قصص الرعب

جزيرة بوشيب (الجزء الثاني)

جزيرة بوشيب الجزء الثاني
ارتجفت بسبب نبرة صوته ووجهه الغاضب، أحسست بتأكيد لتلك الأحاسيس المرتابه داخلي، أحسست أن هناك أمراً غير طبيعي.
قررت أن أتجرأ واسأله ما الأمر ولماذا وجوه الجميع جامده بدون تعابير ويتصنعون أبتسامة مريبة، لماذا لا يوجد إتصال بينهم وبين العالم الخارجي، كيف يصنعون كل هذه الملابس والمأكولات بداخل الجزيرة لابد أن يكون لهم مصدر يدخل لهم المؤن، وإذا لم يسمحوا باستقبال زوار ويهاجموهم لماذا سمحوا لي بالتواجد بينهم، كان من الممكن أن يتركوني لمصيري المحتوم وسط أسماك القرش !!!
طرحت عليه العديد من التساؤلات التي تدور في رأسي، ووجدته كالعادة جامد الملامح لا يبدي أي تأثر بأسئلتي واجاب باختصار شديد “غداً سيتم الاجابه علي كل شيء”
تركني ورأسي تدور ولا أجد اجابه شافيه، قررت أن أخرج لاتمشي وسط الجزيرة ووسط الناس واتحدث معهم وجدتهم يحضرون لاحتفال ما ويتراقصون بشكل غريب بالقفز في الهواء من انحناء الضهر لتحدث القفزة دبيب في الارض أقرب لزلزال صغير بسبب قفزهم سويا بشكل منظم، وجدت طفل صغير لا يرقص معهم سألته لماذا لا تشاركهم قال إنه مازال صغيرا غير مسموح له وان الأطفال أمثاله في المنزل وهو متسلل لمشاهدة الإحتفال، سألته لماذا هذا الإحتفال، قال إنه تحضير لمراسم (العرفان بالجميل) وتقديم قربان شاب من كل عائله كل خمسة سنوات، والدور هذه المرة علي عائله بوشيب زعيم الجزيرة وقال له أنا سعيد من أجلك لانك ستنال شرف كبير بأن تكون بجانب سيدنا، قال جملته وفر جارياً داخل منزل قريب.
لم افهم معني كلامه هل يقصد أنني سأحضر الحفل بجانب زعيم القبيله مثلاً وهذا شرف أو شيئاً كهذا ولكن قلت لن أسلم عقلي للهلاوس ..فقد طلبت أن اخوض مغامرة وها قد استجاب طلبي وأكثر مما توقعت يوماً ..
تركت اهل القريه يرقصون وقررت أن أخرج للشاطئ لعلي اري مركبا أو مجرد أن اتنفس هواء مختلف بعيد عن الرقص الماجن في الداخل، تخطيت الأشجار الكثيفة وتمشيت علي الشاطئ لا اعلم المدة ربما ساعة من الزمن وقررت الرجوع لأهل الجزيرة تخطيت الأشجار الكثيفة ولكني لم أجد شيئاً!! لا يوجد مباني ولا أشخاص اين كل شيء !! هل اهلوس من جديد ام ماذا..
رجعت للشاطئ ربما اندمجت في المشي أكثر من اللازم حتي ذهبت لطرف اخر من الجزيرة،ظللت أبحث ولم اجد شيئاً!! جلست علي الشاطئ اتسأل ماذا حدث لم اطل التفكير حتي قاطعني ناذر وقال أين أنت فقد بحثت عنك في كل مكان، نظرت له مستغرباً وقلت له لابد أنني تائه، قال ضاحكاً لا أنها خدعه صنعها أجدادي مدسوسة وسط الأشجار الكثيفة لإبعاد الغرباء تجعل من يمر لا يرانا ويتوه في بُعد آخر ولكن إذا اخذك أحد أبناء الجزيرة فذلك بمثابة تصريح لك للمرور لعالمنا الخاص، أنه شيئا مدهش أليس كذلك !
ظللت مندهشا وزاد اندهاشي أكثر عندما مررنا الأشجار الكثيفة التي مررت منها ولم اجد شيئاً، رأيت الجزيرة وأهلها كما تركتهم يرقصون!!
دار رأسي ولم استوعب فكرة الخدعه والأشجار وما قصه علي ناذر ولكن لم يكن لدي إختيار أخر سوي الذهاب معه، فالاختيار الأخر هو الموت علي الشاطئ وحيداً لانني لن أقدر أن أعود وحدي..
ذهبت للكوخ المخصص لي ووجدت ملابس جديدة وكل أصناف الطعام التي أحبها لا اعلم من اين عرفوا ما أحب ولكن كنت سعيد بذلك واستبدلت ملابسي واكلت حتي نمت .

ذهبت الشمس وعلت الطبول واتي ناذر وهو يلبس علي رأسه عمامة مزينه بالريش وملابس حريرية حمراء مزينه بخطوط ذهبيه ويقول لي، الأن سنذهب للحفل وفي الطريق سأشرح لك كل شيء، خرجت معه وفي الطريق بدأ في الحديث
“يا عمرو أنت كُنت مختار لتواجدك هنا في الجزيرة لم تأتي صدفه، لا يوجد ما هو صدفه في هذا الكون، فقد اتي أجدادي للجزيرة منذ هبط آدم الأرض وعملوا علي تعميرها كما ترا، وابتعدوا عن باقي الأماكن حتي لا يزعجنا أحد فلا يتقبل طبيعتنا وعاداتنا وتقاليدنا أحد، ولذلك انعزلنا، ولكن كان للجزيرة سيد عندما هبط عليها أجدادي وكان له شرط وحيد حتي يتركهم يعيشون علي الجزيرة، هذا الشرط هو تضحيه برجل ينتقل للبعُد الأخر ليعيش مع سيدنا، كل خمسة سنوات، أضطر أجدادي الموافقه فليس لهم مكان أخر يذهبوا اليه فهم مشتتين في أنحاء الأرض، وقرر زعيم القبيله وقتها أن علي كل عائله أن تضحي مرة حتي يكون الموضوع عادل ونثبت ولائنا لسيدنا.. والجيل الذي يسبقني كان أبي وله العديد من الإخوة ولكن في الجيل الحالي يوجد فقط انا في عائله بوشيب لا يوجد لدي اخوة، ولا يريد أن يضحي بي فا أنا ابنه الوحيد، ولذلك طلب من سيدنا أن لابد من حل، قال له الاخير أنه من الممكن استبدال القربان بأخر، عكف والدي علي التحايل علي العائلات الأخري بتقديم قربان من أبنائهم ولكنهم رفضوا جميعاً، ولذلك عندما لاحت مركبكم في الآفاق لمعت الفكرة في رأس أبي وبعثت لكم العاصفه ليأتي أحدكم أو ثلاثتكم لهنا، ولكن كان حظك انت فقط ليتم استبدالك بي لتعيش مع سيدنا!!
توقفت عن المشي وانفتح فمي رغما عني من شدة الدهشه، وقلت له من؟ مين يعيش مع من بدل من؟ أهذه مزحه، أن كانت مزحه فأنا لا اتقبلها، ولكن نظر لي ووجهه جاد جدا وقال لا ..أنها ليست مزحه انظر أمامك كل هذا الإحتفال من أجلك فسوف تعيش معنا علي الجزيرة في بُعد أخر ليس البُعد الذي أنت قادم منه ولا البُعد الذي نحن فيه ..لا بل بُعد اعلي مقاماً وهو الذي يعيش به سيدنا !!
نظرت أمامي وقد مشينا أمتار كثيرة لداخل الجزيرة لم الحظهم من شدة انتباهي لما يقوله ناذر، ووجدت نفسي وسط أشجار كثيرة مفرغه تكون حلقه واسعه كبيرة وأهل الجزيرة بأكملها متواجدون لا يكفون عن الرقص والزعيم بوشيب يتوسط المجلس، علت الإضاءة وخفتت وظل الدم يتدفق برأسي وعيني كأنما تضرب بها كشافات عالية الإضاءة فجسدي ينذرني بأنه علي وشك الاستسلام لنوبه من الذعر والهبوط تؤدي إلي فقداني للوعي ولكن أثناء مراحل تداعيات جسدي المسكين وسط كل هذه الأحداث التي لا يستوعبها عقلي، رأيت أهل الجزيرة كما رأيتهم اول مرة أنصاف بشر أنصاف حيوانات وأشكال أخري كثيفة الشعر ولسوء الحظ فقدت الوعي، لم ادري كم مر ولكن استيقظت وسط دائرة بها تمثال كبير يتعدي الثلاثة أمتار لجسد بشري بوجه ماعز ومخالب، ويتحدث كل أهل الجزيرة، الذين عادت صورتهم لأشكال بشريه مرة اخري، بلغه غير مفهومه وتمتمات حتي انطفأت كل النيران وصمتوا، ماذا حدث !! حتي اتي ناذر باكياً وقال لي “لم يتقبل سيدنا القربان، لم يتم الموافقه عليك لابد أن أذهب انا لم تكن كافياً” وذهب في موجه بكاء عاتيه ..!!!
ساعدني ثلاث من أهل الجزيرة علي القيام وتم ربط ناذر لرفضه الشديد علي الإنصياع لأوامر والده بتقديم نفسه قربان برضاه، ولذلك ربطوه وأشعلوا النيران وبدأو في التمتمه في نفس واحد حتي انطفأت النيران مرة أخري وعندما اشعلوها كان اختفي ناذر!!!!
صاحوا فرحين مهللين لقبول قربانهم ورقصوا مرة اخري علي موسيقي صاخبه…
والان ماذا ما هو مصيري يجب أن أعود لبيتي واعرف ما حدث لأصدقائي، لابد أن والدتي قلقة علي أيضاً كثيراً …
ذهبت للزعيم بوشيب وهنأته علي قبول القربان واعربت له عن آسفي لفقدانه ولده الوحيد، وسألته عن مصيري، قال لي ماذا تريد، قلت له اريد العودة لمنزلي، قال فليكن …
أنتهي الحفل وذهبت للكوخ الخاص بي ونمت، استيقظت علي إحساس مياه تغمرني!! ما هذا انا في وسط المحيط !!! ارتدي سترة النجاة ونفس ملابسي، هل كنت احلم كل هذه الفترة ماذا حدث!! رأيت مركب علي مرمي بصري وظللت أصيح النجدة …النجدة حتي رأيتهم يغيرون الإتجاه قادمين لإنقاذي، وعلي متن المركب كان صياد مغربي وابنه، وفي الطريق أخبرته عن اسم صاحب المركب التي استأجرناها انا واصدقائي وقال ” أعرف صاحب المركب فقد تاه بها ثلاث شباب وعاد منهم اثنان فقط، وظل الجميع يبحث عنك فأنت متغيب منذ شهرين!!! حتي فقد اصدقائك الأمل وعادوا الي مصر، اخبرني كيف نجوت طيله هذه المده؟”
استغربت أنه قال شهرين فقد مر بالكاد ثلاثه ايام ثم قصصت عليه ما حدث معي، تغيرت ملامحها وأخبرني أن هذه الجزيرة تظهر وتختفي في البحر ولا وجود لها علي الخريطه ومن ذهب هناك لم يعد ابداً، وقال أن والده أخبره ذات مرة أنه مر بجانبها بعد عاصفه رمته هناك ورأي عليها جان يتراقص أنصاف بشر وأنصاف حيوانات من كلاب وأسود !!
لم أكن أخبرته بما ظننته هلاوس ولكن قد أكد علي للتو أنني عشت شهرين كاملين وسط قبيلة من الجان !!

تمت

زر الذهاب إلى الأعلى