوطة في الأجواء اللي حواليها
– فيه إيه يا سير دميانة ؟
– وكأنهم حواليا
ملك بصتلها باستغراب ، وخافت تكمل أسئلة علشان تطور الإجابات اللي ممكن يخلي القلق عندها يتحول لفزع ودة مش مطلوب نهائي دلوقتي
– تعالي اتفضلي ، المدخل من هنا
لما ملك والسير دميانة وصلوا لباب الأتيليه وقبل ما ملك تفتح الباب ، السير دميانة طلعت من شنطتها صليب خشبي عتيق وغريب الشكل وكأنه مصنوع لغرض خاص ، ومسكته بإيدها اليمين أودامها وتحت رقبتها باتجاه الباب ، وابتدت تمتم بعبارات غالباً باللغة القبطية القديمة ، ومع أول زاوية رؤية لملك لما فتحت باب الأتيليه ، شهقت شهقة اعتقد إنها سببتلها ألم في صدرها من قوتها ، ومع نبضة القلب المميزة والمصاحبة لحالة الفزع المفاجئ ، ملك اتسمرت مكانها وكأنها اتحولت لتمثال ، خليت السير دميانة زقتها بسرعة لجوا علشان متتراجعش من الخضة وتقفل الباب تاني ، ومع دخولهم الأتيليه اكتشفت السير دميانة سبب موقف ملك المفاجئ …
التماثيل الخمسة كانوا في الصالة اللي في وش الباب ، ودة مش مكانهم الطبيعي اللي كانوا محطوطين فيه ، وتقريباً كانوا في أوضاع مشابهة للي شافتها شيرين ، واللي بالرغم من إن ملك فعلاً صدقت إنها شافتهم بأوضاع مختلفة ، الا إن تأثير السمع حاجة وتأثير الرؤية حاجة تانية خالص ، بس اللي فعلاً كان سبب لفزع ملك الحقيقي ، إنها بمجرد ما فتحت الباب لمحت حركة في التماثيل استغرقت تقريباً أقل من ثانية …
ويبدو كدة إن التماثيل فعلا كانت بتتحرك ومع فتح الباب ثبتت
– قوليلي يا ملك ، شوفتي إيه
– التماثيل كانت بتتحرك وأول ما عيني جات عليهم ثبتوا
– متأكدة ؟
– أيوة ، التماثيل أصلاً مكانها مش هنا ، في الصالة التانية ، ومش دي الأوضاع اللي وصفتهالي شيرين واللي انا قولتلك عليها ، وكمان لما طلعت معاها كانت كل حاجة مكانها
– وارد شيرين تكون جات وحركتهم ؟
– مستحيل ، شيرين مجاتش الأتيليه من يومها ولو كانت جات كانت قالتلي ، كمان التماثيل تقيلة ، متقدرش تحركهم لوحدها
شكل التماثيل كان مقارب لوصف شيرين اللي نقلته عنها ملك للسير دميانة ، ومع احساسها ، السير دميانة استشعرت حقيقة الحدث ، بس كان لازم تعرف السبب اللي خلى مجموعة من الأرواح تسكن التماثيل قبل ما تبتدي تاخد أي إجراء
– تعالي ساعديني يا ملك
قالتها وهي بتفتح الشنطة وتتطلع منها مجموعة كبيرة من السلاسل المعدنية زي اللي بتتلف حوالين البوابات الحديد الكبيرة وبتتقفل بأقفال ضخمة وطلعت كمان عدد من الاقفال القديمة اللي بتتفتح بمفاتيح طويلة
– افردي السلاسل يا ملك ، كل واحدة لوحدها
طلعت كمان مجموعة من الصلبان المعدنية واعتقد من شكلها كدة إنها مصنوعة من الفضة ، وكل صليب كان فيه من فوق خطاف …
السير دميانة حطت اودام كل سلسلة قفلين وصليب ورجعت ملك وراها ووقفت في مواجهة التماثيل وفي إيديها الصليب الخشب وابتدت تتمتم بعبارات خاصة وبصوت اقرب للهمس لمدة دقيقتين مثلا …
– ياللا يا ملك ساعديني مفيش وقت
ملك بصتلها بذهول ويمكن كمان برعب …
– هنعمل إيه ؟
– هنربط التماثيل بالسلاسل
– إيه دة ، ليه ؟
– ياللا يا ملك مفيش وقت ، هنلف السلسلة من تحت لفوق حوالين التمثال كله
– ماشي
ساعة تقريباً مرت عليهم لغاية ما خلصوا ، التماثيل حرفياً اتسلسلت بشكل احترافي ، وكل تمثال كان في سلسلته قفلين ، واحد من تحت وواحد من فوق ، منظر لما تشوفه هيجيلك بدون شك إحساس بالقيود والخنقة ، أنا شخصياً مقدرتش استحمل المنظر وكان لازم أخرج اشرب سيجارة وآخد شهيق كبير …
بعد ما خلصوا ، السير دميانة علقت على صدر كل تمثال صليب ، وتحديداً فوق مكان القلب الافتراضي …
– الساعة دلوقتي تلاتة يا ملك ، الساعة تسعة لازم نكون هنا احنا التلاتة
– التلاتة مين ؟
– أنا وانتي وشيرين
– شيرين ؟ ليه ؟
– هي مُنشِأة كيان المضيف
– إيه ؟ مش فاهمة
– كيان المضيف دة اللي هو التمثال وهي اللي بنيته وبالتالي لازم تكون موجودة
– طيب هقولها إيه ؟
– قوليلها إنك حكيتي لهيلانة وإنها هتكون موجودة وعاوزاها
– وهيلانة هتكون موجودة فعلا ؟
– أيوة ، احنا هننزل دلوقتي نروحلها المدرسة
في خلال نص ساعة تقريبا ، كانوا قاعدين مع هيلانة في المدرسة بيحكولها الموقف كله ، أو تحديداً السير دميانة اللي كانت بتحكي …
– إنتي تعرفي في الحاجات دي يا هيلانة ؟
– طبعاً يا ملك ، مش قولتلك السير دميانة دي أمي الروحية ، علمتني كل حاجة
– دلوقتي يا ملك إنتي هتروحي لشيرين تجيبهالي وتيجي على هنا ، متروحوش الأتيليه ، نتغدا سوا ونقعد معاها أنا والسير دميانة ونقولها
– ماشي ، ساعة زمن بالكتير وهنكون هنا
– متتأخريش علشان الوقت ضيق
– حاضر ، متقلقيش
على الساعة خمسة ونص تقريباً ملك وشيرين كانوا قاعدين مع السير دميانة وهيلانة في غرفتها الخاصة في سكن الراهبات في المدرسة …
– وحشتيني أوي يا شيرين
– إنتي جداً يا هيلانة
– ألف سلامة عليكي يا حبيبتي
– الله يسلمك يا رب ، اتطمني أنا قردة
– طيب ، دلوقتي يا شيرين أنا والسير دميانة عاوزين نتكلم معاكي بخصوص اللي حصل في الأتيليه
– عاوزاكي يا شيرين تحكيلي بالتفصيل اللي حصل من وقت ما دخلتي الأتيليه الحد بالليل لغاية ما روحتي البيت ، واللي شوفتيه لما دخلتي يوم الاتنين الصبح
على مدار ساعة تقريباً شيرين حكت بالتفصيل اللي حصل معاها الحد بالليل والاتنين الصبح ، هيلانة والسير دميانة منتبهين وبيسمعوها بكل تركيز …
– طيب قوليلي ، من يوم الاتنين بالليل ، حلمتي بأي حاجة مش معتادة ؟ حسيتي بأي حاجة غريبة صحتك من النوم ؟ فيه أي علامات في جسمك ؟ أي حاجة حصلت انتي مش متعودة عليها ؟
– لا خالص يا سير دميانة ، مفيش حاجة حصلت لفتت نظري نهائي ، مش فاكرة أصلاً إني حلمت خلال اليومين دول
– طيب ، دي حاجة كويسة
– هو فيه إيه بالظبط ؟ أنا مش فاهمة حاجة ، وبقيت خايفة أروح الأتيليه تاني
– بصي يا شيرين ، مبدئياً لازم تعرفي إنك في وضع خطير ، لأنك زي ما قولت لملك إنتي مُنشِأة المضيف ، يعني إنتي مطلوبة للمزيد
– أنا مش فاهمة حاجة
– الناس اللي كانوا بينبشوا مدافن الشاطبي ، يبدو إنهم وبصورة شبه أكيدة وبدون ما يعرفوا طبعاً ، فتحوا بوابة بين العالمين ، وهي البوابة الوحيدة من نوعها ، بين عالمنا والعالم التاني ، البوابة دي دايما بتتنقل لأقرب أماكن بتتوفر فيها أو حواليها مضيفين
– يعني إيه مضيفين ؟
– يعني كيانات يستقر فيها اللي هيخرج من البوابة دي
– اللي هو أو هم مين يعني ؟
– قبيلة الحجريين ، قبيلة من الجن منفية من آلاف السنين لجؤوا للبوابة دي بعد محاولات كتيرة للرجوع من المنفى بدون فايدة ، فبدأوا يخرجوا منها لعالمنا ، بس اللي محجمهم إن البوابة دي لازم تتفتح من ناحيتنا ، ولما بتتفتح بتتقفل بعد ثواني ، ودة سبب عدم خروجهم كل السنين دي ، لأن مفيش حد يعرفها ولا يعرف يوصلها ، واللي حصل دة حصل بالصدفة البحتة
– طيب أنا في خطر ليه ؟
– لأنك بتصنعي تماثيل من الحجر ، اللي هو المضيف المناسب ليهم في عالمنا ، وبالتالي إنتي ممكن تطلعيهم كلهم ، بعد ما اللي خرجوا يدلوكي على مكان البوابة علشان تفتحيها ، وكمان علشان تعملي تماثيل تستضيفهم كلهم ، ودة مربط الفرس ، أو نقطة الخطر
طبعاً شيرين وملك بيسمعوا الكلام دة وعلى وشوشهم أعتى آيات الرعب الممزوج بالذهول ، لدرجة إن ملك كانت بتترعش وشيرين وشها كان أصفر من شدة غرابة اللي بتسمعه
– طيب والحل ؟ أنا لا يمكن اعمل كدة ، أنا هموت من الرعب لمجرد إني بسمع
– إنتي مش هتعملي كدة ، ومفيش غير حل واحد ، بس هيتطلب منك تضحية
– تضحية ؟ مش فاهمة ؟
– التضحية إنك مش هتنحتي تماثيل لبشر بالأحجام الطبيعية تاني للأبد ، وأنا قولت تضحية لأن ملك فهمتني إن الموضوع دة بالنسبالك هو متعة حياتك ، والحل الوحيد إن التماثيل دي تتدمر بس هيموتوا جواها ، ودة هيخلق عداء أبدي بينك وبين القبيلة دي ، بس البوابة هتبقى العائق الوحيد للوصول ليكي
طبعاً يا عزيزي/عزيزتي بعد الحوار اللي دار بينهم دة ، نقدر نتخيل كلنا الموقف والوضع الحرج اللي شيرين فيه ، وبالتالي رد فعلها بالنسبة للكلام اللي اتقال ، لكن المتوقع مش دايماً بيكون صحيح ، دة ممكن كمان يكون مختلف كلياً عن المنطق …
بعد عشر دقايق من الصمت التام والتفكير العميق وانتظار رد فعل شيرين ، نطقت
– هم عاوزين يطلعوا ليه تحديداً يا سير دميانة ؟
– هم عاوزين يعيشوا مش أكتر ، واللي خرجوا دول عبارة عن أسرة كاملة
– بس دول فيهم واحد بيقتل واحدة
– لا هو بينقذها من اللي حاول يقتلها وهو بيحاول يخرج مكانها من البوابة
– وإيه حجم الأذى اللي يممكن يسببوه ليا ؟
– هم مش هيسببولك إنتي بالذات أي أذى ، لأنك بالبلدي كدة صاحبة الفضل ، وبالتالي مش هيأذوا حد منك على الأقل أو تبعك يعني ، وفي العموم هم مش مؤذيين ، زي ما قولتلك هم عاوزين يعيشوا ، زي ما كتير منهم عايش بيننا
– مفيش حد هيموت
جملة من تلات كلمات قالتها شيرين بمنتهى الثبات ، رنت في الأوضة ووقعت على مسامع السير دميانة وهيلانة وملك ، وكأنها … مش عارف اتخيل الوصف
– يعني إيه يا شيرين
– يعني أنا هحتفظ بيهم يا سير دميانة ، بشروطي
طبعاً الكلام اللي بتقوله شيرين كان منتهى الغرابة للي بيسمعوه ، أنا شخصياً مش مستوعبه
– إنتي عارفة اللي بتقوليه دة معناه إيه ؟
– عارفة كويس جداً ، دي أرواح يا سير دميانة ربنا خلقها ، وأنا مش هقتلها ، وطالما زي ما بتقولي مش مؤذيين وعاوزيين بس يعيشوا ، فهم هيعيشوا معايا في تماثيلي ، بشرط إني لا هفتح بوابات ولا هنحت تماثيل تاني
– شيرين إنتي بتقولي إيه ؟
– زي ما سمعتي كدة يا هيلانة ، أنا مش هقتل حد ولا هتسبب في قتل روح ، دة قراري ومش هيتغيير
– شيرين يا بنتي إنتي مستوعبة اللي بتقوليه ؟
– جداً يا سير دميانة ، مستوعبة ومقتنعة
– شيرين إيه الجنون اللي بتقوليه دة
– مش جنون يا ملك ، أنا عارفة أنا بقول إيه ودة موضوع منتهي
– مش هقدر اقولك حاجة يا شيرين ، دة قرارك ولكن ، إحنا الأربعة بس اللي مينفعش يخرج برانا الموضوع دة تحت أي مسمى ، والا هتبقى كارثة هتحل على اللي هيحكي عنه
– متقلقيش يا سير دميانة ، اعتبري ملك وهيلانة هم أنا ، وطبعاً إنتي عارفة هيلانة وأنا أضمنلك ملك
– أنا قلقانة عليكم ، اللي هيحكي هيموت
– اتطمني ، هنعمل إيه دلوقتي ؟ الساعة سبعة
– هنروح الأتيليه ، الساعة تسعة وربع هيبقى مجال التواصل مفتوح ، هتقولي شروطك وتسمعي الرد
– أنا مش هروح معاكم ، أنا مرعوبة
– خليكي هنا يا ملك لغاية ما نخلص ونرجعلك
– شيرين فكري كويس
– فكرت يا ملك وقررت خلاص
الساعة تسعة دخلت شيرين الأتيليه ومعاها هيلانة والسير دميانة ، اللي طلعت صليبها الخشب من الشنطة علشان تستعد لجلسة الحضور ، وتنقل شروط شيرين للأسرة وتسمع ردهم …
مع وصول عقرب الدقايق للدقيقة ١٥ بدأت الأحوال تتغير ، رجة عنيفة في الأتيليه ، كهربا متقطعة ، صوت الرعد المكتوم ، وابتدت السير دميانة بصوت عالي نسبياً بس بهدوء تردد مجموعة من العبارات القبطية ، ومع تكرار مجموعة منها بدأت الأمور تستقر والتماثيل تتحرك حركة تكاد تكون ملحوظة كل خمس ست ثواني الحركة تظهر ثانية
– أيتها الأسرة القادمة من منفى العالم الآخر إلى عالمنا عبر البوابة المحرمة ، أناديكم لا أنوي على شر بكم ، تأمركم مضيفتكم بالسلام والسكينة ، فإن امتثلتم فلسوف تسمح لكم بأن تعيشوا داخل كياناتها غير عائدين أو مستقدِمين ، وإن كان الرفض ، كانت النهاية الأبدية ، وإن كان الامتثال كان العهد
صمت مهيب ، عيون معلقة ، آذان مصغية ، قلوب تكاد تسمع نبضاتها ، رجفات داخلية مدوية ، وفي مفاجأة تفوق الخيال ، صدر الصوت المعدني المهيب …
– مارجنيوس وأكابيل وسيبافون وتوريفاز وليساتور ، نمتثل لآمرتنا ومنا العهد
السير دميانة بصت لشيرين وعلى وشها شبح ابتسامة فشيرين هزت راسها بمعنى موافقة ، اتحركت السير دميانة ومعاها هيلانة وابتدوا يفكوا السلاسل من على التماثيل ويشيلوا الصلبان الفضة ، ومع كل سلسلة كانت بتتشال من على تمثال ، شيرين كانت بتلاحظ طيف ابتسامة ارتياح على ملامحه ، وكانت بتبتسم
بعد ما السير دميانة وهيلانة خلصوا ، كانت المفاجأة التانية اللي متقلش خيال عن اللي قبلها ، التماثيل في تناغم عجيب وبمنتهى الهدوء ، وجهوا نفسهم اتجاه شيرين وابتدوا ياخدوا وضع العهد ، نزلوا على ركبة واحدة وايديهم اودام وشهم زي كدة ما كان الرومان مثلا بينزلوا للملك لما بيدخل القاعة ، وفي صوت معدني قوي كلهم نطقوا في وقت واحد … العهد لآمرتنا بالسلام والامتثال
القصة خلصت وليكم حرية تخيل حياة شيرين بعد كدة في ظل أصدقاءها الجداد
خلوا بالكم من التماثيل اللي عندكم في البيوت ، لأنها بتتسكن من العالم الآخر J
انتهت
رعب نص الليل ..فيلم آتوك الملعون
فضلاً عن التناسق الرهيب بين الشخصيات و الافكار في القصة.. ختام القصة بمشهد العهد اسطوري … ابداع الكاتب 👏🏻👏🏻
سلمت يداك كاتبنا الكبير 👍👍🌸🌸
إلي مزيد من التقدم والنجاح أن شاء الله
سلمت يداك كاتبنا الكبير 👍👍🌸🌸
إلي مزيد من التقدم والنجاح أن شاء الله
قصه رائعه واحداث شيقه ونهايه غير متوقع من كاتب متميز و قلم جرئ
شابووووو للمبدع ” احمد الشمندى “