
شبح جو العجوز
كثير ما نرى الأعمال التي تعبّر عن فكرة الانتقام، تعرض لنا قصصًا حركتها المشاعر الإنسانية و الرغبات الدفينة للبحث عن العدالة، مما يجعلنا نتسائل هل روح الانتقام موجودة حقا ؟..
في مقاطعة شمال كارولاينا وقبل الحرب الأهلية الأمريكية مباشرة، و في إحدى منشآت العبيد ذوى الأصل الإفريقي، أدرك مالك المنشأة بأن إحدى عبيده قد تقدم بها العمر بشدة.
كانوا يسمونها جو العجوز، امرأة طيبة و رقيقة القلب، اعتنت بأطفال المالك و ربتهم كأنهم أطفالها، لذا شعر المالك بأن عليه رد الجميل إليها و أن من واجبه رعايتها خلال سنين عجزها.
لذا قام ببناء غرفة خاصة لها في مكان مختلف عن مسكن العبيد و أمر فتاة يسمونها سيسي بأن تقوم على خدمة جو العجوز، و بالفعل قدّر المرأة العجوز إحسان سيدها وشكرته على ما فعله، ولكنها كذلك أدركت أن الفتاة المسئولة عن خدمتها ليست سوى فتاة معجزة، ولا ترى سيسي بدورها السيدة العجوز إلا عبئا فوق كتفها.
لم تكن تحضر الماء للعجوز إلا حين تتوسل الماء عطشًا، ولم تكن تطعمها إلا بعدما تطعم نفسها و تتركها جائعة لأيام، بل حتى أصاب المرض جسد جو العجوز لكون سيسي تتكاسل عن تغيير مكانها و تتركها لفترات طويلة جدًا فوق كرسيها بعيدًا عن الشمس.
في الحقيقة كانت العجوز تحاول إخبار سيدها ولكنه قد غادر المنشأة مع عائلته في رحلة طويلة، لذا حاولت إخبار المسئول عنهم ولكنها لم تستطع مغادرة غرفتها، وحين أتى بعد العبيد لزيارتها أخبرتهم حول ما تفعله الفتاة و قالت”لو كنت صغيرة بما يكفي كنت لأخلص تلك الفتاة المهملة من حياتها”
وفي يوم و بينما كانت سيسي تجلس على حدود حقول المنشأة جاء إليها المسئول ليخبرها بأن العجوز جو قد توفيت في سريرها وهكذا تصنعت الفتاة البكاء و طلبت أن يكون واجبها هي تجهيز جثمان العجوز للجنازة، حتى تخفي أي أثر لإهمالها.
بعد دفن العجوز طلب المسئول من سيسي أن تعود للعمل في الحقول في صباح اليوم التالي، ولكن الفتاة رفضت و حبست نفسها داخل غرفة جو العجوز و قالت بأنها لن تخرج أبدا إلى حين عودة سيدها.
و في اليوم التالي غضب المسئول لإنه لم يجد سيسي بين العمال، لذا قرر أن يقتحم غرفة جو العجوز، وبمجرد أن حطم الباب شل حركته المشهد المرعب الذي رأته عيناه.
كانت الفتاة ميتة بجوار باب الغرفة، وعلى وجهها أقسى إمارات الرعب و الخوف، وكان أظافرها قد تمزقت و سالت منها الدماء و كأنها كانت تحاول الخروج من الغرفة بيأس فحاولت تمزيق الجدران بأظافرها.
لم يعلم أحد بكيفية موت الفتاة، فقد كانت وحيدة في تلك الغرفة طوال الليل، ولكن العبيد جميعًا يعلمون بداخلهم، بأن العجوز جو عادت ل” تخلص تلك الفتاة المهملة من حياتها”.