كنت ماشي بالتاكسي على طريق زراعي
كنت ماشي بالتاكسي على طريق زراعي ثم وجدت شاب يشاور لي فوقفت وركب معي في الكرسي الخلفي، فقمت بسؤاله “أين أنت ذاهب؟”
فقال هذا الشاب: زوجتي تتصل بي، ولكن هاتفي مغلق، وهي مريضة جداً، ويجب أن أعود إلى البيت فوراً، ونذهب إلى المستشفى معاً، حيث أنها ستقوم بولادة ابنتنا مريم اليوم، التي اتفقنا سوياً على تسميتها بهذا الاسم.
– بعد أن انتهى الشاب من حديثه، طلب منى أن أقف ثم قام بالنزول واستمر في المشي.
– قمت باستكمال الطريق، وكان كل ما يشغل بالى كلام هذا الشاب العجيب، حيث كانت زوجتي على وشك ولادة بنت اليوم أو غداً، ولقد اتفقنا بالفعل على تسمية ابنتنا مريم، ولكن الشيء الذي يثير غموضاً شديداً بداخلي أنه قال أن هاتفه مغلق، وبالفعل فإن هاتفي مغلق، كيف له أن يعرف كل تلك التفاصيل!
– لقد سألت نفسي هذا السؤال ولكن لم أجد الوقت لكي أفكر في إجابات منطقية له، فقمت بالإسراع نحو المنزل، وكنت أسكن في الدور الأول، وعندما فتحت الباب وجدت زوجتي ملقاة على الارض، وبعد أن ساعدتها في النهوض قالت لي أنها اتصلت بي، ولكن هاتفي كان مغلق!
– أخذت زوجتي وذهبنا للمشفى، وتم إخباري أن ميعاد ولادتها اليوم، أنجبت زوجتي ابنتها بسلامة وصحة، ولكن شعوري بالقلق ازداد عندما تذكرت حديث الشاب العجيب، فحاولت أتمالك خوفي ثم عدت إلى المنزل مع زوجتي وابنتي.
– بعد فترة من الوقت، قابلت نفس الشاب ولكن في طريق مختلف، وشعرت بالحيرة في أن أحكى له ما حدث أو أصمت ولكنى لم أقل شيئاً، وسألته “أين أنت ذاهب؟”
– قال: أنا وصديقي أحمد اتفقنا أن نذهب إلى الصيد، ولكنى اعتذرت وندمت بعد ذلك، حيث أنه سيموت غرقاً لأنه لا يعرف العوم مثلى، ثم نزل من التاكسي.
– شعرت بالقلق الشديد وقلت هل يقصد صديقي أحمد، فأنا بالفعل اعتذرت له ولن أذهب، فتحركت سريعاً إلى رحلة الصيد فوجدت أنه مات غرقاً، شعرت بالصدمة حينها، فلم أكن أصدق ما حدث، فكان كل ما يقوله الشاب يحدث لي، ولكن الشيء الغريب أنه يحكى الحدث كأنه يخصه.
– عندما التقيت بالشاب للمرة الثالثة، قال لي: والدي كان يجمع الحطب بشكل يومي في الصباح، حتى يقوموا بحرقه وتدفئة المنزل، ولكن الحطب سقط على الأرض والنار ستشتعل في المنزل كله، لذلك يجب أن أسرع لإنقاذ أبي وأمي.
– بعد سماع كلامه، أسرعت بكل قوتي إلى المنزل، ووجدت كلامه صحيح، والحمد لله تمكنت من إنقاذ أبى وأمي، ثم أخذتهما معي إلى منزلي ليعيشا معنا.
– في اليوم التالي، ذهبت للعمل كالعادة، ولكنى قابلت الشاب للمرة الرابعة، فسألته “إلى أين أنت ذاهب؟”
– قال لي: لقد تقابلنا أربع مرات، الثلاثة كانوا لك أما الرابعة فهي عليك.
– ضغطت على الفرامل وأنا أشعر بالغرابة الشديدة ولا أفهم معنى كلامه ثم نظرت إلى المرآة فوجدته يخلع قناعه، ورأيت شخص يشبهني كأنه أنا!، فتوصلت إلى أنه قريني.
– ابتسم لي قريني وقال لي: سنتقابل مرة أخرى، ولكن الرابعة عليك.
– فتحت عيني تدريجياً، واكتشفت أنى نقلت المستشفى إثر حادث، حيث قامت عربة نقل بصدم التاكسي، فتوصلت إلى معنى جملته “المرة الرابعة عليك”.
– بعد أسبوعين من خروجي من المستشفى، جلست في المنزل لمدة شهور حتى أتعافى تماماً من الكسور والجروح، وبدأت في استكمال حياتي كأن شيئاً لم يحدث بشكل طبيعي تماماً، وعدت من جديد أعمل على التاكسي، حيث كانت صحتي لا تسمح بعملى في أي وظيفة أخرى، كما أنني أحببت هذه المهنة، لقد نسيت كل تلك المواقف التي جمعتني بهذا الشاب الغريب “قريني”، ولكن لم أنسى جملة واحدة محددة والتي لا زلت أتذكرها حتى الآن وهي “سنتقابل مرة أخرى”!
– بعد مرور عامين، تحسنت ظروفي المالية، واستطعت أن أساعد أمي وأبى في السفر من أجل عمرة، وقمت بتوصيلهما إلى المطار بالتاكسي، وقمت بتوديعهما.
– كان لا زال على الطائرة مدة ساعة ونصف، ثم خرجت من المطار بعد نص ساعة، وانتظرت في الاستراحة لفترة، وطلبت كوب من القهوة، وفجأة وجدت يد شخص على كتفي ويقول لي: أنا أرغب في إنقاذ أمي وأبى قبل أن تقع الطائرة بهما!
اقرأ أيضًا:
حين يصبح النوم أشد رعبا من الحياة