تاريخ

برنامج حرب العوالم .. غزو المريخيين للأرض

برنامج حرب العوالم .. غزو المريخيين للأرض

تسبب المخرج “أورسن ويلز” في حالة من الذعر الشديد في جميع أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية من خلال إذاعته لبرنامج حرب العوالم وهو عبارة عن برنامج دراما واقعية لغزو المريخيين لكوكب الأرض.

كان عمر أورسن ويلز “Orson Welles” في تلك الفترة 23 عامًا وعندما قررت شركة مسرح ميركوري “Mercury Theater” تحديث رواية حرب العوالم “War of the Worlds” للكاتب “هربرت ويلز” التي صدرت في القرن التاسع عشر عن الحرب العالمية الثانية.

وعلى الرغم من عمره الصغير إلا أنه قدم العديد من البرامج الإذاعية أبرزها البرنامج الشعبي “الظل”، ولم يكن ويلز مخطط لعمل خدعة إذاعية ولم يكن لديه أي فكرة عن الفوضى التي يمكن أن يسببها برنامجه حرب العوالم.

فقد قرر ويلز أن ينتج رواية الخيال العلمي “حرب العوالم” لهربرت جورج التي تصور غزو غريب ولكن الاختلاف الوحيد بينه وبين الرواية أنه قرر تقديم القصة كسلسلة حلقات إذاعية تحاكي نشرة الأخبار مع عرض موسيقى راقصة.

 

بدأ العرض يوم الأحد 30 أكتوبر في تمام الساعة الثامنة مساءًا؛ وتم الإعلان في البداية عن البث الموحد لكولومبيا والمحطات التابعة لها مع مسرح ميركوري.

كان ذلك في مساء يوم الأحد 30 أكتوبر عام 1938م في وقت الذروة في العصر الذهبي للإذاعة؛ كان ملايين الأمريكيين يشغلون الراديو الخاص بهم للاستمتاع إلى صوت الممثل الكوميدي إدغار بيرغن في عرض لـ “Charlie McCarthy” على قناة  NBC والتي تحولت لاحقًا لشبكة CBS، وبعد انتهاء المسلسل الكوميدي الإذاعي بدأت قصة غزو المريخيين للأرض!!

 

قدم ويلز مسرحيته الإذاعية بمقدمة كلامية ثم تلاها مذيعة نشرة الطقس ثم استمع الجمهور لموسيقى Ramon Raquello، ثم بدأت المذيعة في عرض نشرة الأخبار وكشفت عن حدوث انفجارات على سطح كوكب المريخ ثم عادت الموسيقى مرة أخرى في الظهور.

لم تقدم المذيعة أي تفسير عن طبيعة الانفجار ثم جاء الإعلان الثاني ليكشف عن هبوط نيزك في حقل مزارع غروفر في ولاية نيو جيرسي، وفي هذا الوقت لم تكن تلك المقاطعات غير المعتادة والمثيرة موجودة في الإذاعة الأمريكية في ثلاثينيات القرن المنصرم.

وفي ذلك الوقت كانت النشرات موثوق بها كثيرًا بسبب ظروف الحرب العالمية الثانية والإعلان عن العدوان الياباني بالمحيط الهادئ والأوضاع المتقلبة في القارة الأوربية وكان الجميع يستمع للنشرات الإذاعية باهتمام شديد لمعرفة ما يدور حولهم في العالم؛ لذا فأخذ الجميع أخبار غزو المريخ على محمل الجد.

بدأت المذيعة تصف الأحداث وتقول أن كل شيء يتلألأ في السماء ثم تصف وصول الكائنات وتصف أجسادهم بأنها كبيرة ولها جلد رطب ثم تقول سيداتي سادتي إنها لا توصف لا استطيع أن أجبر نفسي للنظر إليها إنه فظيع؛ العيون سوداء مثل بريق الثعابين والفم بدون شفاه..

ثم بعد فترة قالت أن المريخيون أقاموا آلات حربية وأطلقوا أسلحة الإشعاع الحراري وحين هاجمهم البشر بالمدفعية والقاذفات أطلقوا غاز سام في الهواء، ثم قالت سرعان ما هبطت مركبات المريخ في ولاية شيكاغو وسانت لويس.

 

كانت المسرحية الإذاعية واقعية للغاية استخدمت الشركة مؤثرات صوتية متطورة وكان أداء الممثلين بارع جدًا، في نيوجيرسي بدأت الطرق في الإمتلاء بالحشود وحاول الناس إخلاء المدينة والبعض منهم حبسوا أنفسهم في أقبية وهم يحملون البنادق للدفاع عن نفسهم والبعض منهم بلل ملابسه بالماء لحمايته من غاز المريخيين!!

واعتقد ما يصل من مليون شخص أن الغزو حقيقيًا وظهرت حالة من الرعب الشديد عمت أنحاء البلاد.

وفي نيوجيرسي كان الناس يتوسلون للشرطة للحصول على الأقنعة المضادة للغاز السام وطلبوا من شركات الكهرباء قطع الطاقة حتى لا يرى المريخيون الأضواء، وركضت امرأة إلى كنيسة “إنديانابوليس” حيث كانت هناك احتفالات مسائية وصرخت: “لقد دُمرت نيويورك! إنها نهاية العالم! اذهب إلى المنزل واستعد للموت!”

شكك بعض المؤرخون في العدد الفعلي من الأشخاص الذي أصيبوا بالهستيريا وقالوا أن الرقم كان مبالغ فيه من قبل الصحافة ولكن قالت أخصائية علم النفس من جامعة “برينستون هادلي كانتريل” أن 1,2 مليون مستمع من أصل ستة ملايين مستمع قد أصيبوا بالذعر والهلع لأن العرض كان مقنعًا تمامًا.

وعندما وصلت أخبار الهلع والذعر التي حدثت في العالم إلى داخل الأستوديو، توقف ويلز وأعلن أن البرنامج لم يكن إلا مسرحية.

وكانت هناك شائعات تقول أنه يوجد حالات انتحار ولكن لم يتم التأكد من ذلك.

قامت لجنة الاتصالات الفيدرالية بعد ذلك بالتحقيق في البرنامج ووجدته أنه لم يكسر أي قانون ووافقت الشبكة على أن تكون برامجها أكثر حذرًا في المستقبل، وخشى ويلز على تدمير مسيرته المهنية ولكن ما حدث أنه تم إبرام عقد معه ومع أستوديو هوليود وفي عام 1941م كتب وأنتج فيلم “المواطن كين” والذي وصفه الكثيرون بأنه من أعظم أفلام السينما الأمريكية على الإطلاق.

وشعر الأمريكيون أنهم أغبياء، واستغلت الدراسات الإعلامية هذا الحدث لمعرفة ما الذي حدث وما هو تأثير البرامج الإذاعية على الجماهير ووجدت أن النسبة الأكبر من المستمعين الذين أصيبوا بالذعر لم يكونوا على قدر من التعليم بينما المستمعين ممن حصلوا على قدر معين من التعليم عرفوا أن البرنامج كان مجرد خدعة واستمتعوا به.

المصدر
المصدر
زر الذهاب إلى الأعلى