قصص الرعب

قصة ابن الأرض

قصة ابن الأرض
مرحبًا.. أنا.. لا أعرف من أين أبدأ! حسنًا..

أنا الفتى الذي ولد في القبر وحده دون مساعدة أحد، أنا الذي رأیت الموت بعد ولادتي، أنا الذي أملك عائلة جاهلة.. لیس جهلًا علمیًا ولكن جهلًا دینیًا، جهلًا بالله تعالى، أنا الذي لوثت كفن أمي الأبیض بالدماء.. أنا ابن الأرض..

هكذا أصبح الناس ینادونني منذ ولادتي وكأنني كنت أرید أن أصبح هكذا وكأن هناك أحد في العالم یختار عائلته أو مكان ولادته، حسنًا.. كفانا ألغاز وغموض، سأقص علیكم حكايتي ولكم أن تحكموا هل أنا ظالم أم مظلوم؟

أنا.. أنا عزرائیل.. لا لا لست ملك الموت، هذا اسمي في شهادة المیلاد، جدي من اختار هذا الاسم، یرى أنه مناسب لي، ولشكل ولادتي، عمري واحد وعشرون عامًا.. نعم أنا طالب جامعي تحديدًا في كلیة الطب.. ليس لي أصدقاء، أنا وحید، كیف یكون لعزرائیل أصدقاء؟! فبعض زملائي في الكلیة یشعرون أنني شؤم من اسمي وبعضهم یخاف والباقي یسخرون مني، في الحقیقة لقد أصبح هذا معتاد لي.

ولدت بالقبر.. نعم بالقبر، ماتت أمي وهي حامل بي ورفض جدي أن یستمع للطبیب ویخرج الطفل من بطن أمه.. بالطبع هذا الطفل أنا.. لقد أصر جدي أن تدفن أمي كما هي والطفل في بطنها، لأن هذا الطفل شؤم وإن خرج سیقتل باقي العائلة، كانت أحد العادات المنتشرة أو كما یقال من وجه نظري عاهات ولیست عادات.

وجاءت ساعة الولادة، تحديت الموت، خرجت بمفردي للحیاة دون مساعدة.. كنت أصرخ كأي طفل، سمع صوتي حارس المقابر، ظن في بداية الأمر أن هناك جن أو طفل مدفون وهذا صوت شبحه، بعد فترة قرر فتح القبر وصدم من مشهد الطفل الملطخ بالدماء والتراب، طلب الإسعاف والشرطة سریعًا، وبالفعل فصلني الطبیب عن أمي وأغلقوا المقبرة عليها من جديد…

دخلت المستشفى لفترة، بینما جدي رفض أن یأخذني وقال أنني شؤم ولكن الشرطي قام وسبه بأسوء الألفاظ، فأخذني مرغمًا، بالطبع ستسألون كیف عرفت كل ما حدث؟!

لقد حكت لي عمتي ما حدث، هي أمي الثانیة، فقد كانت لا تنجب وأخذتني ابن لها.

المشكلة لیست هنا، المشكلة أنني نشأت وكبرت غیر كل البشر، كنت أرى ومازلت أرى أشخاص وأشیاء غیر بشریة لكن لم أخاف منها، لقد كنت أراها منذ طفولتي!

كل هذا كلام مشتت بلا معني أو هدف.

سأقول لكم ببساطة أنا الذي قتلت عائلته كلها بلا رحمة، قطعتهم إلى أشلاء صغیرة، كأنهم دخلوا الخلاط بالخطأ مثلًا.

سأبدأ من هنا أفضل..

جدي لم یكن یحبني قط، كان یكرهني جدًا، كان یظن دومًا أنني سبب موت ابنته.. ذهبت له في یوم وصارحته أنني أحب فتاة في القریة وأرغب بالزواج بها، ولكن أتعرفون ماذا فعل؟

صفعني على وجهي وقال اذهب أیها الملعون لیس من حق شخص مثلك أن یتزوج ولیس لك الحق أیضًا أن تعیش، لم أتمالك نفسي ظللت أصرخ حتى أخبرته بأنني أحب “قشة” نعم اسم حبیبتي “قشة” ویا لیتني لم أقل اسمها حیث أنه لم

یكن من فتاة في القریة تحمل هذا الاسم سوى فتاة واحدة، ذهبت في هذا الیوم بعد شجار كبیر إلى فندق یوجد في أقصى القریة كان شبه مهجور ولكنه متوفر به غرف للنوم، ذهبت وحجزت غرفة وجلست بها أتناقش مع أصدقائي عن الذي حدث وما الحل مع جدي.. نعم أعلم أنني قلت أنني لیس لدي أصدقاء.. كنت أقصد البشر فقط ولیس شيء آخر..

 

كما قلت لقد اعتدت منذ صغري على وجودهم، كنت صدیق عشیرة كاملة من الجن وكانوا یحبونني ویساعدونني كثیرًا، على أي حال جلست أتحدث معهم طوال الليل حتى غفوت من التعب، استیقظت في الفجر على صوت عشتار وهي تخبرني بأن حبیبتي في خطر، فقد ذهب جدي لوالدها وكذب وقال أنني قد تزوجت بها دون علم أهلها وبالطبع سیقتلونها بسبب أمر كهذا فهي قد أصبحت عار على العائلة، جدي كان طماعًا، كان لا یرید أن یعطیني ميراث والدي، فهو الواصي حتى أبلغ السن القانوني وأنا باقي لي أشهر حتى أتم السن القانوني، وحتى إذا أصبحت في السن القانوني في القرى لا یستطیع طفل مثلي أن يأخذ ملیمًا واحدًا قبل وفاة جده، هذا یعني أنني سأظل تحت رحمته، لقد كذب خوفًا من طلب المیراث، یرید أن أصبح وحیدًا.

لم أنتظر أخذت أجري إلى منزل قشة بسرعة ولكن المكان كان بعیدًا جدًا، وصلت بعد ساعتین، وصلت متأخرًا..

وجدت جمعًا من الناس یقفون منهم من یستغفر ومنهم من یشاهد ومنهم من یقول هي المذنبة، هي؟ من هي؟!

أخذت أدفع الناس بخوف لأرى ماذا یحدث، لا یمكن أن تكون هي، لا.. لم یحبني أحد غیرها بعد وفاة عمتي، لا یمكن أن تتركني، لا..

وقفت في صدمة وعیناي مفتوحتان على مصرعيهما، أتعرفون شعور انكسار القلب والروح والحقد والكره یجتمعون جميعهم معًا؟ هذا ما حدث، وجدت قشة على الأرض مذبوحة وممزقة الثیاب من آثار الضرب، كانت تتشنج مثل الذبيحة حدیثة الذبح! إنها تموت أمام عیني، تصارع الموت، روحها تحاول الخروج لترتاح من هذا العذاب، حتى سكن جسدها وأشعل جسدي أنا كرهًا وحقدًا وانتقامًا..

نظرت لأصدقائي وقلت والدموع في عیني، أرید هذه القریة حطامًا، أریدهم جمیعًا یتعذبون أسوأ من عذابها.. بالفعل تم ما أريد، لم تمض ثواني وصوت الصرخات تعلو من كل بیت ومن كل جزء في القریة، أصبحت القریة نهر من الدماء وأنا أخذت حبیبتي بین أحضاني وأخذت ألعب في خصلات شعرها الجمیل وأضحك، كان یوم الجحیم.

أذكر جیدًا أنه مر عشر دقائق فقط وهدأت القریة كلها وجلس أصدقائي بجواري یبكون لبكائي ویحاولون تخفیف الحزن عني، بالمناسبة لقد انتقلوا معي في منزلي الجدید، مستشفى الأمراض النفسیة والعقلیة، حیث أقص حكايتي علیكم.. قصه ابن الأرض.

صحیح.. قبل أن أذهب أرید أن أخبرك أن هناك أحد أصدقائي بجوارك یقرأ قصتي ویبتسم لما حدث، أرجو أن تستمتع معه.

وداعًا.

زر الذهاب إلى الأعلى