حصل

غزة بين التهجير والتحرير.. هل ينتهي الصراع؟

غزة بين التهجير والتحرير.. لأكثر من مائة عام يقف الشعب الفلسطيني صامدا أمام هجمات التتار الجدد المتلاحقة مستخدمة كافة أنواع الأسلحة سواء المسموح بها في الحروب أو المحرمة دوليا، وبدعم غير مسبوق من الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، من أجل تمكين الكيان الصهيوني من الأرض الفلسطينية وطرد السكان الأصليين من الشعب الفلسطيني البطل.

غزة بين التهجير والتحرير

وفي أحداث غزة الأخيرة في 7 أكتوبر 2023 التي بدأت باقتحام مقاتلي حركة حماس للجدار الفاصل بين الأرض المحتلة وقطاع غزة، واستمرار المواجهات بين الطرفين، اختار الكيان الصهيوني أن يكون كما عهدناه دائما خسيسا في معاركه، اختار الأطفال والنساء والمسنين، البيوت والطرقات والمستشفيات لتكون هدفا بديلا له عن عدم قدرته على استهداف مقاتلي حماس أو مواجهتهم يوم 7 أكتوبر.

جرائم الحرب

كان من نتيجة هذا الاعتداء السافر والسافل على المواطنين العزل استشهاد آلاف الفلسطينيين وإصابة عشرات الآلاف بإصابات مختلفة مع صعوبة غير مسبوقة في تلقي العلاج المناسب بعد ضرب المستشفيات، في واحدة من أكبر عمليات التطهير العرقي وجرائم الحرب في التاريخ الحديث.

وبعد أن تدخلت قوى الاستعمار القديم من أجل إنقاذ الدولة العنصرية الصهيونية وحمايتها بكافة الوسائل مستخدمة في ذلك المساعدات العسكرية والمالية والدعم الإعلامي غير المسبوق، حتى أن دولة الحريات والعلمانية «فرنسا» أصدرت قانونا واضحا وصريحا بتجريم كل من يدافع عن فلسطين وشعبها في تحدي واضح للقوانين والمواثيق الدولية. بعد أن تدخلت تلك الدول ومنعت حتى اتخاذ أي قرار في مجلس الأمن بوقف القتال وإدخال المساعدات الطبية لأهالي غزة.. نجد أن احتمالات اتساع دائرة الصراع مطروحة بقوة وخاصة بعدما أعلن الكيان الصهيوني فكرته الخطيرة والمستحيلة برغبته في تهجير أهالي غزة إلى شمالي شرق سيناء المصرية. 

تهجير أهالي غزة

بذلك تدخل القضية الفلسطينية في منعطف تاريخي جديد، وهو ما يعادل «نكبة ثانية» بعد نكبة 1948، فهل يستسلم العرب والشعب الفلسطيني لتلك الرغبة الصهيونية في التطهير وتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه أم يواصل النضال بدعم حقيقي من الأقطار العربية وخاصة مصر والأردن، وبأكبر قدر من وحدة الصف الفلسطيني من أجل تحرير فلسطين، وإقامة الدولة على كامل التراب الفلسطيني؟

لقد وضع الكيان الصهيوني القضية الفلسطينية برمتها، بتاريخها ونضالاتها وتضحياتها وشهدائها أمام مفترق طرق، فإما قبول التهجير، ليضاف إلى سجل المهجرين من الشعب الفلسطيني أكثر من مليونين آخرين من سكان قطاع غزة، أو المضي قدما في مسار تحرري يقوده الشعب الفلسطيني المدعوم من الشعوب العربية وكل أحرار العالم.

تصفية القضية الفلسطينية

لقد دعت القيادات الصهيونية وأنصارها من حكام بعض الدول الغربية إلى ضرورة تصفية القضية الفلسطينية، وإنهاء ذلك الملف الذي لم يحرز تقدما ملحوظا منذ أن بدأ، بل على العكس يزداد تعقيدا واشتباكا. فيما دعا الشعب الفلسطيني وقياداته الوطنية إلى ضرورة إنهاء تلك القضية عبر تصفية الاحتلال الصهيوني لأرض فلسطين. 

فما بين التهجير والتحرير تقف القضية الفلسطينية الآن في انتظار لحظات الحسم، أو قرارات القوى الفاعلة في الصراع. ومهما حاولت بعض القوي تهدئة الأمور، أو التدخل لوقف إطلاق النار وبداية مرحلة جديدة من التفاهمات حول قرار الأمم المتحدة بحل الدولتين، أي استعادة مسار السلام مرة أخري، فإن هذا المسار يبدو الآن الأقل احتمالية.

وفي تقديرنا أن أحداث 7 أكتوبر جعلت أمر العودة لما قبله شيء يصعب تحقيقه. فإما التهجير أو التحرير، فلم يعد باستطاعة الصهاينة أن يأمنوا على أنفسهم بعد الآن، ولم يعد باستطاعة الشعب الفلسطيني أن يتحمل مزيد من قتل الأطفال منذ مذبحة دير ياسين وحتى ضرب المستشفى المعمداني منذ أيام.

الصراع في فلسطين

إن هذه الأرض أصبحت لا تتحمل أكثر من طرف واحد، لا تتحمل أكثر من صاحب الأرض، وعلى الشعب الفلسطيني والشعوب العربية بل وكافة شعوب العالم أن تقف وقفة حرة وأخيرة ونهائية للتخلص من هذا الورم السرطاني في جسد العالم.

وأعتقد أننا نمر الآن بفرصة تاريخية لتصعيد الموقف واستثمار الصراع الدولي والانقسام الكبير فيه، ويقظة ووعي الشعوب العربية واستعدادها للتضحية من أجل القضية، من أجل تحقيق مكاسب نوعية على الأرض.. وليس لنا أو أمامنا من خيار آخر، فالعدو يريد أن يقتلع الشعب الفلسطيني من أرضه، وهذا قراره المدعوم من الإدارة الأمريكية، ولذلك فالانتظار لا يعني سوى مزيد من الضعف وضياع الفرصة التاريخية التي لن تتكرر كثيرا، فالعدو في أسوأ حالاته النفسية، أي أنه مهزوم نفسيا فعلا وقولا..

فهل تدفع غزة ثمن الضعف العربي ويتم التهجير أمام أعين العالم أجمع، وأمام الأجيال العربية القادمة، أم يعي ويدرك العرب قيمة تلك اللحظة التاريخية، ويقررون إنهاء هذا الصراع الذي أزهق أرواح ملايين من الفلسطينيين والعرب؟ هذا هو السؤال الذي يبحث عن إجابة له في المستقبل القريب.

كتب/ د. محمد دوير

زر الذهاب إلى الأعلى