
الزار “زار و فتح مندل، وعايزين طفلة تشوف المندل و بأمر الله الغمه تنزاح ويتم المراد”
الشيخ العارف هو اللي قال الكلام ده لأمي لما راحت له عشان تعرف مين اللي سرق الغوايش الدهب بتاعتها، أنا كنت وقتها عندي ١٠ سنين و فاكره كل إلي حصل.
الشيخ العارف
ده راجل أربعيني المفروض أنه مؤمن و بيعالج بالقرآن بس هو مكنش كده و كان بيلبس حاجات غريبه، جلابية زرقا و عليها سبح كتير و عمامة سوداء وسطها طاقية زرقاء وعليها سبح بردو ملامحه و نظراته غير مريحة.
وبيقول حاجات غريبة لما بيجي يرقيني ولا يرقي حد من أخواتي، دايما كان بابا لزم يتخانق مع ماما بسبب الشيخ ده، لأن أمي كانت مؤمنة أنه شيخ مبروك و لزم يجي زيارة شهريه لبيتنا عشان يتأكد أن مفيهوش عفاريت.
افتكر اخر خناقه بين بابا و ماما قبل وفاه بابا بأسبوع لما قالها ” تاني يا سنيه…تاني انا مش قلت ده جهل و خرافات و حلفت عليكي بالطلاق كذه مرة و كنتي بتخليني اصوم عشان مزعلكيش بس دا دجال ولا هو شيخ ولا نيله.
هي ردت عليه ” يا فتحي يا حبيبي ده شيخ مبروك مش فاكر لما فاتن كانت محسودة من قريبتك أم عين يدب فيا رصاصه و هو جه عمل رقيه علي البيت و عليها وبقت كويسة، مبروك صدقني بس أنت اللي حاطه في دماغك “.
في الحقيقه بابا استحمل ماما كتير و حفلات الزار اللي كانت بتعملها في الدور اللي تحت في بيتنا، بعد الحوار الأخير بينه و بين ماما تعب و فضل أسبوع في المستشفي وتوفي بعدها.
حلقات الزار وقفت لمده ٣ شهور، لكن أمي لسه فاكره أنها عايزة تعرف مين اللي سرق دهبها، كلمت ستات الشارع و عرفتهم أن الزار هيرجع في بيتنا كل شهر زي زمان.
الزار
جه وقت الزار، أمي و الشغالة كانوا بيفضوا الدور اللي تحت اللي كان فيه بس مجرد صالون و سفرة و أوضة للضيوف، بيلموا العفش كله علي بعضه و يجيبوا كراسي تترص عشان الناس اللي هتيجي.
و تيجي (الكديه) أو (عريفة السكة) دي الست المختصة بالزار و معاها فرقتها بالضفوف، علي حسب كلامها كل عفريت و ليه طريقه في صرفه، حسب هو منين وبيشتغل ايه، وايه اللي جابه هنا و جاي يضر حد ولا بيلاعب أهل الدار، وهل هو مُسلط ولا لا.
بيحطوا في وسط الصاله كرسي و عليه قماش بتحدد لونه عريفه السكه وورد و حوله بخور و شموع، وطبعا للأسياد طلبات، كل جن بيطلب الحاجه اللي بيحبها، و المرة دي كان مطلوب عقيق احمر، وخروف وديك رومي.
بيتحطوا متكتفين وسط الدايرة، و بتيجي كل ست في الحارة تساعد في التوضيب و تجهيز اليوم، اللي بتبقي حاسه أنها محسوده ولا ملبوسه بتيجي و تدفع فلوس ل (عريفه السكه)و هي بتقسمها مع (الشيخ العارف)، ده غير الطلبات التانيه زي أنها تلبس لون معين أو تجيب دهب ،عقيق، فراخ، ديوك وما شابه ذلك.
وقت الزار
بعد صلاه العشاء اجتمعت كل الستات و جه الشيخ العارف و معاه الست الوسيطة ( دي بتبقي الوسيط بين الجن و الملبوسين هي اللي بتلف ورا الست الملبوسه )، و ابتدوا يطبلوا بالدفوف و الأغاني الغريبة التراثية و يقللوا الإضاءة.
يلفوا في الدايرة حول الكرسي و يرقصوا بشكل متناسق بتطويح أيديهم يمين و شمال لفوق و هما بيلفوا و يفضل يعلي نمط الرقص و نمط الغنا و تمتمات تعاويذ و الجو يتملي دخان من البخور والشموع و يبقي الجو سخن جداً خانق.
لحد ما الملبوسه يغم عليها، و يجي دور عريفه السكة و تدبح القربان علي الست (طنط أماني جراتنا) و تمسح الدم علي وشها و جسمها وهي بتمتم وبتصرخ بإسم الجن المزعوم جواها.
أمي راحت فوقت طنط أماني و هي كويسه و بتقول أن أخيرا الجن طلع، و بتفضل كويسه فعلا عشان هما بدل ما يطلعوا الجن منها، هما قدموا له قربان عشان ينولوا الرضا، بس هو خلاص بقي الجسم داه متاح ليه أي وقت يتلاعب بيه.
المندل
جه وقت فتح المندل،( المندل )أو (الأستنزال النفسي) هو أستحضار جن مخصص في جمع المعلومات بيتقال عليه (الطوارش) متقروش الاسم بصوت مسموع، بيكون عايش في الدنيا معانا بس في البُعد الآخر ،البُعد المخفي عن عنينا.
الشيخ العارف جاب صينيه و حط فيها مياه و قعد يقرأ حاجات و هو أيده جوه المياه، و لقيت أمي بتندهلي عشان اكلم الشيخ لأني كنت بتفرج من بعيد، رحتله حط أيده علي راسي و قرأ حاجه و بعدين رسم علي راسي بدم الديك المدبوح علامات مش مفهومه.
و بعدين قالي بصي جوه الصينية وغطا راسي وقالي شوفي فيه اسم أو وش حد هتشوفيه ولا لا، كنت خايفه أوي بس عملت زي ما قالي و شفت صورة الشغالة، وقولتله في ودنه وهو قال لأمي في ودنها بردو، و بعد الموضوع أمي رجعت الدهب وطردت الشغاله.
بس بعد الحادثه دي أنا مرجعتش طبيعيه، بقت أحلامي مرعبه و كل يوم كوابيس وأمي عملتلي زار مرة وقولتلها أني بقيت أحسن بس في الواقع الوضع بقي أسوء، محبتش أقولها عشان متعمليش زار تاني.
كان الحلم الدايم معايا، أني بشوف بيت البلد القديم بتاع جدي اللي محدش راح البلد من بعد وفاه جدي و جدتي ولا اعرف عنه حاجه اخر مرة رحت هناك كانت و انا ٥ سنين، بيت طيني ليه صالة واسعة وأوض فيها سراير حديد ومطبخ واسع فيه(باجور) و (نمليه ).
الحلم
بس، كنت بشوف إني بدخل أنام علي سرير وأن فيه حاجه تحت رجلي مُشعرة بتتحرك تحت الغطا، و أفضل أقرأ قرآن لحد ما تفضل تترعش وتختفي، فضلت أشوف الحلم ده كتير ومش فاهمه ليه بيحصل كده لأني طفله.
لما كبرت شويه و لسه الحلم ده بيتكرر علي فترات متباعدة، سألت ماما علي الحلم و هي قالتلي أن البيت ده أتهد أصلا و الأرض أتباعت، لأن كانوا بيشوفوا حاجات غريبة في (الزريبة) ولو حد فكر يطلع من البيت بليل كان لزم يرجع خايف لأنه شاف حاجه او حد بيجري بسرعة وشكله مرعب !!!.
وأنا مكنتش اعرف القصة دي لان جدي و جدتي ماتوا من زمان و بطلنا نروح البلد من بعدهم، و اكيد متوقعين بعد ما حكيت لأمي الحلم ايه اللي حصل ….بظبط كلمت الشيخ العارف و حكت له و قلها أن اللي حصل ده بسبب فتح المندل وأن اللي جه مش راضي يسيبني و أن لزم نعمله زار !!! بس أنا رفضت تماماً….
رحت لشيخ في بلد جنبنا و عمل رقيه شرعيه بالقرآن وحسيت كأن فيه ضوافر بتشد في كتفي وسخنيه رهيبة و ألم في كل جسمي وعلي أخر الرقية كنت ارتحت، الشيخ ده كان شكله طيب وفاهم، قالي أنتي حد “كشفك” و خلي طاقتك ضعيفة، لزم دايما تتحصني و تحاربي اي حاجه هتشوفيها.
بقيت كل ما ادخل أي مكان بحس أن فيه حاجه أو لا، و لزم بحلم حلم وحش وبشوف إني بحارب حد وبقدر أغلبه، بس ده حولني لكائن مؤمن بكل اللي بقول عليه خرافات.
فضلت الدنيا ماشيه تمام وبحلم بردو أحلام غريبة و لو فيه حد بيعمل أعمال بعرفه مجرد ما بشوفه، بحس بكم طاقه سلبيه خارجه من الشخص ده بتأكدلي أنه وحش، بعد ما بقيت ٢٠ سنه و علي قدر كافي من التعليم اللي أمي مأهملتهوش بالرغم من جهلها.
العريس
اتقدملي عريس من البلد عندنا بس من حته بعيده، هو كان إنسان كويس جداً بس أمه…. أمه من أول مرة سلمت عليها و أنا حسيت بخبثها، في نفس اليوم حلمت بيها في بيت جدي القديم وهي وشها شيطاني بشكل مخيف.
و بتقولي “أنا عارفه أنك مش سهله وأنا مش هسيبك مدام كشفتيني، فضلت اقرأ قرآن لحد ما صحيت وللأسف رفضت العريس ده و مش عارفه هتسيبني في حالي أو لا ولا هي أصلا بني آدم أو لأ !!.
عايشه حياتي متأقلمه مع الوضع بتاع الأحلام والعفاريت وبقيت بحضر الزار مع أمي و ستات حارتنا، بس أنا عارفه أن اللي بيتعمل ده مدخل للجن و الشياطين مش لطردهم، تخيل أنت عايز تطرد حد من بيتك بدل ما تعمل اللي مش بيحبه و تقرأ القرآن.
لا انت بتجيبله الحاجات اللي بيحبها و تسترضيه عشان يسيبك في حالك، و طبعا بيستغل ضعفك و يعمل نفسه خرج بطقوس الزار، بس هو العكس تماماً هو حط عليك علامة وبقيت مرتع لأي جن حتى لو ضعيف.
شويه بشويه بقيت أحاول أعالج الستات اللي بتيجي البيت عندنا بالقرآن لأن ده الحل الوحيد، و لما بيلاقوا نفسهم ارتاحوا، و من غير ما يدفعوا فلوس كتير أوي في طقوس الزار و طلبات الأسياد، مبيعملوش جلسه الزار و مع الوقت الموضوع قل كتير.
و فرقه الزار بقت تيجي تعمل جلسات ذكر خالص لله و نبيه الكريم في بيتنا كل شهر، و بقيت أحسن كتير و بيتنا حاله أنصلح بعد ما كان بيطلع طاقه سلبيه.
بس للأسف بسبب الجهل لسه فيه جلسات زار بتتعمل ولسه (الشيخ عارف) موجود في كل قرية ولسه (عارفه السكه) موجودة و مهنه لبعض الستات، وهيفضل الزار موجود والمندل و كل الحاجات اللي بتعبر عن جهلنا دي موجوده، و لزم تفضل نحاربها…
إقرأ أيضاً