الموتى الأحياء بين الحقيقة و الخيال
لسبب ما، مفهوم الموتى الأحياء أو الزومبي كما نطلق عليه، هو من المفاهيم التى ينجذب لها أغلب البشر بشكل كبير. هذا الإنجذاب بدأ فى الظهور بشكل أوسع فى العشر سنين الأخيرة عن طريق الأفلام أو المسلسلات التلفزيونية مثل the walking dead (الموتى السائرون)، Zombieland (أرض الموتى الأحياء) ..إلخ.
ولكننا متفقين جميعًا وندرك جيدًا –كبالغين وعقلاء- أن الميت لا يعود للحياة… تقريبًا!
مصطلح (الزومبي zombie) ظهر فى الأساس فى (هايتي) خلال القرن السابع والثامن عشر. مئات من العبيد أُخِذوا بالقوة من إفريقيا ونُقِلوا لسانت -دومينيك (هايتي حاليًا)، التي كانت يحكمها الفرنسيين.
أعداد الموتى العبيد كان فى ازدياد مرعب.. فى البداية اعتقد العبيد أن بموتهم تعود روحهم مرة أخرى للحياة فى صورة شخص حُر من العبودية، ويعود الشخص لحياته الطبيعية فى إفريقيا. ولكن مع الوقت الأسطورة تخللها بعض من ممارسات سحر “الفودو” وأن روح العبد القتيل تعود مرة أخرى للحياة للقيام بأعمال شريرة.
كلمة “زومبي” مشتقة من “نزامبي” nzambi، وتعني فى ثقافة الكونغو (روح الشخص الميت). فى البداية ارتبط مفهوم الزومبي بعبيد هايتي إلى أن توسع ذلك المفهموم وظهر فيلم الرعب ”الزومبي الأبيض“ White Zombie 1932، ثم جاء بعد ذلك فيلم الرعب الكلاسيكي ليلة الموتى الأحياء Night Of The Living Dead لينتشر من بعده مفهوم الزومبي بعد ذلك في السينمات العالمية.
طبيعة الميت الحي:
كيف يعمل جسد الميت الحي؟ إذا كُنت قد شاهدت مسلسل الموتى السائرون The Walking Dead, ستجد أن السائرون The Walkers كانوا نتيجة لانفجارخلايا المُخ العصبية، وذلك أدى لتوقف وظائف أغلب الجسد وعفونته بالتدريج، فيما عدا الرغبة الأسمى لدى الإنسان.. الاحتياج للأكل.
لكن هل من الممكن أن يتجول الإنسان بحركة بطيئة، فاتحًا فمُه، مبينًا أسنانه وهو واضع كُل تركيزه على الطعام؟ صدق أو لا تصدق.. نعم من الممكن، لكن بالنسبة للشخص الميت؟ لا أعتقد ذلك. مع أن هناك بعض الأمراض المسببة لنفس أعراض الموتى الأحياء.
متلازمة Kulver-bucy:
مرض يصيب الفص الصدغي للمخ بفطريات، مما يجعل المريض فى حالة هياج رهيبة، جوع شديد دون توقف، تناول الطعام بطريقة غير آدمية، بصيرة عمياء تمامًا.
التهاب الدماغ الدامي :encephalitis lethargica يصاب المريض بحالة من الهلوسة البصرية، غضب شديد يصل لحد ارتكاب الجرائم إذا ما قمت –فقط- بوضع يدك على كتف المريض، يصاب فورًا بحالة من الهياج تصل لحد القتل!
وهنا يأتي دور الأسئلة الخطيرة: ماذا لو أصيب عدد كبير من الأشخاص بأحد المرضين؟ ماذا لو فقدنا السيطرة وأصبح الموضوع خارج عن نطاق الاحتواء؟ ماذا لو تطور الموضوع وأصبحت العدوى تنتشر بشكل خارج عن إرادتنا؟ هل من الممكن فعلًا أن يحكم الأموات الأرض؟
فى النهاية نحن نعلم جيدًا أن الميت لا يعود للحياة مرة أخرى. لكن الأبحاث والعلوم أثبتت أن هناك بعض الأمراض التى تؤثر بشكل كبير في سلوكيات المريض، وتغير من فطرته العاقلة السليمة التي خلقه الله سبحانه وتعالى عليها، قد لا يتحول –بالتأكيد- لجثة حية، لكن من الممكن جدًا.. أن يحيا كما الأموات.