تكنولوجيا

تعرف على البكتريا التي تأكل ثاني أكسيد الكربون

يشفثبق

قام مجموعة من علماء البيولوجيا التخليقية عمليات تحويل بايوكميائي لأحد الميكروبات حولت نظامه الغذائي من مستهلك للسكريات إلى آكل لثاني أكسيد الكربون. أصبح الميكروب قادر على بناء خليته من امتصاص ثاني أكسيد الكربون من الهواء، وهي نفس القدرة التي يمتلكها النبات. يمكن استغلال هذا الميكروب في تنقية الهواء كما يمكن استغلاله لصناعة الدواء ومركبات أخرى ذات قيمة.

يقسم البيولوجيون العالم إلى قسم أوتوتروفز وهي الكائنات التي تمتص ثاني أكسيد الكربون من الهواء بالإضافة لمواد أخرى لتبني جسمها مثل النباتات وبعض أنواع البكتريا. و هيتروتروفز وهي الكائنات التي تتغذى على الكائنات الأخرى للحصول على المواد الأساسية لبناء جسمها، مثلنا نحن ومثل معظم الكائنات الحية.

حاول علماء البيولوجيا التخليقية لسنوات طوال أن يهندسوا بكتريا أوتوتروفز لتنتج مواد كيمائية مهمة مثل الأنسولين أو الوقود لأنها أرخص من الطرق الأخرى لتخليق تلك المواد، لكن لم تصل محاولاتهم لمرحلة النجاح.

البكتريا الهيتروتروفز كانت أكثر حظًا في هذا المجال مثل الخميرة أو الإشيرشيا كولاي فقد أنتجت بالفعل هذه البكتريا الكثير من المركبات المهمة باهظة الثمن.. لكن تلك البكتريا تحت إلى مغذيات مستمرة حتى تتمكن من تخليق تلك المركبات مما يرفع ثمن تكلفة العملية.

لذا فكر الباحثون بأخذ الطريق العكسي، ففكروا أن يحولوا الإشيرشيا كولاي إلى أتوتروفز وقتها يمكنهم أن يستغلوا البكتريا المتحولة بسهولة لصناعة المواد بدون الحاجة إلى تغذيتها بغذاء خارجي باهظ الثمن.

لم يستطع الباحثون أن يمنحوا البكتريا القدرة على عمل عملية البناء الضوئي.. حيث أنها عملية في غاية التعقيد. لكن بدلًا من ذلك قاموا بوضع جين يمكن البكتريا من أكل مادة الفورمات، وهي أبسط المواد العضوية الحاملة للكاربون. بالطبع هذا الأمر لم يحول البكتريا لأوتوتروفز لكن تلك البكتريا المتحولة كانت الخطوة الأولى.. فهي علاوة على الفورمات لا تزال تحتاج للسكر.. لكن بكمية أقل.

بعدها عزلت تلك البكتريا وتم وضعها في بيئة خاصة تحتوي على ثاني أوكسيد الكاربون وفورمات وزيلوس وهو أحد أنواع السكر. تم تقليل الزيلوس شيئًا فشيئًا حتى صار بكمية قليلة تجعل البكتريا قادرة فقط على الحياة والتكاثر.

بعدها قلل الباحثون الزيلوس ببطيء يومًا وراء يوم. مما سمح للبكتريا بالتكاثر ومع التكاثر تحدث طفرات، البكتريا ذات الطفرات التي تمكنها من أكل ثاني أكسيد الكربون ستكون أقدر على الحياة في تلك البيئة قليلة التغذية.. تم تقليل السكر على مدار 300 يوم وعدد كبير من الأجيال، استطاعت البكتريا أخيرًا أن تنمو وتتكاثر بعد إزالة كل السكر لتتحول إلى أوتوتروفز.

هذا النتيجة الرائعة ستجعل كثير من المواد الهامة أرخص وأكثر وفرة في المستقبل القريب. فكثير من الأدوية يمكن إنتاجها من خلال البكتريا، كما يمكن إنتاج الوقود مثل الإيثانول بسعر رخيص.

 

المصدر
sciencemag

سمير أبوزيد

باحث ومهندس في مجال النانو تكنولوجي بمدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا، وله عدة أبحاث علمية منشورة. ألف ثلاثة روايات " صندوق أرخيف" و " الرفاعي الأخير" و " عز الدين"، كما كتب للعديد من المجلات وله ما يزيد عن الثلاثمائة مقال.
زر الذهاب إلى الأعلى