حدث بالفعل

لغز الجسد المُتحلِّل

لغز الجسد المُتحلِّل
لغز الجسد المُتحلِّل .. كانِت واحدة من أكثر جرائم القتل شُهرة في التاريخ الفرنسي.

في شهر يوليو ١٨٨٩.. اختفى مأمور المحكمة الفرنسية توسان أوجستين جوفي بدون ما يسيب أي أثر، عادةً.. اختفاء شخصية زي دي بيسبِّب ضجة كبيرة، خصوصًا في ذروة معرض باريس العالمي، لكن مع انتقال العديد من الناس للعاصمة الفرنسية، كان من الصعب جدًا العثور على أدلة تساعِد في العثور على جوفي، لحَد ما الجُثة ظهرِت بعد ٣ أسابيع، على بُعد حوالي ٣٠٠ ميل تقريبًا بالقُرب من ليون، ساعتها السُلطات بدأت تحِس بالقلق!

لغز الجسد المُتحلِّل

اللي لقى الجُثة كان عامل طريق، في البداية شم ريحة سيئة جدًا وقرَّر يعرَف مصدر الريحة دي، لحَد ما وَصَل لشنطة مُخبأة تحت شجرة بالقُرب من الطريق، جوا الشنطة.. كان فيه جُثة رجل عاري، مربوط بحبل طوله سبعة متر، وفوق راسه قماشة سودا، الطب الشرعي قال إن الجُثة دي لراجل مات مخنوق، في فترة بتتراوَح بين من ٣ لـ ٥ أسابيع قبل ما يلاقوا الجُثة، قبل يومين من اكتشاف الجُثة، الشُرطة كانت لقت صندوق مهجور بالقُرب من المكان دا، الصندوق دا كان جواه ريحة عفن وتحلُّل وبطاقة شحن من باريس، كُل حاجة كانِت بتقول إن الموضوع له علاقة باختفاء جوفي.

على الرغم من دا كُله.. الطبيب الشرعي مكانش لاقي أي دليل أو مؤشِّر يقول إن دي جُثة جوفي.

قال إن الجُثة لشخص بيتراوَح عمره بين  ٣٥ لـ ٤٥ سنة، وجوفي كان عنده ٤٩ سنة في الوقت دا، الجُثة كانِت لشخص شعره أسود، وشعر جوفي كان كستنائي، الشُرطة قرَّرِت تستعين بصهر جوفي عشان يتعرَّف على الجُثة، لكنه مقدرش يتعرَّف على الجُثة، في النهاية.. دفنوا الجُثة في قبر فقير مجهول.

لكنه مكانش هيفضل هناك فترة طويلة!

بعد كام شهر.. ماري فرانسوا جورون – رئيسة وحدة التحقيق في باريس – طلبِت من السُلطات في ليون استخراج الجُثة لإعادة فحصها مرة تانية، في البداية.. رفضوا، قالوا إن بعد ٤ شهور من دفن الجُثة، مفيش داعي لإعادة الفحص لأن مفيش أي فحص هيكون مفيد أبدًا، لكن جورون كان عندها كارت لسَّه هتلعَب بيه.. والكارت دا كان دكتور أليكسندر لاكاساني.

الدكتور لاكاساني كان دكتور شرعي رائد في مجال التشريح، ويوم ١٣ نوفمبر ١٨٨٩.. بدأ يشرَّح البقايا المُستخرجة من القبر لمُدة أسبوع، واستنادًا لعينة شعر تم استخلاصها من مشط جوفي، بالإضافة لوصف إصابة قديمة كانِت موجودة في ظهر جوفي ومُثبتة في بياناته، لاكاساني كان قادِر يتعرَّف على جُثة جوفي بمُنتهى السهولة.

لغز الجسد المُتحلِّل 2

بمُجرَّد التعرُّف على جوفي، بدأت كُل حاجة تبان بوضوح، والشُرطة بدأت تدوَّر في الحاجات اللي عملها جوفي قبل ما يختفي على طول، ولقوا إنه كان بيتعامِل مع إتنين من المُحتالات: واحدة اسمها ميشيل إيرو، والتانية اسمها جابرييل بومبارد، الإتنين دول سافروا لباريس يوم ٢٧ يوليو: قبل يومين من اختفاء جوفي، دا غير إن في نجار من لندن قال إنه باع الصندوق اللي لقوه قبل الجُثة لإيرو وبومبارد.

اتضح إن: الثُنائي دول عملوا مؤامرة لاستدراج واحِد غني لشقة بومبارد عشان يسرقوه ويقتلوه، جوفي كان أرمل غني، بالإضافة لأنه معروف إنه زير نساء، عشان كدا كان هدف مُمتاز ليهم، بعد ما قتلوا جوفي.. حطوا جسمه في الصندوق ونقلوه عن طريق القطار لليون، وهناك.. رموه في الغابة عشان يتحلَّل.

مفكروش في موضوع الصندوق دا كويِّس، ودا كان السبب في إن الشُرطة وصلِت ليهم وقبضِت عليهم، لكن بعد انتشار ريحة تحلُّل الجُثة جوا الصندوق، كان لازم يتخلَّصوا منه.

لغز الجسد المُتحلِّل

تم القبض عليهم في النهاية، وإتحاكموا في ديسمبر ١٨٩٠، بومبارد أتحكم عليها بالإعدام والحُكم إتنفِّذ في فبراير ١٨٩١، أما إيرو فقالت إنها ارتكب الجريمة غصب عنها بعد ما بومبارد نومتها مغناطيسيًا، حكموا عليها بالأشغال الشاقة لمُدة عشرين سنة، وخرجت قبل انتهاء العقوبة لحُسن السير والسلوك.

وعلى الرغم من إن القاتل معروف.. ييجي هنا دور اللغز.. إزاي سن وشكل الجُثة مكانش مُطابِق لجوفي؟ إزاي صهره مقدرش يتعرَّف على الجُثة؟ وهل فيه إمكانية تكون دي أصلًا مش جُثة جوفي على الرغم من تأكيد الطب الشرعي؟

كل دي أسئلة مالهاش إجابات.. عشان كدا اللغز دا موجود معانا في حقل الألغاز بتاعنا.

اقرأ أيضاً

لغز شفرة ريكي ماكورميك

محمد عصمت

ولد الكاتب محمد عصمت عام 1988م في محافظة دمياط بمصر ، تخرج من كلية التجارة، اشتهر بكتاباته روايات الرعب و أعماله القصصية المترجمة ،و كانت أولى رواياته بعنوان “الممسوس” عام 2014م ، و هي رواية رعب فريدة من نوعها ، وصدر له روايات أخرى مثل (باب اللعنات، الجانب المظلم، ذاتوى) ، ويصدر له على موقع شخابيط سلسة مقالات حقل ألغاز

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى