علم الاجتماع

الماء المعاد تدويره صالح للاستخدام سواء قبلت ذلك أو لا!

الماء المعاد تدويره صالح للاستخدام سواء قبلت ذلك أو لا!

في الواقع لا توجد قطرة ماء نشربها إلا وقد مرت يومًا بإعادة تدوير. سواء كانت إعادة التدوير الطبيعية التي تقوم بها البيئة عن طريق عملية التبخير ثم التكاثف في السحاب ثم العودة مرة أخرى للأرض عن طريق الأمطار التي تغذي الأنهار والآبار والعيون، والتي بدورها نشربها مرة أخرى. أو كانت عملية التدوير عملية يقوم بها البشر فالنتيجة واحدة ماء مدور صالح للشرب.

ربما يغيظك أن تعلم أن كوب الماء الذي تشربه الآن قد مر يومًا من خلال جسد إنسان آخر أو ربما حيوان، لكن الواقع يقول أن احتمالية حدوث ذلك كبيرة جدًا، لكننا فقط نريد أن نشرب ونحن نجهل تلك الحقيقة حتى لا تصاب أجسادنا بالقشعريرة.

فنحن عندما يخبرنا أن أحد أن المياه التي قدمها لنا هي في الواقع مياه مدورة بشكل صناعي قد استخدمت قبل ذلك، ربما نشعر مباشرة في الرغبة في التقيؤ لكن لا يوجد سبب لذلك فالمياه المدورة لا تختلف إطلاقًا عن المياه من أي مصدر آخر.

الناس ببساطة تشمئز من المياه المعاد تدويرها، لكن الأمر أصبح ضروريًا للغاية بل إنه أصبح لا يمكن الهروب منه بحيث أن كلمة ” تشمئز” وحدها ليست كافية لتجعلنا نتجنب المياه المدورة، ففي جميع أنحاء العالم صار الطلب على المياه أكبر من المصادر المتاحة، ولا بديل عن التدوير.

بالطبع لا أتحدث عن أزمة سد النهضة، فإعادة التدوير بدأت في مصر وفي العالم منذ عقود، لكن معظمها كان يوجه للاستخدام الصناعي أو الزراعي أو لري الجنائن والأشجار على الطرق، لكن يبدو أنها ربما تصبح قريبًا أحد مصادر مياه الشرب.

بالطبع هناك أنواع من تدوير المياه وكل نوع يمكن استخدامه لهدف معين، فالتدوير منخفض التكلفة والكفاءة يمكن أن يستخدم في تدوير المصانع والأعلى قليلًا يمكن يستخدم لزراعة الحدائق أو النباتات التي لا يستهلكها الإنسان للأكل، ثم تأتي الأعلى درجة للنباتات التي يستهلكها الإنسان ثم ترتفع درجة التدوير لتصبح المياه صالحة للاستهلاك الآدمي.

أخبركم تلك الحقيقة أن بعض الماء المدور أنقى وأنظف من المياه التي تنزل لك من الصنبور وهي بالطبع أنقى من مياه النيل. في الواقع رجال القوات البحرية الذي يظلون لشهور في عرض البحر يستخدمون أجهزة لتدوير مياههم المستخدمة وبالتالي فهم بالمعنى الحرفي يشربون بولهم، بالطبع بعد أن يتم إعادة تدويره وتنقيته ليصبح ماءً صالحًا للشرب.

لكن الناس سيظلون يشعرون بالاشمئزاز من المياه المدورة لذلك تتجه الكثير من الدول لتحلية مياه البحار، لكن الواقع يخبرنا أنه لا مناص يومًا من أن نستخدم المياه المدورة للشرب، فحاجتنا للمياه تزداد ومصادر المياه في تناقص مستمر.

المصدر
جامعة كاليفورنيا ريفير سايد

سمير أبوزيد

باحث ومهندس في مجال النانو تكنولوجي بمدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا، وله عدة أبحاث علمية منشورة. ألف ثلاثة روايات " صندوق أرخيف" و " الرفاعي الأخير" و " عز الدين"، كما كتب للعديد من المجلات وله ما يزيد عن الثلاثمائة مقال.
زر الذهاب إلى الأعلى