منيجيل و الأقزام السبعة
تحتل الحقبة النازية أحد أكثر المواقع سوءًا و ظلمة في التاريخ، و ذلك للهول و الرعب اللذان كانا عنوانًا لتلك الحقبة، فقد شهدت أبشع ما يمكن أن ترتكبه أيدي الإنسان في أخيه الإنسان.
ولكن التاريخ لن يمحي تلك الجرائم البشعة و التي ارتكبتها أيدي أحد أشهر وحوش تلك الحقبة وهو جزيف مينيجل أو كما يلقبونه بملاك الموت، لذا دعني أخذك في رحلة بين إحدى أكثر جرائمه رعبًا.
في البداية وُلدت عائلة أوفيتز في يهود ترانسلفانيا، وكان والد العائلة شمشون آيزاك أوفيتز رغم إصابته بالتقزم، كان فردا محترما بين يهود بلدته، ولكن للأسف معظم أطفاله ورثوا مرض تقزمه، لذا بعد وفاته المفاجئة قررت أرملته بأن أطفاله الأقزام السبعة يستطيعون توفير دخل جيد للعائلة عن طريق عملهم في الترفيه و الموسيقى.
وهكذا كونوا فرقتهم الموسيقية الخاصة تحت اسم “Jazz Band of Lilliput” والتي بدأت في السفر لجميع أنحاء أوروبا الوسطى.
وفي عام 1942 و بالرغم من عدم الاستقرار الذي سيطر على أوروبا الوسطى بسبب الزحف النازي، استطاعت العائلة ألاستمرار عن طريق إخفاء هويتهم اليهودية، وفي شهر مايو استطاعت الابنة البكر إليزابيث أن تتزوج من مدير مسرحي يُدعى يوشكو ماسكوفيتش، ولكن بعض عشرة أيام فقط افترق الحبيبان بمجرد أن تم إدراج زوجها في الجيش.
ولعامين مستمرين بعد الزواج استمرت إليزابيث و بقية العائلة في تقديم عروضهم بين بلاد أوروبا الوسطى إلى أن كانوا في هنجاريا في شهر مارس عام 1944 حيث احتل الألمان البلد وتم أسر العائلة بالكامل في يوم السابع عشر من مايو و إرسالهم إلى معسكر الاعتقال سيء السمعة..معسكر أوشفيتز.
في المعسكر تتذكر إليزابيث حين رأت جوزيف مينيجل للمرة الأولى عندما وقف ليقسم الأسرى بين من سيتم إعدامهم فورًا و من سيعانون خلال حياتهم بين جدران المعسكر.
مينيجل كان قد قام ببعض التجارب السابقة على التوائم ليختبر مدى تماثل أعضائهم الداخلية و مدى الترابط بين أجسادهم و عقولهم، لذا حينما عثرت عينيه الخبيثتين على أفراد تلك العائلة من الأقزام رأى أنهم سيشكلون موضوع أختبار مثالي.
وهكذا بدأت التجارب على أفراد عائلة أوفيتز السبعة، حيث قالت إليزابيث في شهادتها عما حدث بأن كل فرد منهم تم تقييده إلى طاولة مختبر حيث كان يتم تعذيبهم بشكل مستمر مع إنتزاع عينات من أجسادهم، ثم حقنهم بمواد غريبة، و وصفت إليزابيث في النهاية بأنها تعلمت معنى الألم المطلق حينها.
ولكن لم يتوقف الأمر حول ذلك فقط، بل كان أطباء جوزيف منيجيل يقوموا أيضًا بسحب نخاع العظام و أسنانهم و عظامهم للبحث عن الأمراض الوراثية، ثم قرر الطبيب منيجيل بأن يقوم بعرض العائلة وهم عرايا تمامًا أمام زملائه من الضباط و الأطباء النازيين ليحاضر حول كون العرق الألماني الآري عرقًا متفوقًا.
بل قام منيجيل أيضًا بصناعة فيلم ترفيهي لهتلر حيث تغني فيه العائلة النشيد الألماني الوطني بينما يذلون أنفسهم بحركات خرقاء ليضحكوا الزعيم السفاح.
استمر جحيم العائلة سبعة أشهر، قابلوا خلالها مئات من المصابين بالتقزم مثلهم ولكن لم يكونوا محظوظين كما العائلة حيث كان يتم قتل الأقزام للاحتفاظ بعظامهم.
في النهاية تم تحرير المعسكر في يوم السابع و العشرين من يناير عام 1945 على يد القوات السوفيتية وقبل أن يتم إلقاء العائلة للموت المحقق.
في النهاية تم إنقاذ العائلة و التي هاجرت بدورها لفلسطين المحتلة، أما جوزيف منيجيل فلم يتم إعقتاله أو محاسبته أبدا ومات على شاطئ في البرازيل عام 1979.
مصدر :
https://www.theguardian.com/world/2013/mar/23/the-dwarves-of-auschwitz