كان سببًا للحروب والثورات .. إليك نبذة عن تاريخ الملح
ليس فقط مفيدًا ولكنه ضروري للحياة، للملح تاريخ طويل ومضطرب عبر التاريخ، اليوم لا نفكر بالنظر إليه كشيء مهم، ولكن تسبب الملح والفلفل في الكثير من المشاكل على مر السنين، فمنذ عام 6050 قبل الميلاد، كان الملح جزءًا مهمًا ومتكاملًا من تاريخ العالم، فقد تم دمجه في حضارات لا حصر لها، يستخدم الملح كجزء من العروض الدينية المصرية، والتجارة القيمة بين الفينيقيين وإمبراطوريتهم على البحر الأبيض المتوسط، تم ربط الملح بالعديد من الثقافات المختلفة وله قيمة عالية.
الحقيقة هي أنه على مر التاريخ؛ كان الملح عنصرًا مهمًا في الحياة، حيث كان موضوعًا للعديد من القصص والخرافات والقصص الشعبية والحكايات الخيالية، كان بمثابة المال تارة وبمثابة الحرب تارة أخرى.
ربما يعتقد معظم الناس أن الملح ببساطة عبارة عن توابل حبيبية بيضاء، موجودة على كل طاولة طعام تقريبًا، ولكن لا يجعل الملح الطعام لذيذ فحسب فهو ضروري لصحة العامة، حيث تساعد أيونات الصوديوم الجسم على أداء العديد من المهام الأساسية، بما في ذلك المحافظة على سلاسة خلايا الدم، ومساعدة الأمعاء الدقيقة على امتصاص العناصر الغذائية، ولا يمكن لأجسادنا صنع الملح، لذلك كان على البشر البحث. تمكن الصيادين الأوائل من الحصول على إمدادات ثابتة من الملح واللحوم، ولكن كان يتعين على المجموعات البشرية في المجتمعات الزراعية تتبع مسارات الحيوانات للوصول لرواسب الملح.
الملح قديمًا:
كان المصريين أول من أدرك أهمية المحافظة على الملح، حيث أن الصوديوم يقوم بسحب الرطوبة المسببة للبكتيريا من الأطعمة وتجفيفها، وتخزين اللحوم بدون تبريد لفترات طويلة من الزمن، وجميع الأطعمة في الزمن القديم كانت معالجة بالملح، ولم يقتصر فقط حفظ الأطعمة بل شمل الأمر المومياوات، وكانت تخضع شرائح اللحم المملحة للضرائب.
كان الملح يستخدم بشكل عام قبل وقت طويل من بداية التاريخ المسجل، تم نشر أول مقالة معروفة في علم الأدوية في الصين، وتم تخصيص جزء كبير من هذه الكتابة لمناقشة أكثر من 40 نوعًا من الملح قبل 2500 عام قبل الميلاد.
وأيضًا وصف لطريقتين لاستخراج الملح تشبه العمليات الموجودة اليوم، وكان إنتاج الملح مهمًا بالصين منذ ألفي عام أو أكثر، وأدرك الصينيون أن فرض الضرائب على الملح قد يكون مصدرًا رئيسيًا للإيرادات، وكان من المعروف أن البدو الرحل الذين ينتشرون غربًا يحملون الملح منذ عام 1450 قبل الميلاد.
كيف كان يحصل السكان القدامى على الملح؟
يوجد في مقاطعة شانسي الصينية بحيرة مالحة بيونتشنغ، تشير التقديرات أن الحروب كانت تدور حول السيطرة على احتياطات الملح بها منذ عام 6000 قبل الميلاد، كان الملح يُجمع منها في موسم الجفاف عند تبخر الماء، وكان المصريون القدماء يحصلون على الملح من مستنقعات النيل، وكانت المدن البريطانية الأولى تتجمع حول ينابيع الملح وكانت مجالات الملح كثيرة وممارسة واسعة النطاق.
الملح كقوة إستراتيجية:
لعب الملح دورًا رئيسيًا في الاستكشاف الأوروبي لأمريكا الشمالية وفي التاريخ الكندي والتاريخ المكسيكي، تم اكتشاف الملح في منطقة البحر الكاريبي على يد المستكشفون الأوروبيون تم استخدامه في تلميح الأسماك، كما أن الملح لعب دورًا كبيرًا في الثورة الأمريكية كجزء من حرمان بريطانيا منه كقوة استراتيجية مؤثرة، وفي عام 1795م صدر قانون لمنع احتكار الملح في خليج ماساتشوستس.
حتى في التاريخ الأمريكي كان الملح من السلع النفسية لا يستخدم فقط في الطعام بل في دباغة الجلود وصباغة الملابس والحفاظ على الطعام، لدرجة أن الرئيس الكونفدرالي جيفرسون ديفيس قدم تنازلاً عن الخدمة العسكرية لأي شخص يرغب في العمل على استخراج الملح على الساحل، وكان المحيط هو المصدر الوحيد للملح في الجنوب وكان مرفق للإنتاج الداخلي وذو قيمة كبيرة لدرجة أنه أصبح هدفًا لهجمات الاتحاد.
أيضًا لعب الملح أهمية عسكرية، فعلى سبيل المثال، تم تسجيل الآلاف من قوات نابليون الذين ماتوا أثناء انسحابه من موسكو لأن جروحهم لن تلتئم بسبب نقص الملح.
وفي عام 1777، كان اللورد هاو البريطاني مبتهجًا عندما نجح في الاستيلاء على إمدادات الملح من الجنرال واشنطن، وبالمثل عبر التاريخ، فقد تعرض الملح للاحتكار الحكومي والضرائب الباهظة، فقد طور الملوك الفرنسيون ممارسة احتكار الملح عن طريق بيع حقوق حصرية لإنتاجه لقلة مفضلة قاموا باستغلال هذا الحق لدرجة أن ندرة الملح ساهمت في الثورة الفرنسية.
كانت ضريبة الملح تدعم الملوك البريطانيين لفترة طويلة ماديًا، وسُجن الآلاف من البريطانيين بسبب تهريب الملح، وفي العصر الحديث تحدى المهاتما غاندي قوانين الملح البريطانية كوسيلة لتعبئة الدعم الشعبي للحكم الذاتي في الهند، وفي السنوات الأخيرة أدى تعزيز التجارة الحرة من خلال منظمة التجارة العالمية إلى إلغاء العديد من الاحتكارات الوطنية.