تكنولوجيا

مخاطر تكنولوجيا ال Deep fake

مخاطر تكنولوجيا ال Deep fake
طيب بمناسبة الأوضاع اللي احنا فيها، والبلد اللي كلها بتتحرك وبتتقلب وبتقوم وتقعد على شوية فيديوهات بيتكلم فيها ناس، بيوجهوا الرأي العام كله لأحداث محددة سلفًا، سواء في موضوع فيروس كورونا وهل هو مؤامرة فعلًا من دول عظمى لقلب الاقتصاد أو لا.. عمركوا فكرتوا أو تخيلتوا إن ممكن يكون الواقع نفسه اللي بتشوفوه على الشاشات ده مزيف؟

 

يعني عمركم تخيلتم مثلًا إنكم تتفرجوا على فيديو فيه رئيس الجمهورية أو حد من الوزراء، أو حتى المعارضة نفسهم بيتكلموا ف حاجة خطيرة، وتروح بقى تنشر الفيديو وتتكلم عنه، وفي الآخر تكتشف إن الفيديو مزيف، وإن وش الشخص اللي بيتكلم متغير تكنولوجيًا عشان يعكس وش شخص تاني، وصوته كمان، وبطريقة مستحيل تقتنع إنها مزيفة؟!

 

خلوني ف مقال النهارده أحكيلكم سريعًا عن تكنولوجيا جديدة ممكن تخلي أعداءك يغيروا شكل وشك نفسه في أي فيديو، ويركبوا عليه وش شخص تاني، ويخلوه يقول أي حاجة تانية غير اللي أنت بتقولها.. وبصوتك كمان!

 

تكنولوجيا تجسسية جديدة غاية في الخطورة، اسمها ال Deep Fake..

 

الموضوع كله بدأ لما طالب دكتوراه اسمه إيان جودفيلو Ian Goodfellow ابتكر التكنولوجيا دي في سنة ٢٠١٤، قبل ما ينتقل ويشتغل مع شركة Apple العملاقة.. تكنولوجيا ال Deep fake معظمها بتكون مبنية على حاجة اسمها شبكات الخصومة التوليفية أو generative adversarial networks.. أو اختصارًا GANs..

 

التكنولوجيا دي في الواقع بتخلي الخوارزميات اللي بيتم استعمالها في الطبيعي في ترتيب وتنظيم المعلومات، تقدر إنها في الواقع تخلق صورة حية، أو فيديو، لوش شخص معين، من خلال دراسة شوية صورة معينة ليه فقط! بدون الحاجة لاستعمال ملايين الاحتمالات والتباديل والتوافيق عشان تقدر تلعب في صور الفيديوهات زي التكنولوجيا القديمة.. يعني باستعمال ذكاء اصطناعي AI بسيط، بنقدر نلعب في صورة الشخص وصوته جوه الفيديو، ونحوله لشخص تاني تمامًا!!

 

مش مصدقينني؟

طب شوفوا الفيديوهات اللي مالية يوتيوب للرئيس الأمريكي باراك أوباما وهو متغير بتقنية ال Deep Fake، وشوفوا طريقة عملها.. ببساطة اكتبوا Deep Fake Videos على يوتيوب، واتفرجوا بنفسكم على السحر التكنولوجي المخيف ده.. في كمان قناة متخصصة ف الفيديوهات دي على يوتيوب اسمها Ctrl Shift Face، شوفوها..

 

تخيل كمية التطبيقات المذهلة للتكنولوجيًا دي في مجالات السينما والتصوير، وكمان الترفيه في ألعاب الفيديو، أو حتى في المتاحف اللي حاليًا في بعضها بيدرس التقنية دي عشان يصنعوا تطبيقات حية بتقنية الواقع الافتراضي، تخليك تتكلم مع شخصيات تاريخية حقيقية، بطريقة الفيديو!.. يعني تقدر مثلًا تتكلم مع ذكاء اصطناعي في متحف، وتبص للشاشة اللي عليها وش هتلر أو موسوليني وهو بيرد على أسئلتك بشكل حي طبيعي مذهل، كإنك بتكلمه فيديو كول فعلًا!

 

بس بغض النظر عن ده، التكنولوجيا دي ليها تبعيات خطيرة على شكل العالم السياسي والحضاري، وبتمثل خوف وكابوس حقيقي بالنسبة للمنظمات السياسية والحقوقية، وأجهزة الدول الأمنية والاستخباراتية.. ببساطة بسبب إن مفيش ليها حل، يعني مفيش لسه تكنولوجيا حقيقية معترف بيها تقدر تكتشف الفيديو المعمول بتقنية ال Deep Fake بشكل دقيق ١٠٠%.. الموضوع صعب فعلًا.

 

وعشان كده حاليًا في مجهودات إعلامية مكثفة في الولايات المتحدة الأمريكية لزيادة التوعية بمخاطر الموضوع ده على جميع صور الإعلام المرئي والمسجل.. بيأكدوا مرارًا وتكرارًا على إن مفيش أي حاجة ممكن نشوفها ونصدقها ١٠٠%.. وده هيكون له أثر كبير على الانتخابات الرئاسية الأمريكية نفسها، للي جاية سنة ٢٠٢٠ وحاليًا أجهزة الاستخبارات في العالم كله بما فيها ال CIA والموساد وال MI6 وجهاز المخابرات المصري نفسه، بيحاولوا يحاربوا التكنولوجيا دي عشان تأثيرها القادم الملموس على ساحة السياسة العالمية.

 

فقط تخيلوا بس.. تخيلوا مثلًا فيديو للرئيس ترامب متغير بتقنية ال Deep Fake المتطورة، وهو بيقول فيه إنه هيطلق صواريخ نووية على كوريا الشمالية مثلًا ولا روسيًا.. تخيلوا فيديو لأي زعيم عالمي، حتى الرئيس المصري نفسه، وهو بيقول كلام ممكن يدخله أو يدخل دولته في حرب شاملة حقيقية!

 

المستقبل مخيف جدًا يا جماعة، وغير متوقع بالمرة..

عشان كده خلوا بالكم في الأيام الجاية..

محمود علام

محمود علام هو كاتب روائي وباحث، وسيناريست مصري، بدأ النشر منذ سنة 2016، وصدر له العديد من الأعمال هي (كتاب الشمس ٢٠١٦ - الله لا يرمي النرد ٢٠١٧ - التنظيم ٢٠١٧ - السائرون ٢٠١٨ - الجيل الثالث ٢٠١٩ تخت النشر)، و التي نالت كلها صدى واسع في أوساط القراء، جاعلة إياه من أشهر الكتاب الشباب المتواجدين على الساحة وأكثرهم نشاطًا..
زر الذهاب إلى الأعلى