سينما

مراجعة فيلم العارف

مراجعة فيلم العارف

بعد أكثر من سنة ونصف يعود الموسم الصيفي لهيبته المعتادة، حيث يتزاحم النجوم على شباك التذاكر، بعد أن أدرك بعضهم أن الدراما لا تكفي، وأن الجمهور قد يزهد من يأتيه، وأنه لا بد من أن يتدلل الفنان على جمهوره ويطلب منهم الذهاب للسينما، أظن أن آخر موسم حظى بنفس الزخم هو موسم “الأجزاء الثانية” الذي شهد إكمال أعمال أولاد رزق والفيل الأزرق والكنز، ومن قبله لا أذكر موسمًا كان فيه الصيف حافلًا بالأفلام نظرًا لمواعيد شهر رمضان وتوقف النشاط السينمائي خلاله.. دخلت العارف بتوقعات عالية بعد أن لقبه البعض على مواقع التواصل الاجتماعي بأنه أهم أفلام هذا الموسم، وبعد انتظار جهة الانتاج أكثر من سنة لطرحه حتى لا تتأثر إيراداته بالكورونا.. بالطبع وصف “الأهم في الموسم” هذا الوصف كان قبل نزول فيلم “الإنس والنمس” لمحمد هنيدي، وفيلم موسى من عالم “المستضعفون” لبيتر ميمي.. وبعد نزول جميع الأفلام سيتم التأكد من صحة هذا التوصيف.

 

يروي الفيلم حكاية يونس والملقب بالعارف، وهو مخترق “هاكر” محترف”، والذي كان يتعاون مع جهات أمنية في المجال الإلكتروني وفي تنفيذ المهمات التي تتطلب خبيرًا في الاختراق والهجمات الإلكترونية حتى قرر يونس الاعتزال تمامًا والابتعاد عن الـhacking وبالتبعية وقف التعاون مع الأمن المصري والسعي خلف حياة آمنة، حتى يتم استدعائه مجددًا  للوصول إلى “راضي” وهو مخترق أيضًا ينفذ مخطط يهدد الأمن، وقد ظن يونس أنه مات منذ سنوات، فيعود يوف خصيصًا للتخلص من راضي مجددًا، خاصةً مع العداوة القديمة فيما بينهما.

 

القصة تبدو مألوفة، والشخصيات كذلك، وأحيانًا تصميم المشاهد نفسه.. ستشعر بالألفة وأنك رأيت هذا من قبل في أكثر من فيلم أمريكي، وهي نوعية معروفة تجمع بين الدراما والأكشن والجاسوسية، وإن كانت معالجتها “آمنة” لم تحاول الخروج عن النص كثيرًا، نحن نلعب في عالم “المهمة المستحيلة” دون أي لمسات إضافية قد تؤثر على “تيمة” الفيلم.. لا أعرف إن كانت محاولات الإبداع والخروج عن المألوف ستجدي أم لا، لكنها كتجربة من تجارب أولى في هذه النوعية فلا أظن أن هناك حرج في الاقتباس، وإن كنت تمنيت أن يكون هناك حبكة أكثر تعقيدًا من مجرد انتقام سابق.

 

وقد ظهر هذا الاقتباس واضحًا في السيناريو الذي التزم بقواعد هذه النوعية، وأضاف عليها بعضًا من كوميديا أحمد عز المعروفة، والتي أحبها للأمانة، وأظن أن بعضها جاء ارتجالًا منه عن النص، وحتى وإن خرج بعضها عن السياق فأغلبها خرج موفقًا.. ولا أعرف إن كانت تفاصيل الاختراق صحيحة فنيًا أم لا، ولكن أتمنى أن تكون قد التزمت الحد الأدنى من الصحة مع إضافة ما تسمح به الدراما من لمسات إضافية، ولكن أتمنى أن يكون هناك أساسًا منطقيًا لكل شيء، لذلك أترقب ظهور مراجعة تقنية للفيلم من أحد خبراء الاختراق.

 

على مستوى أداء الشخصيات؛ فقد ظهر الجميع كما اعتدناهم؛ أحمد عز ظهر في مظهر الذكي الوسيم صاحب اللياقة البدنية والعقلية العاليتين، محمود حميدة بأداءٍ رخيم وهيبة معتادة، ولكن المفاجأة الحقيقية كانت في أداء أحمد فهمي لدور “راضي” وهي أول تجربة له في فيلم غير كوميدي، وبدور شخصية شريرة أيضًا، هذه مغامرة ورهان يحسب له، ويحسب للمخرج أحمد علاء استثماره في هذا الرهان ونجاحه في إظهار أدائه بهذه الصورة.

 

وعلى ذكر الإخراج فلا أخفي انبهاري بالصورة (وهو مجهود يُنسَب لمدير التصوير “أحمد المرسي” كذلك)، وتنوع مشاهد المعارك وطرق إدارتها بجودة أظنها من أفضل ما قدم في السينما المصرية، وما ساعد على ذلك تنوع الأماكن والدول التي تم تصوير الأحداث فيها، وهو أمر يحسب للإنتاج، الذي لم ينفق كل هذا الإنفاق للاستعراض، ولكن لخدمة السيناريو، وكذلك القصة، فمن غير الطبيعي عرض فيلم عن الجاسوسية وتدور جميع أحداثه في مصر، ومن غير الطبيعي الاستسهال وتصميم مواقع لتبدو كأنها خارج مصر، وبالطبع هذا الإنفاق يبرر تأخر عرض الفيلم طيلة هذه المدة لتحصيل مصاريف إنتاجه.

 

لم يعجبني الإخراج في دمج موسيقى “هشام نزيه” التي كانت ممتازة كالعادة مع الحوار، فأحيانًا ما كانت تعلو على أصواتهم بشكلٍ ظلمها وجعلها تبدو مزعجة، وإن كانت نجحت في لحظات كثيرة لتحفيز الجمهور وإضافة بعدًا حماسيًا لتجربة المشاهدة التي كانت جيدة، وإن كنت لا أعلم بعد هل هي الأفضل في الموسم أم أن هناك مفاجئات منتظرة.

عبدالرحمن جاويش

كاتب وروائي شاب من مواليد محافظة الشرقية سنة 1995.. تخرج من كلية الهندسة (قسم الهندسة المدنية)..صدر له عدة رويات منها (النبض صفر،) كتب في بعض الجرائد والمواقع المحلية، وكتب أفكار العديد من الفيديوهات الساخرة على مواقع التواصل الاجتماعي.. كما دوَّن العديد من قصص الديستوبيا على صفحته الشخصية على موقع facebook وحازت على الكثير من الإشادات من القراء والكُتَّاب كذلك..
زر الذهاب إلى الأعلى