فيلم “إنه يأتي ليلًا و الوحش القابع داخل نفوس البشر
لا تُصنع أفلام الرعب لتبعث فيك الخوف فقط، ولا تُصنع كي تُشعرك بقشعريرة القلق، ولا تُصنع كي تفزعك بمشهد لحظي مُبتذل.
بل تُصنع أفلام الرعب كي تجعلك تخوض تجربة غير تقليدية، تجربة مميزة قد لا تمر بها في حياتك أبدًا، وكي تجعلك تعيش لحظات قد ترغب في أن تمر بها، فتجربة الخوف الإنساني هي أنقي التجارب التي يمر بها البشر.
لذلك ومما سبق يتضح أن أفضل أفلام الرعب هي التي تجعلك تخوض تجربة إنسانية فريدة، تجربة من مشاعر الخوف الحقيقية والتي قد تمُس حياتك اليومية، وللأسف أفلام كهذه ليس بالكثير وسط غثاء السيل الذي يغزوا السينما من إبتذال مُكرر.
ولكن واجبي هنا أن أجعلك تتعرف على مثل هذه الأعمال النادرة والتي ستجعلك تخوض تجربة لا تنسى من القلق والخوف والترقب وأخيرًا ..الرعب.
بعد ظهور وباء غامض، أباد ما يقدر عليه من البشر ليترك الأرض بقلة ناجية، تجتمع عائلتان في منزل واحد، يُقرران أن يتشاركا كل شيء، وأن يتحالفا على اختيار العالم الخارجي.
فبعد نهاية الحضارة تختفي كل الأخلاقيات البشرية، ولا يرى البشر أمامهم سوا النجاة حتى لو كان على حساب حياة الآخرين.
لذلك تتحالف العائلتان سويًا حتى يستطيعوا حماية أنفسهم من الشر الكامن خارج المنزل، ولكنهم يدركون في النهاية أن الشر كان قابع معهم بالداخل مُنذ البداية..لقد كانت الرغبة في النجاة.
كانت هذه التجربة القصصية المُبهرة التي قرر فيلم “It Comes At Night ” أن يضع فيها المشاهد البسيط، ويُلقى به وسط دوامة من المشاعر المُتصادمة والمُتصارعة والتي تدور كلها في فلك واحد وهو الرغبة في النجاة.
الفيلم هو التجربة الثانية للمخرج “Trey Edward Shults” بعد فيلمه المصدر للكئابة “Krisha”، ولكن في تجربته الثانية ينفرد بعرض قضية الرعب في أنفس البشر، حيث في عالم على حافة النجاة، تخضع جميع المشاعر والأخلاقيات البشرية لرغبة واحدة وهي الرغبة في الحياة.
و أسفل مظلة “النجاة” يرتكب البشر الفظائع في أقرب الناس إليهم، حيث يظهر ذلك جليًا في شخصية البطل، و الزوج، والأب بول حينما وجد نفسه فجأة أمام المرض وقد اقتحم منزله في جسد جد العائلة العجوز، لذا يقرر بول بكل بساطة قتل الجد، فلن يمنعه شيء عن حماية عائلته وضمان نجاتهم حتى لو قتل البشرية جمعاء.
ولكن إبنه ترافيس لا يزال يُصارع مفهوم النجاة بمشاعره، فهو لا يزال صغيرًا ولا يستطيع فهم كيف يُمكن لإنسان التخلي عن بشريته بهذه السهولة، لذا وبين صراعاته النفسية تطارده الكوابيس، وكل ليلة يتأمل باب غرفة جده ذو اللون الأحمر الدموي يرتقب الوحش المختبئ ورائه والذي سيأتي ذات ليلة ليحصدهم جميعًا.
ولكن ما لم يتوقعه ترافيس أن الوحش كان داخلهم منذ البداية، وكان يقبع داخل نفوسهم.
في النهاية لا أملك سوا القول بأن الفيلم كان تجربة سينمائية فريدة من المشاعر، والخوف، والقلق وقد أستطاع وضعي في بيئة مُفزعة ربما لن تكون بعيدة عن عالمنا في المستقبل.
اقرأ أيضًا
تحور جيني ربما يكون سبب الشيزوفرانيا
أول حيوان نكتشفه يعيش بدون أكسجين.. يشبه كائنات الفضاء