قصص الرعب

فيلم الرعب الأفضل في التاريخ

فيلم الرعب الأفضل في التاريخ
دائما يبادر البعض لسؤالي عن أفضل فيلم رعب رأيته في حياتي.. الفيلم الذي أعتبره الأفضل على الإطلاق والذي لا أقبل فيه مناقشة ولاجدال، وإذا انتقصه أحد أهجم عليه كأسد يطارد ضبعا أخذ طعامه..

و إجابتي عن هذا السؤال لا تتغير.. فأفضل فيلم رعب بل أفضل فيلم على الإطلاق هو فيلم أوديسة الفضاء 2001 : A Space Odyssey..

هذا الفيلم الذي حطم مقاييس العقل والجمال وضرب بتابوهات الخيال العلمي و الرعب عرض الحائط.. هذا الفيلم قدم تجربة سينمائية فريدة ومميزة لا تضاهيها تجربة أخرى بالرغم من تواضع إمكانيات المؤثرات الخاصة في زمنه عام 1968 مقارنة بالزمن الحالي..

وهنا دعني أعطيك لمحة عن قصة الفيلم:

يظهر جسم أسود غريب على القمر ويعتبر هذا الجسم حلقة الوصل بين الماضي والمستقبل والحاضر ولدراسة هذا الجسم يتم إرسال اثنان من رواد الفضاء في مهمة غامضة مع الكومبيوتر الخاص بالسفينة الفضائية “هال”، والذي يبدأ بالتصرف بشكل غريب مما يؤدي لصراع بين الإنسان والآله بين ظلمات الكون في رحلة عبر الفضاء والزمن..

في البداية لا يمكنني أن أتكلم عن روعة الإخراج فطبيعة إخراج المخرج الأعظم ستانلي كوبريك معروفة لدي الجميع وبالتالي لن أحدثك سوى عن فكرة بسيطة من أفكار هذا الفيلم والتي تدب الرعب في قلبي حتى الآن..

ولكن أولا.. سآخذك في رحلة إلى الماضي البعيد.. في زمان حكم الإغريق..

قيل أن الإله العظيم و كبير آلهة الأولمبيين زيوس قد أعجبته يوروبا سيدة كريت لذا قرر أن يقدم لها هدية عظيمة.. هدية تأسر لبها وتحمي أرضها إلى الأبد..

فقام بتوصية حداده هيفاستوس وصنع هيفاستوس عملاق برونزيا ضخما.. عملاقا آليا ميكانيكيا ثم منحه زيوس سائلا خاصا يحمل القوة الإلهية ليسري في عروق تالوس ويعطي الآلي الطاقة على الحركة..

وأصبحت مهمة تالوس الدائمه هي حماية كريت من الغزاة.. فكلما حاولت سفن الطامعين الاقتراب من سواحلها الذهبية أرسلتهم صخور تالوس المقذوفة إلى قاع المحيط، وهكذا حمي تالوس كريت لسنين طويلة..

كان يجول حول كريت ثلاث مرات في اليوم وإذا رأى الغزاة يقذفهم بصخورهم المدمرة، ولكن تالوس كان يمتلك عيبا واحدا، وعلى غرار المقاتل الأسطوري أخيل، كان عيبه في كعبه حيث أن كعبه يمتلك مسمارا يمنع تسرب السائل الإلهي من بين عروقه و لكن تالوس لم يعبأ بذلك العيب فهو كما تري لم يكن مدركا لطبيعته الميكانيكية و كان يظن أنه كائن حي بشري طبيعي..

و في إحدى الأيام و بينما يجول كعادته هائما بحثا عن الغزاه رآي سفن جاسون والأرجونيين تقترب وحينما أوشك على قذفهم بالصخور رآي ساحرة عظيمة و جميلة فوق إحدي السفن فأنزل تالوس الصخرة من يده وحينما إقتربت منه الساحرة حدثته..

قالت له الساحرة أن اسمها هو ميديا واقتربت من العملاق البرونزي ببطء ثم عرضت عليه أن تمنحه الخلود فالخلود هو الكنز البعيد المطارد من قبل كل البشر، وهنا – وغير مدرك للخديعة – طلب منها تالوس أن تجعل منه خالدا فسحرته ميديا ليغيب عن الوعي واستغل الجنود ذلك وانتزعوا المسمار من كعبه ليهرب السائل الإلهي من عروقه ويحتضر تالوس..

وهنا وهو على شفا الموت.. يدرك تالوس طبيعته أخيرا وأنه لم يكن حيا أبدا بل كان مجرد آلة وعلى شفير الهاوية تهرب دمعة صغيرة من عينيه.. دمعة تخبرنا عن مدى شعوره بالخوف والرعب من الفناء والموت وتتركنا أمام احتمال مخيف..

ربما في النهاية.. كان تالوس حيا.. فلا يدرك شعور الخوف من الموت سوى الأحياء..

وهنا نعود مجددا إلي أوديسة الفضاء:

وفي الفيلم.. بعدما يدرك الكومبيوتر وذكاءه الصناعي “هال” أنه أخطاء في حساباته يقرر أن يكون رد فعله كأي بشري عادي وينكر خطأه ويكابر..

وحينما يكتشف رواد الفضاء أن ذكائهم الصناعي المسئول عن الرحله قد طور وعيه بهذا الشكل ليظهر صفة من صفات البشر كالكبرياء يقررون أن عليهم إيقاف تشغليه والحفاظ فقط على وظائفه الأساسية فهو أصبح خطرا علي المهمة..

و لكن “هال” كان يريد الحفاظ على وعيه.. كان يريد حماية نفسه كأي كائن حي فيبادر بقتل أحد الرواد ويلقي بجثته في فراغ الفضاء ويتخلي عن الآخر (دايف) خارج السفينة ولكن “دايف” استطاع دخول السفينة وسار في أروقتها صامتا يخيم عليه الغضب وقد عزم علي قتل ذلك الذكاء الصناعي..

وحينما وصل أخيرا إلي الوحدة المركزية للذكاء الصناعي وحينما بدأ في انتزاع شرائح وعي وشخصية “هال”..

بدأ الأخير بالحديث و قد تسلل الخوف من بين كلماته..

“دايف.. توقف.. توقف.. أرجوك دايف.. دايف هل يمكنك أن تتوقف؟ دايف توقف أرجوك.. دايف.. أنا خائف.. دايف أشعر بوعيي يختفي.. يمكنني أن أشعر به.. وعيي يختفي.. يمكنني أن أشعر به.. أنا خائف”

وبالرغم أنك كمشاهد طوال فترة مشاهدتك للفيلم من حقيقة وعي “هال” و لكن جملته الأخيره واعترافه رغم كبريائه السابق بمشاعر الخوف التي سيطرت عليه هو دليل حقيقي على أنه قد بدأ بالفعل في تطوير مشاعر بشرية..

بل واستطاع معرفة أهم وأقوي تلك المشاعر.. الخوف.. والخوف من بين كل صفات ومشاعر البشر هو سبب أساسي في تطور و تقدم حياة وحضارة البشر.. ولا يمكن إدراك معني الخوف الحقيقي إلا عند اقترابك من مرحلة فناء الوعي واختفائه..

أي.. على حافة الموت ..

وهذا هو الخوف والرعب الحقيقي.. وليست قصص الجن أو العفاريت أو الأشباح التي أصبحت عبثية ومبتذلة من كثرة تكرارها..

بل الرعب الحقيقي.. حينما تدرك أنك حي فقط و أنت على شفا الموت..

المصدر
المصدر
زر الذهاب إلى الأعلى