الدفاع العربي وأرض الصومال.. هل يقف حائلا أمام مطامع إثيوبيا؟
الدفاع العربي وأرض الصومال.. تناول الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال مباحثاته مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، الاتفاق بين أرض الصومال وإثيوبيا لتأمين ميناء على البحر الأحمر. وأوضح الرئيس السيسي، في مؤتمر صحفي بقصر الاتحادية، أن مصر عبرت عن موقفها من هذا الأمر من خلال بيان لوزارة الخارجية. ويرفض البيان أي تدخل في شؤون الصومال، أو المساس بوحدته واستقلاله وأراضيه. كما ترفض مصر الاتفاق بين أرض الصومال وإثيوبيا.
ونشأت التوترات بين الصومال وإثيوبيا بعد توقيع مذكرة تفاهم بين أديس أبابا وأرض الصومال في أوائل يناير. وتسمح هذه الاتفاقية لإثيوبيا باستخدام أحد موانئ الصومال لأغراض تجارية.
استقلال الصومال
في 9 يناير/كانون الثاني، ألقى الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود خطاباً أمام مسؤولي الحكومة الصومالية في مقديشو، مشيراً إلى أن تصرفات إثيوبيا انتهكت استقلال الصومال وسيادته. وتعهد بأن الصومال لن يتخلى عن أي من أراضيه أو بحره لإثيوبيا.
أرض الصومال: رحلة تحول من الاحتلال إلى الاستقلال إلى الانفصال
تحتل أرض الصومال المكانة الفريدة على ساحل خليج عدن، حيث تشكلت كمحمية بريطانية، ومن ثم حصلت على استقلالها عام 1960، لتندمج بعدها مع الصومال التي كانت تحت الاحتلال الإيطالي لتشكل جمهورية الصومال.
وفي عام 1991، خرجت أرض الصومال من ظل جمهورية الصومال بعد الإطاحة بالرئيس الصومالي السابق سياد بري، وأعلنت استقلالها. ورغم عدم الاعتراف الدولي بها، إلا أنها تتميز بنظام سياسي ومؤسسات حكومية وقوة شرطة وعملة خاصة بها.
تسوية جدلية للوصول إلى المحيط الأحمر
تُمنح إثيوبيا بموجب الاتفاقية حق استئجار 20 كيلومترًا (شريط ساحلي) حول ميناء بربرة على خليج عدن لمدة 50 عامًا. ويسمح هذا الاتفاق لإثيوبيا، الدولة غير الساحلية، بالوصول إلى البحر الأحمر وقناة السويس، مما يعزز قدرتها على التجارة البحرية ويفتح الباب أمامها للوصول إلى أوروبا. مع وعد أثيوبي بالسعي للاعتراف بأرض الصومال كدولة مستقلة. ويبرز هذا الاتفاق تسوية جدلية تهدف إلى تعزيز التعاون الإقليمي وتوسيع الفرص الاقتصادية، ولكنه أيضًا يولد تساؤلات حول تأثيره على العلاقات الإقليمية وتمركز القوى العسكرية على الساحل الأحمر.
مذكرة تفاهم أعطت من لا يملك ما لا يستحق
أثار توقيع أديس أبابا مذكرة تفاهم مع أرض الصومال في بداية يناير الحالي انتقادات وتساؤلات حول التأثير على العلاقات بين البلدين.
وأعلنت الحكومة الصومالية رفضها التام لاتفاق استئجار أراضي في ميناء بربرة لصالح إثيوبيا. ووصف الرئيس حسن شيخ محمود الاتفاق بأنه «انتهاك غير مشروع» للسيادة الصومالية، مؤكدًا أن أي محاولة للاستيلاء على أراضيها ستكون غير مقبولة.
وقامت مقديشو باتخاذ إجراءات قوية من خلال استدعاء سفيرها لدى إثيوبيا للتشاور، في خطوة تعبر عن استنكار قوي للاتفاق. وفي تصعيد إضافي، وقع الرئيس الصومالي قانونًا يلغي الاتفاق، مؤكدًا عزم الصومال على الدفاع عن سيادتها وأراضيها.
وتعهد الرئيس الصومالي بحماية سيادة الصومال وأراضيها، معبرًا عن رفضه لأي مساس بالحدود البحرية والأراضي الصومالية. يظهر هذا التوتر الأخير كعلامة على تزايد التحديات في المنطقة والصراعات الجيوسياسية المعقدة التي من شأنها أن تعيد تشكيل العلاقات على الساحة الدولية.
ويأتي اختيار آبي أحمد لهذا التوقيت نتيجة للأوضاع الجارية والانشغال العالم بالمواجهات مع الحوثي في البحر الأحمر، واستمرار حرب غزة، وتوسيع رقعة الصراع في المنطقة، لفرض حصوله على منفذ بالبحر الأحمر كأمر واقع دون مواجهات.
ولعل قرار آبي أحمد باستكشاف الصومال كمشروع جديد تأثر بفشله في الاستيلاء على ميناء عصب الاستراتيجي في إريتريا. والذي كان له أهمية تاريخية كبيرة بالنسبة لإثيوبيا قبل أن تحصل إريتريا على استقلالها في عام 1993. ونتيجة لذلك، يبحث أحمد الآن عن بديل يسهل الوصول إليه.
مصر ترفض بحزم: الصومال دولة عربية ولها حقوق
رفضت مصر بحزم الاتفاق الإثيوبي مع «أرض الصومال»، مؤكدة أن الصومال هي دولة عربية ولها حقوق واضحة طبقًا لميثاق الجامعة العربية. وأعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في مؤتمر صحافي أن مصر لن تسمح لأحد بتهديد الصومال أو المساس بأمنها.
وأشارت أصابع التهديد في حديثه إلى إثيوبيا حيث أكد على أنه لا أحد يجرؤ على الاقتراب من مصر أو من أشقائها ، خاصة إذا كان أشقاؤها طلبوا منها الوقوف معهم، هذا الرفض الحازم يعكس التصميم المصري على حماية حقوق الدول العربية وضمان أمان المنطقة.
توترات في مدخل البحر الأحمر ومفاوضات سد النهضة تتزامن
تتزامن التوترات الحالية في مدخل البحر الأحمر مع انقضاء آخر جولات المفاوضات بشأن سد النهضة الإثيوبي، التي أُقيمت في أديس أبابا الشهر الماضي دون تحقيق اتفاق. أعلنت وزارة الري المصرية أن مصر ستراقب عن كثب عملية ملء وتشغيل السد، وتحتفظ بحقها في الدفاع عن أمنها المائي والقومي في حال تعرضه للضرر، وفقًا للمواثيق الدولية.
ما هو اتفاق الدفاع العربي المشترك؟
في عام 1950، نسجت العواصم العربية خيوط اتفاقية الدفاع العربي المشترك بلغة القوة والتضامن. وقعت سبع دول هي مصر، الأردن، سوريا، العراق، السعودية، لبنان، واليمن، على هذه الاتفاقية، في قلب هذا الاتفاق، رسموا ملامح درعهم الذي يحمي الوطن ويعزز الأمان.
ومع مرور الزمن، امتدت أذرع الاتفاقية لتشمل باقي الأخوة العرب، مثل نغمة واحدة تتلاحم لتحقيق السلام والاستقرار. وبين بنودها الثلاثة عشر، تتجسد الوحدة والقوة، حيث يُعتبر أي تهديد على إحدى الدول تحديًا يواجه الجميع.
وتخلص هذه البنود من الاتفاقية إلى أن أي هجوم على دولة موقعة على البروتوكول يعتبر انتهاكا صريحا لباقي الدول الموقعة على البروتوكول، وأن أي عدوان على أي دولة موقعة على البروتوكول يعتبر عدوانًا على الدول الأخرى.
وتعتبر الدول المتعاقدة كل هجوم مسلح يحدث ضد أي دولة أو أكثر أو قواتها بمثابة هجوم ضدها جميعا، وفقا للحكم الثاني من المعاهدة. وعليهم إذن أن يبذلوا الجهد في تقديم المساعدة بما يتوافق مع حق كيانهم في الدفاع المشروع، فردياً وجماعياً. ويجب على الدولة أو الدول التي تعرضت للغزو أن تتحرك بسرعة لرد العدوان واستعادة الأمن والسلام باتخاذ كافة الخطوات المتاحة، منفردة وجماعية، وباستخدام كافة الأساليب المتاحة، بما في ذلك استخدام القوة المسلحة.
وفي 29 مارس 2015، اتخذت جامعة الدول العربية خطوة جريئة نحو تعزيز الأمن القومي العربي بقرار يقضي بإنشاء قوة عربية مشتركة، وذلك بناءً على فكرة رئيس الجمهورية المصرية عبدالفتاح السيسي. وتمت الموافقة على هذه الفكرة التاريخية من خلال قرار رقم 628 الصادر عن مجلس جامعة الدول العربية.
وتم إعداد بروتوكول مكتوب يتألف من 12 مادة، يحدد تعريفًا شاملاً ويوضح بوضوح مهام القوة العربية المشتركة. وفي المادة الثانية من هذا البروتوكول، تم تحديد مهام حيوية لهذه القوة تتضمن:
التدخل العسكري السريع
- لمواجهة التحديات والتهديدات الإرهابية التي تشكل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي العربي.
مشاركة في عمليات حفظ السلم والأمن
- لمنع نشوب النزاعات المسلحة.
- لتثبيت سريان وقف إطلاق النار واتفاقيات السلام.
- لمساعدة الدول الأعضاء على استعادة وبناء وتجهيز قدراتها العسكرية والأمنية.
تأمين عمليات الإغاثة والمساعدات الإنسانية
- حماية المدنيين في حالات الطوارئ الناجمة عن نزاعات مسلحة أو كوارث طبيعية.
- حماية وتأمين خطوط المواصلات بغرض صيانة الأمن القومي العربي.
- مكافحة أعمال القرصنة والإرهاب، وتنفيذ عمليات البحث والإنقاذ.
إذا ما علاقة هذه الاتفاقية بأزمة الصومال؟
في سياق البيان الذي أدلى به الرئيس السيسي، والذي أكد من خلاله على عدم تسامح مصر أو تهاونها إزاء أي تهديد أمني يمس سيادة وسلامة الصومال. أكد أن مصر لن تقف مكتوفة الأيدي في حال تعرضت الصومال لتهديد، مؤكداً حق الصومال في الدفاع المشترك وفقًا لأحكام ميثاق الجامعة العربية.
وبموجب هذه الاتفاقية، تلتزم الدول الأعضاء بالتعاون في مواجهة التحديات الأمنية المشتركة، سواء كانت تلك التحديات ناتجة عن التهديدات الإرهابية، الأزمات الإنسانية، أو أي تهديد آخر يمكن أن يؤثر على الأمان والاستقرار في المنطقة العربية.