نظرية الدومينو سببًا لحرب فيتنام
تم اقتراح نظرية الدومينو في فترة الحرب الباردة، كانت بمثابة سياسة للحرب الباردة من خلالها تم افتراض أن أي دولة أو حكومة شيوعية في مكان ما سوف تتسبب لنشر وسيطرة الفكر الشيوعي سريعًا للدول المجاورة؛ فتقع الدول كصف مترص ومتناسق مثل أحجار الدومينو..
وقد استخدمت الولايات المتحدة هذه النظرية كمبرر لحرب فيتنام، أوضح الرئيس الأمريكي “دوايت آيزنهاور” في مؤتمر صحفي أن الولايات المتحدة اهتزت بسبب ما يسمى بـ “خسارة” الصين وسيطرة الشيوعية في عام 1949م، نتيجة لانتصار “ماو تسي تونغ” وجيش التحرير الشعبي الصيني في الحرب الأهلية الصينية، والذي تسبب في قيام الدولة الشيوعية في كوريا الشمالية عام 1948م، مما أدى للحرب الكورية 1950-1953م.
الإشارة الأولى لنظرية الدومينو:
في المؤتمر الصحفي أعلن الرئيس الأمريكي “أيزنهاور” عن قلقه من أن الشيوعية يمكن أن تنتشر في جميع أنحاء آسيا وتصل إلى أستراليا ونيوزيلندا، وقال بمجرد سقوط أول قطعة من الدومينو أي الصين أن الشيوعية تنتقل بعد ذلك لكل القارة الآٍسيوية، وأن آسيا فقدت بالفعل 450 مليون من شعبها بسبب الدكتاتورية الشيوعية ونحن ببساطة لا نستطيع تحمل خسارة أكبر من ذلك.
وأعرب أيزنهاور عن قلقه حيال أن الشيوعية سوف تنتقل حتمًا إلى تايلاند وبقية دول جنوب شرق آسيا إذا تجاوزت ما يُعرف بالسلسلة الدفاعية عن الجزيرة اليابانية وجمهورية فورموزا تايوان، من الفلبين إلى الجنوب وركز على التهديد المفترض لأستراليا ونيوزيلندا..
وقال أيزنهاور إن وقوع فيتنام تحت سيطرة الشيوعية سوف يتسبب في حدوث انتصارات شيوعية كبيرة ومماثلة في البلدان المجاورة لها بجنوب شرق آسيا بلاوس وكمبوديا وتايلاند والأماكن الأخرى بكل من الهند واليابان والفلبين وإندونيسيا وصولًا إلى أستراليا ونيوزيلندا، وعلى الأرجح ستكون التبعات المحتملة هي خسارة الهند الصينية.
واستخدم أيزنهاور وزعماء أمريكا من بعده لاحقًا بما فيهم ريتشارد نيكسون تلك النظرية لتبرير تدخل الولايات المتحدة في جنوب شرق آسيا وبما في ذلك تصعيد حرب فيتنام، وعلى الرغم أن الفيتناميين الجنوبيين المناهضين للشيوعة وحلفائهم من الولايات المتحدة خسروا حرب فيتنام أمام القوات الشيوعية التابعة للجيش الفيتنامي الشمالي، ولكن الدومينو الساقط توقف بعد كمبوديا ولاوس، ولم تفكر أستراليا ونيوزيلندا أن تصبحا شيوعيتين.
حرب فيتنام:
بعد أن أعلن مؤتمر جنيف نهاية الحرب الفرنسية الفيتنامية بشمال فيتنام وفصلها عند خط عرض 17، قامت الولايات المتحدة بعمل معاهدة “سياتو” وهي عبارة عن تحالف ملزم لأي تهديدات أمنية في المنطقة..
وتعهد جون كينيدي الرئيس التالي لآيزنهاور بدعم بلاده لنظام نجو دينه ديم بالجنوب الفيتنامي، ودعم الجماعات غير الشيوعية لخوض الحرب الأهلية في لاوس من عام 1961م حتى عام 1962م، ولكنه تراجع عن التأييد لفترة ثم أعاد نظرية الدومينو ثانية على الطاولة لتحجيم المد الشيوعي.
النظرية باختصار:
باختصار نظرية الدومينو في الأساس تسمى بعدوى الأيديولوجية السياسية، يعتمد ذلك على افتراض أن الدول تتحول للشيوعية بسبب وجود دولة كبيرة مجاورة لها كما لو كان ذلك فيروس، وتدعم تلك الدول التمرد الشيوعي عبر الحدود للدول المجاورة مثل الحرب الكورية.
أصبحت النظرية اليوم إلى حد ما فاشلة لأنها لم تأخذ في اعتبارها صراعات الجبهة الوطنية داخل فيتنام، وفي النهاية فشلت كل الجهود الأمريكية لوقف المد الشيوعي واستمر في غزو جنوب شرق آسيا.