تاريخ

مظاهر الاحتفال بشهر رمضان الكريم على مر التاريخ

مظاهر الاحتفال بشهر رمضان الكريم على مر التاريخ
ينتظر العالم الإسلامي بأسره شهر رمضان الكريم بكثير من الشوق، يحل الشهر الكريم ضيفًا علينا ومعه تدخل نفحات السكينة والبهجة للقلوب والبيوت، ولهذا الشهر مذاقًا خاصًا على مدار التاريخ حيث تمتزج الروحانيات مع عبق التقاليد والعادات المتوارثة على مر عصور الدول الإسلامية لتدخل علينا احتفالات لها طابعها التراثي ..

فلو أبحرنا في بحر التاريخ لنشاهد كيف كان الناس يعيشون الشهر الفضيل في ظل دولة الإسلام لوجدنا عادات واحتفالات تتشابه في كثير من جوانب الحياة في العهود الأموية، وفي الأندلس والعباسية والفاطمية والمملوكية والعثمانية، فقد حملت كل فترة منهم ملامح البهجة والسرور.

مظاهر الاحتفال بشهر رمضان تاريخًا:

يقول الرحالة الجغرافي ابن جبير الأندلسي أن لهذا الشهر مظاهرة الخاصة فكان المكريين يستقبلون الشهر الكريم بداية من استهلال الهلال، كانت تقام الاحتفالات بالمسجد الحرام وتكثر المشاعل والشموع التي تلألأ الحرم نور وضياء وتتفرق الأئمة لإقامة صلاة التراويح فرق، فلا يوجد زاوية بالمسجد إلا وبها قارئ يصلي وخلفه جمع من الناس.

أما الرحالة ابن بطوطة فيصف رحلته في استقبال الشهر الكريم، أن أهل مكة يستقبلون الشهر بضرب الطبول والدباب لدى أمير مكة ويتم الاحتفال في المسجد الحرام بإشعال الشموع والمشاعل وتتفرق الأئمة حسب الفرق الأربع ليتجمع كل فريق ويتلو القرآن الكريم ويوقدون الشموع في زوايا الحرم.

تنوع الاحتفالات عبر العصور:

بعدما كبرت الأمة الإسلامية واتسعت رقعتها بالتالي حدث التنوع الثقافي والاجتماعي في كل أركانها وترتب عليه اختلاف في شكل ومظاهر الاحتفال بالشهر الكريم، ففي مصر كانت تسير المواكب بمناسبة رؤية الهلال وهو حدث بطبيعته قديم قد ذكره الرحالة ابن إياس، كما أنها انتشرت في كثير من الدول الإسلامية الأخرى كانت عبارة عن مواكب لاستقبال رمضان وتوديعه، وتجسدت فيها أشكال من الفنون منها المطبلاتية أو زفات الصوفية.

كما تعدد المظاهر الاحتفالية الأخرى ومنها موائد الرحمن وظهرت مجموعات الانشاد الدينية، في زمن الدولة الطولونية في مصر في القرن الثالث الهجري بدأت أوضاع العمل في التغير مثلًا كان العمال يعملون لوقت العصر، وكان محمد الإخشيدي يُرسل النفقات في بداية رمضان لعمارة المساجد وتزينها.

كما أن الدولة الفاطمية اهتمت بشهر رمضان بشكل خاص كانوا يغدقون على الشعب رغبة في الترغيب في مذهبهم، فكانت احتفالاتهم غير مسبوقة ابتداءً من شهر رجب، في العهد المملوكي كان السلطان يستهل الشهر بالجلوس بالميدان تحت القلعة ويستعرض أحمال الدقيق والسكر والخبز والبقر والغنم المخصصة للصدقات.

أما الاحتفالات في زمن الدولة العثمانية فقد اختلفت عن الممالك التي سبقتها وكانت مظاهر الاحتفال تتشابه في كل المدن الكبرى في اسطنبول وحلب وسراييفو، وكان رئيس الفلكيين بالقصر يقوم بتحضير إمساكية الشهر قبل حلول الشهر ب 15 يوم، ويقدمها للصدر الأعظم ورجال الدولة، وكان للشهر بهجة خاصة بالقصر وكان السلطان يستقبل العلماء في وليمة السلطان وكذلك عامة الشعب في الوليمة السلطانية، وكانت توزع الوجبات المجانية طوال الشهر حتى ليلة القدر وكان السلطان ورجال الدولة ينحرون الأضاحي بالطرقات العامة ويوزعون اللحوم على الفقراء.

ومن العادات الرمضانية أيضًا هي زيارة السلطان لجناح الأمانات المقدسة ويتم تنظيف غرفة البردة الشريفة التي تحتوي على أغراض النبي صلى الله عليه وسلم، بجانب أن الجوامع في كل أرجاء الدولة كانت تتزيين بالمصابيح الزيتية، وتُعلق الزينة على مآذن الجوامع، أما المظاهر الترفيهية فقد تجسدت في راوي الحكايات والكاراجوز وهو أحد الفنون التي ظهرت في القرن الرابع عشر في عهد السلطان بايزيد الأول.

في عهد الحملة الفرنسية في مصر ظل المسلمون يسيرون في عاداتهم، وفي عهد الدولة العلوية ظهرت كثير من العادات الرمضانية في مصر، كانت طوائف الشعب تخرج في كل البلاد للمحكمة الشرعية لاستطلاع الهلال، وبعد ثبوت الرؤية كانت تطلق الألعاب النارية والصواريخ والمدافع بالهواء، ومن مظاهر الاحتفال ظهور مدفع الإفطار للتنبيه على الإفطار والسحور، كان يُطلق من قلعة صلاح الدين، وفي عهد الخديوي إسماعيل أمر بمدفع آخر فوق جبل المقطم، وكانت توزع الحلوى في الأسواق في الصواني النحاسية ..

المصدر
المصدر المصدر

هاجر طلعت

طالبة دكتوراه تخصص إعلام - تكنولوجيا الصحافة أحب التدوين وكتابة المقالات شاركت في تأسيس عدد من المواقع العربية مهتمة بالزراعة المنزلية والتصميم والقراءة والتصوير .
زر الذهاب إلى الأعلى