تاريخ

تل أبو هريرة .. أول مكان في العالم لزراعة القمح والحبوب

تل أبو هريرة .. أول مكان في العالم لزراعة القمح والحبوب
هل تعرف أن أول مكان لزراعة الحبوب كان في الشرق الأوسط في تل أبو هريرة ، يقال أن الحضارة بدأت بشكل مستقل في العالم في ستة مواقع، أُطلق عليها مهد الحضارة اثنان منهم في الشرق الأوسط واثنان في آسيا، واثنان في الأمريكيتين.

والموقعان المتواجدان في الشرق الأوسط هما جزءً من منطقة أكبر يُطلق عليها الهلال الخصيب بسبب شكلها الذي يشبه الهلال الممتد على أجزاء من تركيا والعراق وإيران وبلاد الشام وفلسطين والأردن ومصر، ويمتد ليشمل شبه الجزيرة العربية ومن شواطئ البحر المتوسط إلى الخليج العربي وتتضمن مواقع أثرية مهمة مثل بلاد ما بين النهرين وغوبكلي تَبه (موقع جبلي مقدس في تركيا) وأريحا وجد في هذه المناطق الأدلة المبكرة عن تحول الإنسان الحجري من الصيد لجمع الثمار والزراعة.

تاريخ منطقة تل أبو هريرة

وفي قلب منطقة الهلال الخصيب تقع مستوطنة تل أبو هريرة .. تقع على تلة اصطناعية في سوريا على الجانب الجنوبي من وادي الفرات، على بعد 120 كم شرق حلب، في هذه المنطقة يوجد الكثير من بقايا المنازل المنهارة والحطام والأشياء التي ترجع إلى ما قبل التاريخ والتي تراكمت على مدار آلاف السنين، وكان التل الذي يبلغ عرضة نصف كيلو متر تقريبًا و8 أمتار، كان المكان عبارة عن أرض جافة بالقرب من نهر الفرات ولكنه غرق وغمرته مياه بحيرة الأسد.

يحتوي الموقع على قريتين يُطلق عليه علماء الآثار تل أبو هريرة 1 وتل أبو هريرة 2، بتسلسل زمني يمتد من 4000 عام ما بين 13000 و9000 سنة، يرجع تل أبو هريرة 1 إلى العصر الحجري القديم كانوا عبارة عن جامعي ثمار وصيادين مستقرين، ولكن منطقة تل أبو هريرة 2 ترجع لأوائل العصر الحجري الحديث، وهذا يعني أن مواطني المكان بدؤوا من جامعي الثمار والصيادين ثم انتقلوا للزراعة بالتدريج.

تأثيرات المناخ على المنطقة

وبدأ الانتقال مع العصر الجليدي الأصغر كانت فترة تبريد سريعة تتميز بعودة الأنهار الجليدية منذ ما بين 12.900 و 11.700 سنة وتشير الدلائل أن أول حبوب تمت زراعتها هي نبات شيلم أو الجاودار.

أول استوطان في منطقة تل أبو هريرة كان في العصر الحجري القديم، ربما تأسست القرية منذ حوالي 13500 عام، وتتكون من أكواخ مستديرة صغيرة منحوتة في الحجر الرملي الناعم، وتم تغطية السقف بالخشب والقصب وكان لكل كوخ منطقة تخزين تحت الأرض لحفظ الطعام.

قام السكان الأوائل بتجميع النباتات البرية خلال فصول الصيف كانت الغزال تمر وقت الهجرة، فكانوا يمارسون الصيد لذلك وفروا كميات كبيرة من الطعام مما وفر لهم الاستقرار الدائم، كان يتم تجهيز الحيوانات وحفظها لوقت طويل، ومن ضمن النباتات القمح ثنائي الحبة، والقمح وحيد الحبة.

ولكن دمر المناخ الذي جاء في فترة العصر الجليدي الأصغر معظم النباتات الصالحة للأكل وعطل هجرة الغزال، مما أجبر السكان على الانتقال وظلت المنطقة مهجورة لأكثر من ألف عام، تعلم السكان تدجين أنواع مختلفة من النباتات بعدما عادوا قبل حوالي 11000 عام بعد أن أصبح المناخ ملائمًا.

تغير طريقة طهي الطعام

تحول الصيادون إلى مزارعون، وجد علماء الآثار كثير من البذور، ويرجع في هذه المنطقة أقدم آثار للقمح ويُعتقد أن استئناس القمح كان في هذا المكان، وفي الوقت نفسه اختفت البذور تدريجيًا، تظهر الأسنان التي عُثر عليها في هذا المكان من أن السكان كانوا يأكلون الطعام المطبوخ، وتظهر أسنان الطبقة الدنيا أنهم تناولوا الطعام النيئ ولهذا لاحظ العلماء أنه لم يتغير النظام الغذائي فحسب بل تغير طريقة تحضيرهم للطعام.

كما أظهرت نتائج تحليل العظام وجود تشوهات هيكلية وعلامات الإجهاد المفرط الناجم عن حمل الأحمال أو الركوع لساعات طويلة بسبب طحن الحبوب، ولاحظ العلماء تعب الفقرات وأصابع القدم مما يُشير إلى أن إعداد الحبوب للأكل كان النشاط الأكثر طلبًا وكان يتطلب عدة ساعات من الطحن لإنتاج دقيق كاف لوجبة واحدة.

تم اكتشاف منطقة تل أبو هريرة وحفرة خلال السبعينيات أثناء إنشاء بحيرة الأسد، وأنقذ العلماء ما يُمكن إنقاذه من الآثار، وتوجد المعروضات في المتحف الوطني في حلب.

المصدر
المصدر

هاجر طلعت

طالبة دكتوراه تخصص إعلام - تكنولوجيا الصحافة أحب التدوين وكتابة المقالات شاركت في تأسيس عدد من المواقع العربية مهتمة بالزراعة المنزلية والتصميم والقراءة والتصوير .
زر الذهاب إلى الأعلى