سينما

عن صاحب المقام وما بعده

عن صاحب المقام وما بعدهشهدنا منذ أيام حدثًا جديدًا، يليق بـ2020 المتفردة في كل شيء، فقد كانت هذه المرة الأولى التي نشاهد فيها فيلمًا “عالي الجودة والإنتاج” يُطرح للمشاهدين في المنازل قبل طرحه في دور العرض.. بعيدًا عن موضة أفلام المقاولات، والتي لا تزال مستمرة حتى الآن؛ وهي أفلام تعتمد على إنتاج “رخيص” نسبيًا، وتباع مباشرةً لمحطات التلفزيون أو لشركات الطيران بثمن يضمن للمنتج هامش ربح.. ولكن مع “صاحب المقام” الذي عُرِضَ منذ أيام على منصة “شاهد VIP”.. فالوضع مختلف تمامًا.

كانت الظروف مواتية تمامًا لنجاح تجربة “صاحب المقام” مع “شاهد”.. فعلى عكس الوضع الطبيعي قبل زمن الكوفيد-19.. فصناع السينما لديهم من الأفلام ما لم يشهد دور العرض بعد، ولا يطاردون المواسم كما كان يحدث من قبل.. فهناك أفلام مثل “العارف” من بطولة أحمد عز، و”البعض لا يذهب للمأذون مرتين” لكريم عبد العزيز، و”العنكبوت” لأحمد السقا، و”ديدو” لكريم فهمي.. وهي أفلام قد انتهى تصويرها منذ مدة بعيدة.. ولكن منتجي هذه الأفلام لا يريدون المخاطرة بها فور عودة دور العرض، لئلا يخسروا ما أنفقوه من ملايين على هذه الأعمال التي تعتمد في المقام الأول على شباك التذاكر.

ومع زيادة وعي المشاهد العربي بالمنصات الإلكترونية وأهمية الاشتراك فيها، مع الثورة التي أحدثتها منصة “نتفلكس”.. وبالرغم من وجود الكثير من المشاهدين عبر مواقع القرصنة.. إلا أن هذا لم يمنع نشاط المنصات العربية في هذا المجال.. وظهرت أعمال تُنتَج خصيصًا لأجل منصات بعينها، فيما يعرف بـ”المحتوى الأصلي للمنصة”، مثل “شديد الخطورة” الذي يعرض فقط على منصة Watchit، دون أن يمر بمرحلة العرض التلفزيوني الأول، ومسلسل “ما وراء الطببيعة” الجاري انتاجه بواسطة منصة Netflix.

أما عن “شاهد” فقد جاءت بوادر هذا النشاط جاءت مع عرض مسلسل “اللعبة” من بطولة هشام ماجد وشيكو، والذي عرض حصريًا على المنصة قبل التلفزيون بوقت طويل، ومن بعده استمرت حصريات شاهد التي بدأت علاقتها بحصريات السينما عند شراء فيلم “رأس السنة” بعد عرضه مباشرةً في بعض دور العرض، وفيلم “عيار ناري” في عيد الفطر الماضي، ولكن لأن الفيلمين قد عرضا من قبل، ولم يلاقِ أيهما النجاح المتوقع، فلم تنل شاهد حظها من الأضواء.

ولكن حدث “الانفجار العظيم” وعرف كل مشاهد طريق المنصات الإلكترونية مع عرض “صاحب المقام” وهو فيلم يُصنَف كأفلام “الصف الأول” كونه من تأليف إبراهيم عيسى، وهو كاتب مشهور، وكذلك إخراج محمد جمال العدل، ومن إنتاج أحمد السبكي وهو المعروف بخبرته وذكائه في الحصول على مكاسب من وراء صناعته بأي طريقة، فهو من أقل المنتجين عرضةً للقرصنة وللفشل، ومعروف أيضًا بمحاولاته المتكررة للتجديد عن النمط المعروف عن اسم “السبكي” وإنتاجاته.

تروي أحداث الفيلم حكاية “يحيى” وهو رجل أعمال ناجح، والذي يمر بعدة مشكلات مفاجئة بعد قراره بهدم مقام لبناء مجمع سكني مكانه، أهم هذه المشكلات هو مرض زوجته، فيقرر أن يزور الكثير من الجوامع، ويحقق طلبات أصحاب الدعوات وتلبية جواباتهم الموضوعة في صندوق النذور..

وعلى عكس المتوقع، لاقى الفيلم نجاحًا كبيرًا بعد عرضه في منصة شاهد، حتى الجدل المثار بخصوص الأضرحة، ومدى صحة هذا المعتقد دينيًا، كان برهانًا على نجاح الفيلم ومتابعة الكثيرين له، مما يشجع المنصات نفسها على إنتاج الأعمال السينمائية بنفسها، فيجد صناع السينما ممن يعانون نقصًا في فرص الظهور منفذًا جديدًا لعرض أعمالهم.

تجربة سينمائية أخرى تنتظر العرض على إحدى المنصات، وهي “فيلم الحارث”، وهو فيلم ينتمي لنوعية التشويق والإثارة، ومن بطولة أحمد الفيشاوي وياسمين رئيس.. وأظن أن تجربة صاحب المقام ستشجع صناع “الحارث” على تجربة المنصات الإلكترونية في العرض السينمائي الأول للفيلم.

كما قلت في  البداية هذه الظروف الأمثل للمنصات الإلكترونية حتى تطور من نفسها، وتبتاع المزيد من الحصريات، نظرًا لخوف الناس من الذهاب لدور العرض حاليًا، حتى أن نسبة الـ25%، وال50% التي أقرتهما الحكومة المصرية تباعًا لم يؤثرا إيجابًا على رواج دور العرض، وكذلك تطور العرض المنزلي، من شاشات أكبر حجمًا وأعلى جودة، وكذلك معدات الصوت المتطورة، والتي ينقل بعضها تجربة أكثر متعة وخصوصية من صالة العرض، التي لن تفقد سحرها أبدًا..

ولكن هذه الفترة الأجواء منزلية أكثر.. وبصورة مؤقتة حتى يتشجع صناع السينما على طرح إصداراتهم في دور العرض، فالمنصات هي الحل الأمثل، ولكي يستمر هذا الحل ويتطور فيما يخص المحتوى العربي، يلزم تغيير عقلية بعض المشاهدين ممن يشجعون على القرصنة، خصوصا أن اشتراك هذه المنصات الشهري زهيد ويمكن تقسيم الحسابات بين أكثر من شخص.

اقرأ أيضاً

عن رامي وصراع الهوية

كذب the simpsons ولوصدقوا

 

عبدالرحمن جاويش

كاتب وروائي شاب من مواليد محافظة الشرقية سنة 1995.. تخرج من كلية الهندسة (قسم الهندسة المدنية)..صدر له عدة رويات منها (النبض صفر،) كتب في بعض الجرائد والمواقع المحلية، وكتب أفكار العديد من الفيديوهات الساخرة على مواقع التواصل الاجتماعي.. كما دوَّن العديد من قصص الديستوبيا على صفحته الشخصية على موقع facebook وحازت على الكثير من الإشادات من القراء والكُتَّاب كذلك..
زر الذهاب إلى الأعلى