حب السلطة في علم النفس
علم النفس لم يترك مصطلح أو حالة أو صفة تمر بها النفسية البشرية إلا وتناولها، نستعرض معكم حب السلطة في علم النفس وجميع المعطيات التي سنوضحها من منظور علم النفس.
حب السلطة في علم النفس من حيث التعريف
نبدأ معكم بتعريف السلطة بشكل مبسط ومختصر ألا وهو فن القيادة والإدارة التي تشمل كافة أركان الأمر والنهي، وبموجبها يجب على الرعية الطاعة والتسليم وتقديم المشورة، والسلطة قد تكون بيد شخص أهل لها أو عكس ذلك، وليس مؤهل للسلطة فحينها تنتفي عن الرعية واجباتها من طاعة وغيرها.
من الطبيعي أن يحدث للشخص الذي يتولى منصب أو يتحول الشخص من عادي إلى شخص له سلطة؛ فإنه نفسيًا يتأثر وتسيطر عليه ذلك التحول بشيء من حب الذات، والإعجاب بنفسه لفترة زمنية تختلف حسب شخصية كل فرد تولى سلطة، هناك من يكون تأثرهم وقتي ويزول، وهناك من يستمر معهم بل ويتفاقم ويغير من سلوكياتهم بشكل كبير، فتجده أصبح يقوم بمهامه عن طريق الإجبار ولا يظهر روح التعاون مع من هم تحت رعيته، وقد يتحول ذلك إلى حالة تعلق وحب تؤثر على أركان السلطة وحقوق الرعية، وتجعله يتمسك بتلك اللعنة حتى في ظل إخفاقه وعدم تقبل الأطراف الأخرى له.
وهناك بعض من يتولون منصب السلطة ويقومون بالاستحواذ والحصول على تأييد من الرعية بشكل رائع، نتيجة توافر كافة الشروط التي تخولهم لذلك، دون أن يشعروا سيجدون الحب من خلال نتائج أفعالهم العظيمة.
في كلا الحالتين حب السلطة إما أن يأتي من الشخص الذي بيده زمامها أو من نتائج أفعاله المثمرة، يجب عدم الاسترسال في كلا الحالتين حتى لا تطغى العاطفة على القيادة والإدارة الرشيدة للأمور، لأن هناك سلطات كالسلطة التشريعية والقضائية ومن يتولى ذلك المنصب عليه أن يكون نفسيًا بعيد كل البعد عن التعامل بالغرائز والعواطف لأنه لا تكون دائمًا على حق أو صواب.
أيضًا هناك سلطات صغرى على مستوى الحي مثل شيخ الحارة، أو القبيلة وكبيرهم وزعيمهم، أو العائلات مثل قيادة الأب لأهل منزله أو عائلته.
تملك هذا الحب بدون شعور أو إدراك يجعل الانسان مغيب عن تصحيح أخطائه؛ فتجده يسير في اتجاه الهاوية التي ربما تطيح بسلطته ورعيته، لكن إذا كان نفسيًا معتدل ومتزن فهنا نجد سلطة متكاملة متطورة، تمتلك أركان وأسس مفيدة، فيتمتع الرعية بحالة صحية مفعمة بالنشاط والحيوية ويؤدون بشكل ممتاز حيال تطوير وتقدم مجتمعهم.
العلاج النفسي لحب السلطة
إذا كنت على رأس سلطة وتعاني من تلك الأعراض المخالفة لطبيعتك النفسية المعتدلة، وتبعدك عن الأجواء المتعاونة فهنا أنت تعرض نفسك لخطر الانزلاق في حب السلطة والتعلق بها، لا تجعل هدفك في الحياة فقط هو التمسك والتشبث بالسلطة، بل يجب أن تكون لك حياة عملية أخرى، وتمتلك مهارات كثيرة لكي لا تكن السلطة مصدرك الوحيد للدخل أو الحياة.
مهما كانت سلطتك عالية ولك نفوذ قوي لحياة صحية ونفسية عليك أن تختلط بالمجتمع المتوسط من فئات بسيطة وأعمال خيرية لأناس لا يملكون قوت يومهم من أيتام وعجزة، وتمضية بعض الوقت معهم من حين لآخر، هذا يجعلك أقرب للحالة النفسية المتوازنة.
اعلم جيدًا أن السلطة زائلة مهما كانت فأنت مجرد مسؤول تحمل رسالة مؤقتة، وأنك قد تفقدها حتى بالوفاة، فاجعل هدفك استثمارها فيما هو نافع ومردود عام مفيد.
المصدر: دكتور بشار الشريف، غريزة حب السلطة