سينما

عزيزي المنتج.. أبشر

بقلم عبدالرحمن جاويش

عزيزي المُنتِج.. أبشر
(ملحوظة من كاتب المقال: الحالات التي سيتم تناولها في هذا المقال هي طفرات إبداعية؛ وليست بالضرورة قاعدة ثابتة يرتكز عليها المنتجين، في النهاية الإبداع يحتاج من يرعاه ماديًا، ولهذا السبب وُجِدَ المُنتجون، وليس لتحجيم الإبداع بحجة الميزانية.)

عزيزي المُنتِج.. أبشر الإنتاج السينمائي مهما كان عملًا فنيًا، هدفه خلق صورة إبداعية في أفضل بروازٍ ممكن؛ إلا أنها مهنة ربحية كغيرها، علاوة على كونها تعكس تقدم آليات كل حقبة زمنية.. لكنها في الأول والأخير “صناعة” كما يتعمد وصفها جميع الممثلين في لقاءاتهم التلفزيونية؛ صناعة من أولوياتها الربح موازيًا للإبداع، إن لم يكن مُقَدمًا عليه في بعض الأحيان.

والآن عزيزي المنتج دعني أساعدك في جلساتك مع هؤلاء المبدعين الحالمين، الكُتَّاب والمخرجين المُحملين بأفكار جديدة ستكلفك أموالًا طائلةً، وعوائدها ليست مضمونة، سأعطيك حجة إضافية على جملك التي اعتادها هؤلاء المغيبين، لن تقول لهم “السوق عايز كده.” بعد اليوم، ولن تظهر أمامهم في صورة الأحمق حين تقول “عايزين reference روماني ولا صربي نترجمها متكلفناش كتير”.. سأعطيك موضوعًا جديدًا لتتناوله في جلساتك وتخرج منها فائزًا.. سأملي عليك بعض أفلام لم تكلف صناعها سوى “شوية ملاليم” لكن لإبداع فكرتها وتميز حبكتها حصدت الملايين من شباك التذاكر.

Buried 2010 .1

هل سمعت من قبل عن مصطلح تحويل التراب ذهبًا، هذا المصطلح ينطبق بشكلٍ حرفي على هذا الفيلم، الفيلم الذي جمع 20 مليون دولار إيرادات بعد أن أنفق عليه ما يقارب المليونين؛ فقط لاختلاف فكرته؛ فهذا فيلم تدور جميع أحداثه داخل تابوت  ومن بطولة ممثل واحد..

حيث يستيقظ “بول كونوري” سائق النقل الذي يرتحل لدولة العراق في مهمة عمل مع شركته ليجد نفسه داخل تابوت، مدفونًا وسط التراب، ليس معه سوى قداحته وهاتفه المحمول.

نكتشف مع الوقت أن “كونوري” كان مختطفًا بواسطة مجموعة من المسلحين العراقيين، وقد دفنوه تحت الأرض حتى تقوم الشركة بتسديد فديته، وهنا يحاول “بول” البقاء على قيد الحياة أطول فترة ممكنة أملًا في أن تأتيه النجدة من هذا الصراع الذي لا حول له فيه؛ في رسالة مباشرة للنظم العالمية التي لا تهتم بحياة الأفراد وذويهم، لهثًا وراء بعض المكاسب المالية.

Paranormal activity   2007 .2

لم يلجأ الجزء الأول من سلسلة الرعب الأشهر مؤخرًا إلى الميزانية المنخفضة خوفًا من الإنفاق، ولكن لتوصيل جرعة الرعب كاملةً للمشاهد، فقد سوق صناع هذا الفيلم في بدايته للجمهور فكرة “الفيلم الذي حدث بالفعل”، وأنهم ينقلون تجربة مشاهدة ظواهر غير طبيعية حدثت فعليًا لأشخاص موجودين في الواقع، وليس لممثلين ملتزمين بنص مُحكَم.

يروي الفيلم قصة حياة شخصين ينتقلان لمنزل جديد تحدث بداخله طاقة غريبة أثناء الليل، تيمة رعب مكررة قُتِلَت كتابةً وتصديرًا للمشاهد، ولكن “المصداقية الكاذبة” هي ما جعلت هذا العمل وأجزائه اللاحقة تختلف عن كل ما قُدِمَ من قبل.. لتضيف هذه الفكرة صفرين على يمين العشرين ألفًا تكلفة إنتاجه.

My Big Fat Greek Wedding 2002 .3

تخيلي معي أنكِ الآن ممثلة متوسطة الشهرة، كتبتي نصًا مسرحيًا ظننتي أنه سينجح نجاحًا معقولًا.. حتى يتصل بك “توم هانكس” شخصيًا ليخبرك برغبته في إنتاج النص الخاص بك، وأنه سيراهن عليك بخمسة ملايين دولار، تظنين أن الأمر مجرد مزحه من صديق سخيف وتهمين بإغلاق الخط، لكن يتضح أنه “هانكس بالفعل”.

إن أمكنك أن تتخيل هذا السيناريو الخيالي، سأفاجئك بسيناريو أكثر غرابة بنجاح الفيلم وحصده أكثر من 368 مليون دولار، وترشحه للأوسكار عن أفضل نص أصلي.. هذا بالضبط ما حدث مع الكاتبة “نيا فاردالوس”، وقصتها الطريفة حول الفتاة اليونانية التي ترغب في الزواج من رجل أمريكي، وتحاول إقناع أهلها به.

Mad max1979 .4

الإصدار الأول من Mad max لم يتوقع هذا النجاح للقصة ولا للنجمه “ميل جيبسون” فقد بدأ الأمر كمحاولة للخروج عن المألوف من تيمات السينما المعروفة في هذه الفترة، لذلك لم يخاطر صناعه بأكثر من مئتي ألف دولار لتمويل قصة ديستوبية في عالمٍ يوشك على الفناء؛ حيث الصراع بين الشرطي “ماكس” الذي يحاول الانتقام من العصابات التي تسببت في مقتل شريكه زوجته وابنه.

Rocky 1976 .5

بالضربة القاضية نجح النجم العالمي “سيلفستر ستالون” في فيلم “روكي” بجزئه الأول أن يحقق صافي ربح أكثر من مئتي مليون دولار، بعد أن كانت ميزانيته لا تتخطى المليون.. والفيلم ينتمي لتيمة “رحلة البطل الرياضي”، ويحكي عن “روكي” الملاكم المغمور، والذي يعمل بأكثر من وظيفة وبالتوازي يخوض مباريات الملاكمة، ونخوض معه رحلته للصعود على قمة هذه الرياضة.

 أتمنى أن أكون قد أفدتك عزيزي المنتج، لا تنسني فيما ادخرته من هؤلاء الحالمين، واتصل بي لأعطيك أفكارًا حالمة لن تكلفك الكثير على الإطلاق.

اقرأ أيضاً

البرنس أم المهاجر؟

هل يعتبر النهاية بداية جديدة؟

عبدالرحمن جاويش

كاتب وروائي شاب من مواليد محافظة الشرقية سنة 1995.. تخرج من كلية الهندسة (قسم الهندسة المدنية)..صدر له عدة رويات منها (النبض صفر،) كتب في بعض الجرائد والمواقع المحلية، وكتب أفكار العديد من الفيديوهات الساخرة على مواقع التواصل الاجتماعي.. كما دوَّن العديد من قصص الديستوبيا على صفحته الشخصية على موقع facebook وحازت على الكثير من الإشادات من القراء والكُتَّاب كذلك..
زر الذهاب إلى الأعلى