قصص الرعب

لاقيص

لاقيص
لاقيص .. ماذا ستفعل حينما تقف في منتصف الطريق و أنت تعلم جيدًا أن نهاية الطريق حائط سد … و لا يوجد لديك أي سبيل للرجوع لأنك ببساطة فقدت سبيل الرجوع للبداية … هل ستكمل … أم أنك ستكرر عده محاولات فاشله لتجد بداية الطريق … أم ستحرك بداخلك إحساس بأنك فقط ستنظر من يأتي ثم تحاول أن تبتسم تلك الابتسامة التي تدل على أنك لم تصبح وحدك الذي فقدت الطريق …
.
ليست كل الطرق تؤدي إلى ما تريد ….
استيقظ يحيى من ذلك الثبات العميق … فلقد فقد وعيه في احد التحقيقات الذي يعتاد عليها بطبيعة عمله … فهو كاتب مشهور بتلك التحقيقات الغريبة عن أي شيء غير مألوف قد يشهده العالم …. و أصيب بغيبوبة لمدة ستة أعوام كامله وهذا ما علمه فيما بعد … نظر في أرجاء غرفة المستشفي الموجود بها …. همت الممرضة التي تعتني به مسرعة في كل اتجاه لأنهم جميعًا فقدوا الأمل في رجوع يحيى مره اخرى من غيبوبته …. دخلت مع الطبيب المشرف علي الحالة و بعد عده اجراءات طبية …. قرر الطبيب أن يحيى يمكنه الخروج بعد أسبوع من الرعاية و المتابعة … و في أثناء ذلك …. كان يحيى في واد اخر يحاول التذكر شيئا فشيئا ماذا حدث و كيف وصل الحال به إلى غيبوبة ست سنوات كاملة….
المعرفة حقا ليست بالأمر الهين …
خرج يحيي من المستشفي بعد أن أوصاه الطبيب أن يمر عليه كل فترة للاطمئنان على صحته …. لان حالته لم يعرف لها حالة طبية أكيدة في تاريخ الطب بأكمله …. سأل احد طاقم التمريض عن التاريخ ليعرف أنهم يوم السادس من يونيو لعام 2016 …. ثم قرر يحيى أن يسير في الشوارع بلا هدف …. محاولة منه ليستعيد طريقه مره اخرى و ماذا عليه أن يفعل … لم تختلف الأماكن المعتاد عليه أن يتواجد بها كثيرًا … فقط بعض التغيرات الطفيفة … و لكن ما لفت انتباهه حقا … هو أنه عندما نظر حوله … وجد أن الفئات العمرية المتواجدة في الشوارع تخلو تمامًا من الأطفال …. اصغر عمرا تقديريا وجده أمامه هو العشرون عامًا …. لم يبالي ربما من تأثير الغيبوبة …. ثم أصابت خلايا دماغه فكرة صارمة بأن يذهب إلى فندق يعتاد أن يزوره و يقيم فيه عده أيام أثناء كتابته أي تحقيق جديد ….. و هنا بدأ الأمر يزداد تعقيدا …..
الماضي يمكنه يستمر معك أحيانا ….
وصل إلى الفندق و أخذ ينظر يمينا و يسارا في أرجاء الشارع متسائلا …. فلقد اعتاد دائما أن الفندق هو اخر مبني متواجد في ذلك المكان …. أخذ يتمتم قائلا : ” لم أجده الآن في منتصف الشارع …. أين المباني الأخرى …. ربما تم أزالتها في غيبوبتي و اصبح الشارع بأكمله ملكية خاصة مثلا للفندق …. حسنا أريد أن ارتاح … أتمنى أن أجد غرفتي فارغه … ” …. دخل الفندق الذي تغير هيئته بالكامل عن اخر مرة تواجد فيها به …. من صدمة ما رأى وقف فجاءة…. فلقد وجد طاقم العمل بالكامل هو نفس طاقم العمل بنفس الأزياء …. و كلهم بدون استثناء شخصا واحدا يبتسمون ابتسامة مفزعة له و لا يكفون عن النظر إليه و كأنهم منتظرينه منذ زمن بعيد …. ذهب سريعا إلى موضف الاستقبال و سأله عما إذا كانت الغرفة رقم 7 المفضلة لديه فارغة أم لا …. لمرة اخرى ينصدم بما يسمع و يبدو أن هناك شيء غير طبيعي يحدث …. فلقد اخبره الموظف الذي بدا علي وجهه الشحوب التام أن هناك نزيلة متواجدة في الغرفة و أنها في انتظاره …. لحظات حاول يحيي أن يستوعب و لكن اصابته صدمة اخرى عندما سأل الموظف عنها … فأجابه بكل بساطة أنها ” لاقيص” زوجته !!!
انهم قريبون دائمًا منا … اقرب مما نعتقد ….
شعر يحيي انه اصبح في منتصف احدي روايته أو تحقيقا كتبه يوما ما و قرر أن يكمل الأحداث ….. صعد إلى الغرفة حيث شعر فور وصوله باستسلام تام لما يحدث …. لم يطرق الباب و أنما فتح من تلقاء نفسه …. دخل في خطوات بطيئة و مترقبة … عابرا ذلك الممر الضيق إلى أن وصل و اصبح علي يساره السرير المعتاد و يمينه المكتب الذي كان يكتب عليه … و أمامه أنثى في غاية الجمال تجلس على كرسي أطرافه خشبية يهتز ببطيء شديد للخلف و للأمام …. هي انثى متوسطة الطول … شعرها طويل يميل إلى الحمرة … عيناها لونها يقترب من الرمادي الزجاجي اللامع … ناصعة البياض … لها من المفاتن الجسدية ما يجعلها ملكة جمال المجرة بأكملها …. تضع طلاء للأظاهر لون الدم يظهر بشدة نظرًا لبشرتها الناصعة البياض …
حاول يحيى أن يستجمع قواه العقلية أمام كل الأحداث التي حدثت منذ أن فاق من غيبوبته …. و بمحرد تفيكره في سؤال لها عما يحدث …. تحدثت هيا : ” أنا أعلم جيدًا ما يدور في راسك …. و لكن أرجوك لا تفكر …. فانا احبك منذ زمن بعيد … و لقد تمردت على أبي حتى اصبح معك …. يمكننا أن نعيش هنا إلى الأبد …. فقط أريدك أن تقبلني …. أرجوك لا ترفض …. لأن لذلك عواقب وخيمه قد تحدث معك إلى الأبد … ” …. شريط أحداث مر فجاءة في عقل يحيى ليتذكر ما حدث ….
لا تظن أن النهاية تبدو مثل تلك السهولة …
تذكر يحيى أنه كان يجلس في منزله ليجد احدهما يطرق الباب … فتح الباب فوجد طردا … بعدما فتحه وجد كتابا و ورقه بها كلام كأنه خطاب …. عنوان الكتاب كان ” لاقيص ابنة ابليس ” …. أخذ يقرأ ما يوجد في الورقة ” عزيزي يحيى … أعلم أنك تكتب في كل ما هو غير مألوف و غير طبيعي … لقد وجدت هذا الكتاب أثناء تواجدي في رحلة في المغرب و أعطاه عجوز و قال لي اقرأ كل ما في الكتاب إلا المقدمة …. فإذا كنت تريد المغامرة حقًا …. اقرأ المقدمة و لك ما تمنيت ” … ابتسم يحيى ظنا منه أنها محاولة ساذجة من أحد المتابعين ليشغل أحساس الكاتب بداخله …. فتح الكتاب على المقدمة و بدأ يقرا ” أنا لاقيص ابنة الملك إبليس …. ملك البحور السبع … وعظيم الأرض ذاته …. من يقرأ الأتي سأقع في عشقه حتما و سأكون له أجمل امرأة و خادمة …. و لكن عليه أن يقبلني مثل البشر حتى يتم المكتوب … و إلا سأطارده في هذا العالم و في العوالم الموازية … حسنا لتردد …. بحق شمهروم … بحق صرميث …. بحق لاهوف … يا ملك البحور السبع و عظيم الأرض و حارس النور الأعظم …. أقسمت عليك بحق فالتخ و مالتخ سته مرات … أن تكون لاقيص ارضية مرضية لابد الأبديين ” ….. انهى قراءة المقدمة و للحظات لم يحدث شيئا إلى أن نظر ورائه فوجدها ….
رجع مره اخرى بعد شروده إلى غرفة الفندق و أمامه لاقيص و هي تقترب منه ليقبلها …. فرجع خطوات إلى الوراء و قال لها ” لن أقبلك و ليحدث ما يحدث … فحتى الآن لم يتم العهد بيننا … لن تؤذيني …. لن تؤذيني ” ….. تحول لونها بالكامل إلى الأسود الداكن و اصح صوتها يهز أرجاء المكان بالكامل …. ” لن أتركك …. نحن لنا طرقنا التي ننتصر بها دائما و ابدااااا ” …. صرخات أودت بوعي يحيى إلى أن يغيب مره اخرى …..
ليس كل شيء نراه في حياتنا حقيقة ….
استيقظ يحيى ليجد نفسه في نفس المستشفي في مشهد يشبه تمامًا مشهد استيقاظه من الغيبوبة ….. ولكن بدت الممرضة اكثر هدوءاً ” حمد لله علي سلامتك … ” سألها عن التاريخ قبل أي شيء …. ليجد أن التاريخ هو السادس من يونيو عام 2010 …. بدأ في الاطمئنان شيئا فشيئا و سأل عن ما حدث …. حكت له الممرضة ما تعرفه أنه وجوده ملقي على الأرض في صالة شقته البارحة ليلًا و بجواره مجموعة الأوراق و الكتاب المتواجد بجواره الآن …. فزع للحظات ثم أخذ الكتاب و الورق في تحفظ ,,,, فطمأنته الممرضة أن لم يتطلع عليها أحد قط … حضر الطبيب المشرف و أمر له بالخروج بعد ساعات …. أثناء خروجه كان شاردًا فيما حدث و أيقن تمامًا أنها خيالات من عقله الباطن …. اصتدم بسيدة عجوز جالسة على كرسي متحرك متجهة إلى غرفتها …. اعتذر لها و قبل راسها و ذهب في طريقه …. عاد إلى منزله ليجد لاقيص في انتظاره ….. لحظات دارت في عقله ملايين الأفكار …. قائلت له ” لقد اتممت العهد معي يا صديقي …. هيا فلتذهب معي الآن ” …. قال لها في عنف : ” و لكنني لم اتمم شيء فأنا لم …. ” و هنا تذكر مشهد تقبيله للسيدة العجوز على جبينها ….
اقرأ أيضًا

زر الذهاب إلى الأعلى