حدث بالفعل

مذؤوب آلاريز

مانويل بلانكو روماسانتا..

مُمكِن الاسم يكون مش مألوف لكتير مننا، بس في الحقيقة مانويل كان أول قاتِل مُتسلسِل موثَّق في أسبانيا، والدافِع ورا مجموعة جرايم غريبة ومُخيفة وبتتحدى أي محاولة للتفكير العقلاني.

 

عادةً.. دايمًا القتلة المُتسلسلين بيرتبطوا بمشاكِل في الانحراف من سن مُبكِّر، المرض النفسي، أو الاعتلال الأخلاقي.

ودايمًا المُحقّقين والمُتخصصين في الصحة النفسية بيحاولوا طول الوقت يفهموا سلوكهم والطريقة اللي بيتصرّفوا بيها، وبيحاولوا يحطوا نظريات تفسَّر وتبرَّر طريقتهم.

مذؤوب آلاريز 2

لكن في أسبانيا.. وفي القرن الـ ١٩.. مانويل بلانكو روماسانتا قرَّر يتحدى الجميع ويُقف في وش نظرياتهم.

لأنه وببساطة.. قالهم أصل أنا ذئب!

روماسانتا اللي أتولد سنة ١٨٠٩، في شمال غرب أسبانيا، وفي فترة حرِجة جدًا في التاريخ الأسباني، لأنه أتولد وسط حربين مُتداخلتين، حرب شبه الجزيرة وحرب الاستقلال الأسبانية، وعلى الرغم من كدا.. بسبب كون عيلته من العائلات الغنية والمُميّزة في الفترة دي، صمّموا يعلموه القراءة والكتابة، وصدقوني.. في الوقت دا، المكان دا، والظروف دي.. دي كانت حاجة نادرة جدًا، الحاجة الغريبة.. إن أهله فضلوا ٦ سنين فاكرينه بنت وسموه إمانويلا، لحَد ما دكتور صحَّح لهم اللبس دا وقالهم إنه ولد!

في مرحلة المُراهقة، جسمه توقَّف عن النمو، كان قصيَّر جدًا، ولحَد أواخِر العشرينات تقريبًا كان شغَّال خياط، وإتجوِّز وحياته استقرَّت، لحَد ما زوجته ماتت فجأة سنة ١٨٣٣، من بعدها مانويل ساب شُغله كخياط، واشتغل كبائع متجوِّل في أسبانيا والبرتغال، دا غير إنه اشتغل كمان كدليل للناس اللي بتروح سياحة للجبال الموجودة في المناطِق دي.

 

الفترة دي مش معروف عنها أي حاجة أبدًا..

لكن في ١٨٤٤.. تم اتهامه رسميًا في جريمة قتل، ضحيته كان فيسينت فيرنانديز، مُحصّل ديون كان بيحاول يحصّل منه دين قيمته ٦٠٠ ريال تقريبًا، بعدها لقوه ميت، وعملوا محاكمة لمانويل اللي محضرهاش وخد جواز سفر مزوّر باسم أنطونيو جوميز وهرب من البلد كلها، وحكموا عليه بالسجن لمُدة عشر سنوات!

فضل هربان بعد كدا لسنين طويلة، لكنه كان دايمًا قريب من البلد، في الوقت دا استقر في قرية قريبة من قريته، صاحِب نساء القرية وبدأ يمارِس معاهم نشاطاتهم اليومية اللي مش عادة الرجالة المُشاركة فيها أبدًا، زي الطبخ والغزل، الرجالة وقتها قالوا عليه مُخنّث، بس مانويل تجاهلهم وفضل يشتغل وسط النساء والأطفال اللي كانوا بيطلبوا منه خدمات.

المُشكلة الوحيدة كانِت إن أي حد بيطلُب منه حاجة بيختفي بعدها، لكن الغريب.. أنهم كانوا بيفضلوا يبعتوا جوابات لأهلهم يطمنوهم فيها عليهم ويقولوا لهم إنهم بعدوا شوية بس عشان محتاجين وقت لوحدهم، الحقيقة كانِت إن مانويل هو اللي بيكتب الجوابات دي ويسلمها لأهاليهم بنفسه.

لكن السر انكشف لمَّا الناس شافوه في واحِد من الأسواق بيبيع الهدوم المُستعملة اللي الناس دي اختفت بيها، وبدأوا يشكّوا فيه أنه بيقتل الناس دي.. أو حتى بيعمل فيهم حاجة أسوأَ!

سنة ١٨٥٢، واحِد من أهالي الضحايا راح للشُرطة وقالهم إنه شاكِك إن مانويل بيقتل الناس دي، ويستخرِج الدهون من جسمهم ويصنع منها صابون، وبعد كدا يبيع الصابون دا في السوق، وفعلًا الشُرطة استجابِت للبلاغ وبدأت تحقق في الموضوع، واتضَح إن مانويل فعلًا بيعمل كدا!

وتم القبض عليه بتُهمة قتل ١٣ شخص، بتتراوح أعمارهم بين ١٠ و٤٧ سنة، بس أدام المحكمة، طلب يدافِع عن نفسه، وساعتها.. قال حاجة من أغرب الحاجات اللي إتقالِت في تاريخ المحاكمات!

مذؤوب آلاريز

مانويل قال إنه مُصاب بمرض نادِر اسمه ليكانثروبي، والمرض دا كان بيخليه يتحوَّل لذئب ويبقى متوحّش ويبدأ يدوّر على ضحاياه، وقال نصًا أدام كُل الموجودين في قاعة المحكمة:

” أول مرة إتحوّلت فيها، كُنت في جبال كوسو، قابلت ذئبين شرسين، كُنت خايف منهم، فجأة.. وقعت على الأرض، وبدأت أتحوّل لذئب زيهم، مشيت معاهم لمُدة خمس أيام تقريبًا، وبعدها جسمي رجع لطبيعته، والذئبين اللي كانوا معايا هما كمان إتحولوا لبشر، كانوا إتنين سياح من فالنسيا، واحد منهم اسمه أنطونيو والتاني كان اسمه دون جينارو، هما كمان كانوا ملعونين زيي، هاجمنا ناس كتير وأكلناهم عشان كُنا جعانين ”

الغريب.. أن المحكمة صدقته، وعينت دكاترة فحصوه على مدار أيام وقالوا إنه كداب وكُل اللي قاله غلط، وإنه مُجرم وسفّاح بيحاول يهرب من مسؤوليه جرايمه، مع ذلك.. المحكمة سابت له فرصة أخيرة، إنه يتحوِّل لذئب أدام الموجودين، بس هو قالهم إن اللعنة دي خلصت للأسف الأسبوع اللي فات ومش هينفع يتحوِّل ذئب تاني أبدًا!

تم تبرئته من ٤ جرايم، لكنه أدين في الـ ٩ جرايم الباقيين، وإتحكم عليه بتعويض ١٠٠٠ ريال لأسرة كُل ضحية منهم وبعدها الإعدام، لكن الحكم توقَّف فجأة ولسبب غريب جدًا.

ظهر راجل غامض اسمه الدكتور فيليبس وقال إنه ممكن يعالج الهوس الوحشي اللي عند مانويل بالتنويم المغناطيسي، وفضل يراسِل المحكمة لحَد ما تم تخفيف الحكم لسجن مدى الحياة وبعدها اختفى الدكتور فيليبس.

وفضل مانويل في السجن لحَد ما مات يوم ١٤ ديسمبر ١٨٦٣، بيُقال إنه مات بسبب إصابته بسرطان المعدة، لكن في إشاعة كدا بتقول إن واحد من الحُراس كان عايزه يتحوّل أدامه لذئب ولما مانويل مقدرش.. ضربه بالنار!

اقرأ أيضًا

الرواية الملعونة الحلقة الثانية القربان

محمد عصمت

ولد الكاتب محمد عصمت عام 1988م في محافظة دمياط بمصر ، تخرج من كلية التجارة، اشتهر بكتاباته روايات الرعب و أعماله القصصية المترجمة ،و كانت أولى رواياته بعنوان “الممسوس” عام 2014م ، و هي رواية رعب فريدة من نوعها ، وصدر له روايات أخرى مثل (باب اللعنات، الجانب المظلم، ذاتوى) ، ويصدر له على موقع شخابيط سلسة مقالات حقل ألغاز

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى