قصص الرعب

بئر برهوت

بئر برهوت
بيقولوا أن حظ الإنسان بيبان من يوم ولادته، وأنا اتولدت في مكان كل الناس بتخاف تيجي ناحيته، حظي السيء بيلازمني أنا وكل أهل قريتي لمجرد بس أن حد يعرف إنك من “وادي برهوت”!!
أو برغوت زي ما ستي بتقول، “وادي برهوت” المكان دا في منطقة فيجوت- مديرية شحن محافظة المهرة- حضر موت اليمن.

بلد جميلة وهادية بس فيها لعنة، بئر برهوت، دا بئر رهيب اتساعه أكثر من 100متر، وعمقه ٢٥٠ متر.

اسمي جليلة، من وأنا صغيرة وأمي بتضربني لو فكرت أروح ناحيته، وبتقولي إن العيال اللي بتروح ناحية هناك مش بترجع. كنت فاكرة أنها بتقولي كده بس عشان مبعدش عن البيت، لحد ما جت فترة على الوادي المياه قلت، والناس فكروا ينزلوا حد بحبل في البئر دا عشان يجيب لنا مياه..

الناس كلها كانت بتخاف تيجي جنب البئر دا، ف شيخ البلد قال إن هنطلع كلنا بالنهار عشان نونس بعض وعشان يأكدلنا أن مفيش حاجة خطر فيه.
اتجمع كل أهل البلد ورحنا وربطوا ابن عمي ونزلوه في البئر، وعدى خمس دقايق وسمعنا صراخه، سحبوه بسرعة، بس طلع متاكل نصه! من غير رجليه! مات بعدها على طول من النزيف.

وفي مرة ست بترعى الغنم وسابت ابنها الرضيع في حتة جنب البئر، وراحت تجيب غنمه شاردة، رجعت ملقتهوش!!
دا غير اللي كان بيخيم قريب من هناك كان بيشم ريحة بشعة بتطلع من البئر دا، ومرة راجل سمع بليل صوت طالع من البئر بيقول (دومه دومه)، ودومه دا الملاك الموكل بالكفار.

لما كبرت شوية أبويا فهمني إن دا بئر فيه أرواح الكفار، وإن أي حد بيموت لو روحه طيبة بتطلع السما، لو روحه خبيثة، كافر يعني، بتطلع بس مبتدخلش السما بترجع تتحبس في البئر دا، وإن الحفرة بتاعة البئر دي مش من صنع البشر.

وفيه ناس بتقول أن واحد من ملوك اليمن زمان أوي هو اللي أمر الجن يحفروا له البئر دا عشان يخبي فيه كنوزه..
الكلام كتير على البئر دا، وكمان علي بن أبي طالب قال: “إن أبغض البقاع إلى الله تعالى وادي برهوت بحضرموت، فيه بئر ماؤها أسود منتن يأوي إليه أرواح الكفار”.

كبرت واشتغلت في السياحة، والناس بتيجي من كل مكان عشان يتفرجوا علي البئر دا، وعرفت إنه مش خطر أوي أقف جنبه واتصور كمان.

في مرة فوج من ٦ أفراد و ٣ سيدات و ٣ رجال طلب إننا نخيم جنبه، حذرتهم من اللي بيتقال عليه وإن مفيش شبكة هناك ودا خطر لو حصلنا حاجة مش هنعرف نتصل بحد يجيلنا، بس هما حب المغامرة سيطر عليهم وعرضوا عليا فلوس أكتر عشان نخيم هناك ليلة واحدة..

وافقت من غير أي زيادة في الفلوس، بس هما مسؤوليتي وكنت خايفة إني أبات هناك.
بس بالفعل نزلنا البلد واشترينا معدات التخييم، واستأذنت شيخ البلد اللي بدوره حذرني وقالي يا بنتي أنتِ عارفة حكاوي اللي بيباتوا هناك، بس قررت اسيبها على الله.

اتقابلنا بالليل هناك ونصبنا الخيام وولعنا حطب وعملنا ليلة تخييم مثالية..
بعد ما الوقت اتأخر وابتدت ناس تدخل تنام الجو برد وجات ريح طفت النار، بس قلنا عادي ودخلنا ننام، بعد وقت قصير سمعت صوت همس وحركة، خوفت يكون حد من السياح صحي ومحتاج حاجة، خرجت بسرعة ملقتش حد! بس شميت الريحة البشعة اللي كانوا بيحكوا عليها، ريحة عفن محدش يقدر يستحملها..

دخلت خيمتي بسرعة وأنا بدعي الليلة دي تعدي على خير، وحاولت ألقط أي شبكة بالموبايل بس مفيش خالص، شوية وسمعت صوت صراخ عالي، خرجنا كلنا لقينا واحدة من السياح بتحلف أن حد كان معاها في الخيمة وحست بنفسه بس أول ما قامت ملقتش حد!

كان كل اعتقادهم أن فيه حرامي أو متلصص، هديتهم وقررت أنا وواحد معايا إننا مش هنام وهنفضل قاعدين نحرصهم لحد ما النهار يطلع ونروح، لأن العربية اللي جابتنا مشيت مش هينفع نرجع إلا لما تجيلنا.

ولعنا النار تاني وعملنا شاي وقعدنا نتكلم والباقي دخلوا ناموا، بعد شوية النار اطفت بنفس الطريقة! بس بما إننا في مكان مفتوح وارد يحصل كده، كنا قاعدين ضهرنا للخيام ووشنا للبئر، شوفت كأن حاجة بتحاول تطلع منه! إيد أو خيال أسو!  قلت دا أكيد من الهلوسة وفركت عيني عشان أبص تاني وببص للي جنبي لقيته متنح!

عرفت إنه هو كمان شايف اللي أنا شايفاه، بس هو أخد الكشاف ورايح يشوف ايه دا، طبعًا أنا منعته، بس هو أصلًا جاي مستني أي ظاهرة غريبة عشان يصورها، فبعد إيدي عنه وراح بالكشاف لحد ما قرب من الخيال اللي استقر في مكانه لما وجه الكشاف عليه..

راح وبص بالكشاف وكان بيسجل فيديو، بعد شوية لف حول البئر، لف عشان يطمني إنها أكيد مجرد خيالات عشان إحنا مهيأين عقولنا على كده، بس قبل ما ينهي جملته كان الخيال اللي أنا شايفاه من عندي سحبه من رجله جوه البئر!!!

صرخت وصحيتهم كلهم وقولتلهم أنه وقع، جابوا حبال ورموها من كذا جهة، وفضلوا ينادوا عليه كتير وطبعًا من غير رد،  وأنا حاولت أحذرهم من الوقوف قريب كده بس الصدمة كانت صعبة علينا كلنا، بعد فترة كبيرة من الصمت وكلنا قاعدين حول النار وعنينا متثبتة على البئر، سمعنا صوت صريخ ناس كتير، وسمعنا حد بيقول دومه دومه.

وفجأة النار ولعت في الخيام بتاعتنا وطفيناها بالعافية، وبعد ما خلصنا اكتشفنا أن ناقصنا حد كمان،  يعني كانوا ٦ بقوا أربعة، فضلنا ننده عليه يمكن جري وقت النار أو حاجة، بس من غير فايدة، عشان بعدها نسمع صوته هو واللي اتاخد في الأول بيستنجدوا بينا، وهنا قرر واحد من الجروب أنه يربط نفسه وننزله يمكن متعلقين في مكان قريب ويقدر ينقذهم.

بعد محاولات مستميتة مني أنه ميعملش كده بس هو وباقي الجروب كانوا مصممين خاصةً أن هما عائلة واحدة.
ساعدتهم في إننا ننزله ومعاه كشافه، وبعد شوية وهو لسه بينزل وبيكلمنا عشان نطمن أنه كويس، صرخ وقال طلعوني بسرعة، سحبناه وقال إنه حس أن البئر بيقفل عليه وبيسحبه لتحت، ودا بيفسر ليه كان وزنه اتقل وإحنا بنسحبه.

ولما طلع بعد ما هدي من نوبة الذعر اللي كان فيها قالنا أنه كان نازل وكله تمام لحد ما ابتدى يحس أن فيه حاجة بتسحبه وكأن البئر بيتقفل عليه.

فضلنا قاعدين جنب النار تاني ساكتين وخايفين وعنينا متنحة على البئر، وطول الوقت شامين الريحة البشعة والأصوات المرعبة اللي طالعة من البئر.
وفجأة قامت واحدة من المجموعة رايحة ناحية البئر، بس شكلها كان كأنها سمعت صوت إحنا مسمعنهوش، راحت بس أنا منعتها، لكن هي مكنتش في وعيها ولما منعتها فضلت تصرخ بهسترية لحد ما أغمى عليها..

فوقناها وطمناها، وحكتلنا أنها حست أنه حلم وأن صاحبها اللي اتبلع في البئر بينده عليها وبيقولها ساعديني!! ومحستش بأي حاجة لحد ما إحنا فوقناها.

في الواقع أنا مكنتش متخيلة أن الليلة دي هتعدي وحد مننا عايش، بس عدت وجات العربية مع طلوع الشمس وطلعنا علي الشرطة بلغنا عن اللي حصل، وطبعًا قالوا لنا أن طبعًا مستحيل حد ينزل، وأن أصلًا ممنوع النزول فيه، والسياح سافروا بلدهم وأنا فضلت قاعدة من الشغل بسبب اليوم دا، و نشرت القصة دي في كل مكان عشان محدش يفكر يقرب من البئر ولا يعمل تخييم هناك.

وهيفضل اللي جوه البئر دا لغز علينا محدش هيشوفه، ومحدش يعرف عنه غير أنه ميتة سودا ووحشة وأنه مكان الأرواح الكافرة الخبيثة.

ملحوظة:
موضوع بئر برهوت حقيقي، القصة اللي حوله هي بس اللي من تأليفي، إذًا نقدر نقول إن أغلبها قصة حقيقية.

زر الذهاب إلى الأعلى