اللوحة الغارقة “الجزء الثاني”
طبعًا أنا خوفت لأن كلامه كان واضح أنه فاهم وكمان وراني وثيقة فيها وصف اللوحة بالظبط!!
قولتله إني معلقها في أوضتي، ملامحه اتبدلت وابتدى يعرق وقالي لازم تجيب اللوحة دي دلوقتي حالًا هنا.
طريقة كلامه خلتني فعلاً طلعت جري وأنا مش عارف أتصرف إزاي، دخلت البيت لقيت أمي قاعدة خايفة وعينيها ثابتة متعلقة بأوضتي، أول ما شافتني قالتلي بصوت مهزوز كده:
شيل اللوحة اللي جوه دي ارميها بسرعة.
اترعبت وقولتلها:
فهميني أكتر حصل إيه؟
قالتلي:
أنا دخلت الصبح أنضف أوضتك زي كل يوم وسمعت صوت واحدة ست، الأول افتكرتك ناسي التابلت بتاعك مفتوح ولا حاجة، دورت في كل حتة ملقتش مصدر الصوت، لحد ما اكتشفت أن الصوت طالع من اللوحة، قلت أكيد بيتهيألي، بس وقفت ركزت فيها شوية لقيت ملامحها بتتحرك وبتبصلي والصوت طالع منها هي وكانت بتكرر رقم ٨!
خرجت جري وقفلت باب أوضتك بسرعة ومن ساعتها وأنا قاعدة كده.
دخلت جبت اللوحة ولفيتها في قماشة وتوجهت على الفندق وحكيت ل (تينو) اللي حصل، قالي:
تعالى معايا نشتري صندوق الأول وبعدين أحكيلك..
بالفعل اشترينا صندوق خشب وهو نحت عليه شوية كلام كده وحطها فيه وقالي:
دلوقتي هحكيلك قصتها..
(صابرينا) اتولدت لقت نفسها في قصر، وأبوها كان (دوق)، وبعدين لما هي بقت ١٥ سنة هو بقى الملك.. بس هي كانت متمردة وعندها ميول إلحاد، واتعرفت على راجل كان ساحر أقنعها تبيع روحها للشيطان مقابل مميزات كتير، وهي مشيت على كل الخطوات وبقت من أخطر الساحرات، ولأنها بنت الملك محدش كان بيقدر يتكلم ولا كان سهل يتم حرقها زي ما بيحصل في أي ساحرة.
جمعت (صابرينا) كل الرسامين وأمرت برسم ٨ لوحات ليها، وبيقولوا أنها وزعت في كل لوحة جزء من روحها عشان ميبقاش سهل القضاء عليها ولما تموت يبقى سهل ترجع من خلالهم.
أبوها الملك قرر يحبسها في أوضتها ومع ذلك كان بيحصل حوادث كتير وحرايق كتير في القصر وفي البلد والناس بتأكد أنهم شافوها.. لحد ما اختفت من أوضتها هي والساحر اللي هي بتحبه، أبوها ماكنش عنده حل غير إنه يقتلها، وفضلوا يبحثوا عنها لحد ما لقوها وأبوها اللي حرقها بنفسه هي والساحر التاني بعد ما كانوا عملوا جرائم بشعة، أبسطها إنهم خطفوا أطفال وقدموهم قرابين للشيطان، وتم دفن جثتها في مقابر العيلة المالكة عادي.
بس شرها منتهاش وصريخها كل ليلة بيدوي في القصر وحرايق من غير سبب، كل دا خلى أبوها يموت نفسه، انتحر وأمها كمان انتحرت، الخدم كانوا بيقولوا أنها عايزة تنتقم وروحها بتطلع من لوحاتها بالليل.
وعشان كده الملك الجديد قرر أن كل لوحة هتروح في بلد وتتدفن تحت رعاية رجال الدين والرجال المختصين بالظواهر اللي من النوع ده عشان يتم احتواء الشر، واللوحة اللي معانا دي هي اللوحة رقم ٨، وطبعًا عشان أنت علقتها وأدتلها مجال تتحرك فأعتقد إننا في خطر!
خلص تينو كلامه وأنا مش مصدق كل اللي أنا وقعت فيه ده! وأن الوش الملائكي يطلع منه كل الشر ده!
كان الوقت خلاص اتأخر فقررنا إننا نكمل بكرة وهو هيحتفظ بالصندوق عنده، وبحكم أنه راجل مليان الجسم شوية عرضت عليه إني أنقله الصندوق لحد غرفته في الفندق، بس وأنا شايله اتكعبلت ووقع في الأرض.. اتفتح وملقيناش اللوحة جواه!!!!!
طبعًا بقينا في حالة ذعر وندور في كل حتة مستحيل تكون اتسرقت، الصندوق كان بيننا طول الوقت!!
بعد تعب وتدوير كتير روحت البيت ودخلت أوضتي، اترميت على السرير من التعب، بس اتنفضت فجأة من مكاني عشان لقيت اللوحة متعلقة مكانها في وش سريري!!!!!
خوفي وصل لقمته وكلمت (تينو) حكيتله اللي حصل قالي هي مش هتأذيك لأنك ساعدتها نام وخلاص وبكرة نتصرف.
شيلت اللوحة ولفيتها بقماشة وقررت أنام فعلًا.. جاتلي في الحلم وكانت مبتسمة والمرة دي قررت تقول كلام غير رقم ٨ ..
قالت:
أنت أنقذت جزء من روحي، جمع باقي اللوحات وأنا هرشدك وبعدين هديلك هدايا كتير وهتبقى ملك الزمن ده.
صحيت من النوم مفزوع، مش عارف المفروض أعمل إيه؟ قعدت أدور على اسمها وعرفت إن القصة اللي تينو حكاهالي مظبوطة، وباقي اللوحات غير معروف مكانهم ماعدا طبعًا اللي قررت تشرف في أوضتي!
فضلت سامع صوتها وهي بتكرر رقم ٨، وبشكل غريب حسيت أن أنا عايز أدور على باقي اللوحات وفكرة إني أبقى غني سيطرت على دماغي جدًا، فوقت من زحمة أفكاري على دخول أمي الأوضة بتقولي إنها بتنادي عليا بقالها كتير وطبعًا صوتت أول ما شافت اللوحة في إيدي، لبست ونزلت وهي عماله تزعقلي وتسأل ليه مرميتش اللوحة وقد إيه أنا ابن عاق ومبردش عليها وكل الكلام ده.
نزلت من البيت ومش عارف أفكر، روحت أجرت مركب عشان دا المكان الوحيد اللي بعرف أفكر فيه، كان الوقت الصبح بدري كان فيه صيادين كتير، فبعدت أكتر في وسط البحر وكان معايا اللوحة، فكرت أرميها تاني في البحر وترجع الأمور زي الأول، وفعلًا مسكت اللوحة ولسه هرميها، لقيت كيس بلاستيك نفس حجم الكيس اللي كانت فيه اللوحة الأولى عايم على وش المياه قريب من مركبي، طلعته وفتحته وزي ما توقعت طلعت اللوحة التانية ل(صبرينا)!!! قاعدة بوضعية مختلفة بس بنفس اللبس وتسريحة الشعر والعقد والحلق، اتصدمت ورجعت كلمت تينو وقابلته، مش محتاج أقولكم كانت نظرة الرعب في عينه عاملة إزاي، وقالي:
احنا محتاجين روحاني.
سيبته يعمل تليفوناته واستنيته في العربية، رجعلي وقالي أطلع وكان فاتح لوكيشن على موبايله، وقالي هنروح لواحد صاحبي عايش هنا من زمان يعرف يتصرف.
من وقت ما لقيت اللوحة التانية وأنا سامع صوتها في ودني وهي بتقولي: “أنت هتنقذني، وتكرر رقم ٧”.
طبعًا فهمت خلاص أن دا رقم اللوحة اللي معايا.
وصلنا بعد ٣ ساعات لمكان غريب كده لا هو مدينة ولا هو ريف، ودخلنا بيت أغرب.. استقبلنا راجل أعتقد أنه عدى ال ١٠٠ سنة، وقدم لنا شاي وكل ده مقالش ولا كلمة، البيت نفسه يدل أن صاحبه راقي بس بسيط يعني الأثاث كان بسيط بس غالي، وكمان طريقة لبسه، عرضنا عليه اللوحات وقال:
أنا كنت عارف إن دا لازم هيحصل بس مش فاهم ليه قررت تظهر دلوقتي؟!
كلامه كله كان غامض بس قال متقلقوش الحل بسيط.
قام وغاب شوية ورجع معاه شموع وقال لنا أنا هتواصل معاها عشان أعرف هي عايزة إيه بالظبط، بالرغم إني عارف!!! بس هشوف طريقة عشان متأذيش حد.
حط اللوحتين جنب بعض وولع الشموع وابتدى يتمتم لحد ما عينيه اتغيرت وبقى لونها أبيض والشموع انطفت وابتدى يتكلم بصوتها!!! صوتها اللي بسمعه في الحلم وفي ودني على طول، وبص لي وقال لي بصوتها:
عايز تتخلص مني! أنا ساعدتك تلاقي اللوحة التانية، ما هما كلهم غرقانين في البحر وكنت مستنيه حد قلبه نقي ويحب يبقى غني عشان أظهر له وينقذني ويعيش من ملوك الأرض، بس أنت.. أنت غبي!!
وفجأة صديق تينو أخد شهقة كبيرة ورجع لوعيه، قال إنها كيان خبيث وإنه هيحاول يصرفها وقال:
الأهم من طرد الروح هو الإيمان بالقدرة على طردها.
قالنا سيبوا اللوحات واطلعوا استنوني بره، سامعين صوته وهو عمال يتمتم وصوته يعلى لمدة ساعة، وبعدين الصوت انقطع، وبعدها سمعنا صرخته!!!! دخلنا لقيناه ميت محروق ومفيش آثار نار على المكان هو بس جثته متفحمة، كأنه اتحرق من الداخل مش من الخارج!!
حالة هيسترية أصابتنا أنا وتينو وأخدنا اللوحات وحاولنا نحرقها وطبعًا متحرقتش!!!
كلمت (الشيخ عبد الله)، دا كان زميلي من أيام المدرسة بس هو بقى شيخ وبيعالج بالقرآن، مبقيناش بنتكلم زي الأول بس لسه جيران، كلمته وحكيت له اللي حصل وقالي أروح له بيته، روحت له أنا وتينو واللوحات.. قالي أنت اللي سمحت لها تطلع بعد ما كانت محبوسة في البحر العُمر ده كله، وأنت الوحيد اللي هتقدر تصرف الشر ده.
(تينو) كان مضطر يسافر عشان مواعيده، وطمنته إني هبقى كويس مع الشيخ عبد الله.
عبدالله قالي على عدد من الآيات من سور مختلفة وإني أكررها بعدد معين كل يوم، كنت بسمع صوتها بيضحك جنبي وأنا بكرر الآيات كل يوم، أنا كنت حاسس إني بردد كلمات وخلاص مش حاسس بمعنى الآيات ولا قوتها وعشان كده هي كانت بتضحك، الموضوع مش مجرد لوحة لساحرة ملعونة، الموضوع إنها باعت روحها للشيطان وهو دلوقتي اللي بيلاعبني.. يارب ساعدني أكون قد الاختبار ده، فضلت أكرر الآيات ليل ونهار وضغط عصبي فظيع قطعت الأكل والشرب، كنت قاعد في بيت الشيخ عبد الله لأن أمي مش هتستحمل منظري ده وقولتلها إني مسافر يومين أغير جو وطمنتها.
كنت بنام تجيلي في الحلم بس مش بشكل البنت الجميلة أم شعر أصفر، لا بشكل شيطاني مرعب ضوافر طويلة وقرون، ويقولي: “متحاولش تتحداني يا فاني يا ضعيف”.
ولأول مرة ابقى قادر أرد ولقيت نفسي بردد الآيات اللي لساني حفظها من كتر التكرار وبفوق من الكوابيس كل يوم، رجعت أصلي والفضل يرجع للشيخ عبد الله في ده وبردد الآيات، كنت في حرب حرفيًا، بس حرب مع شيطان ملعون وأنا كنت ضعيف، بس قدرت.. قدرت وحسيت بمعاني الآيات.
صحيت من كابوس وأنا حاسس إني قوي وإني أقدر أهزمه دلوقتي، دخلت الأوضة وقفلت على نفسي وفضلت أكرر الآيات ونمت وأنا بقرأ وجالي في هيئة البنت عشان يحاول يغويني لآخر مرة، بس أنا خلاص بقيت قوي ولقيتني بمد إيدي عشان أمسكها من رقبتها واتحولت للشكل الشيطاني وأنا قدرت.. قدرت وكلي قوة وجملة صاحب تينو بترن في ودني: (الأهم من طرد الروح، الإيمان بالقدرة على طردها)، وكلام الشيخ عبد الله طول المدة اللي قعدتها عنده بأن أي كيان ضعيف لو أنت استحضرت روح الله وقوته جوه قلبك.
وبالفعل قدرت أقرأ الآيات ولقيت الكيان ده بيصرخ ويتعذب وبيتحرق بين إيدي، صحيت وأنا شايف اللوحات قدامي والمصحف في إيدي، بس اللوحات كانت عبارة عن إطار فاضي!! البنت مش جواه، حرقنا اللوحات والشيخ عبد الله حذرني وقالي: خلي بالك لازم تفضل قوي ومحافظ على إيمانك لأنه ممكن يرجع ينتقم!!