رسائل مجهولة المصدر
الرسالة الأولى
لا اعلم من سيتلقى تلك الرسالة، وليست لدي أي فكرة عن المصير الذي ستؤول إليه كلماتي…لكن الخيارات ليست بالكثيرة عندما لا يكن أمامك سوى انتظار موتك البطيء!
لعلك تتساءل عن اسمي وموقعي الحالي، ولماذا استسلمت لمصير يتعارض مع الغريزة الأساسية المغروسة داخل أعماق كل حي .. غريزة البقاء! وعوضًا عن محاولة النجاة أقوم بكتابة تلك الرسائل والغرق أكثر في الهاوية المظلمة المقدرة لي! وللإنصاف فإنها تساؤلات منطقية لأي إنسان طبيعي.. إنسان لم يثر غضب من يشاركونا الحياة دون أن ندركهم! لقد أثرت غضبهم وأنا الآن أتلقى جزاء تصرفي الطائش.
كنت قد بلغت السادسة والثلاثون في المرة الأخيرة التي قمت فيها بإحصاء سنين عمري، لا استطيع تحديد المدة التي أمضيتها في هذا المكان لعدة أسباب: أولهما عدم وجود ليل أو نهار؛ يوجد ضوء طوال الوقت لا استطيع تحديد مصدره، ولهذا السبب يستحيل إدراك مرور اليوم من عدمه. أما السبب الثاني فهو نتج عن استنتاجي ان الوقت يمر هنا بشكل أسرع من خارجه؛ فعلى الرغم من عدم تيقني بخصوص مدة مكوثي هنا.
ولكنها بالتأكيد ليست طويلة بالحد الكافي حتى ينتصر اللون الأبيض في معظم معاركه ويستطيع فرض إرادته على خصلات شعري! فكان هناك تفسيرين لا ثالث لهما: إما أن اليوم يمر هنا بشكل اسرع أو أن جسدي يخطوا بخطوات واسعة نحو شيخوخته! ومع أن النتيجة واحدة لكني فضلت الاستنتاج الأول؛ لأنه يحمل بين طياته أمل أن كل شيء سيعود لأصله إذا تم إنقاذي وإخراجي من هنا.
تبدأ حكايتي بالبدايات الاعتيادية لمعظم القصص التي تعلمها جيدًا إذا كنت من محبي قصص الرعب والجن و خلافه، فلن أزعجك بتكرارها مرة جديدة؛ كي لا أفقد جمهوري الوحيد واخسر فرصتي في تمضية وقت أطول في الحياة ولو حتى على صورة أفكار تدور بذهن شخص آخر! لكنها القصة العادية : كتاب قديم .. أوراق مهترئة.. طلسم عجيب..البحث على الإنترنت.. اكتشاف أن الكتاب له تاريخ قديم.. الطمع في ما سيُمكنني الطلسم من فعله..الطقوس المثيرة للاشمئزاز ثم الخوف، ولا شيء بعده.
لم أتمني الفشل في حياتي مثل ما تمنيته في تلك اللحظة حين أتممت كل المطلوب، واكتشفت أنني قد نجحت في تنفيذ شروط التحقق عندما ظهر أمامي بدون أي مقدمات! لم يخرج بين الأدخنة البيضاء ولم تتحرر قطع الأثاث من سيطرة الجاذبية لتكتشف فجأة خاصية الطيران.. ولكن ببساطة أصبح هنا!
أتوقع أنك الآن تتوقع أن أقوم بوصفه وأخبرك عن طوله الشاهق ونظراته النارية وربما عن جسده الأسود المغطى بالشعر الكثيف، لكنها كانت أشياء متوقعة بالمقارنة ما حدث في اللحظات التالية؛ فلقد شعرت فجأة بعمود من الهواء البارد يخترقني من الخلف !
استدرت بحركة غريزية واكتشفت انه لم يكن بمفرده، كان هناك ثعبانًا ضخمًا يكاد يماثلني طولًا؛ و كانت عيناه تنظران مباشرة في عيناي، وأما سبب ما شعرت به في أخر عنقي فكان بسبب لسانه المشوق، و الذي كان قد ترك مكانه وأخذ يتحرك بشكل مُقزز حولي بمسافة لا تتعدى بضع سنتيمترات! وأظنه كان الوقت المناسب لفقدان الوعي..و..
اسمع الآن أصواتهم تقترب مني، سأنهي الرسالة عند تلك النقطة وسأقوم بإكمال ما حدث في رسائل قادمة..إذا أتيحت لي الفرصة..
أقرأ أيضًا
الرواية الملعونة الحلقة 1 ذئب تازيري