فضلت اشتغل طول عمري لحد ما قدرت أجمع تمن بيت أحلامي، هو مش بيت محدد بعينه، بس كنت عايز بيت كبير خشبي في منطقة هادية بعيدة عن دوشة المدينة.
وبعد لفه مش طويلة أوي لقيت البيت دا، وفي الواقع وقعت في غرامه من أول نظرة..
تعالوا لما أقولكم حكاية البيت دا إيه، كانوا اتنين رجالة أخوات وبنوه سوا، كانوا بيتين مقسومين في الواقع بس المجمل تحس من بره أنه بيت واحد لأنه كان فيه أوض مشتركة، وبعدين الأخين دول ماتوا في حادث والورثة عرضوا البيت للبيع.
دخلت واتفرجت عليه، من أول ما بتدخل من الباب بتلاقي المدخل كبييير جدًا وواسع وفيه نافورة صغننه في النص، وعلى إيدك اليمين المطبخ كبير بردو وتقدر تطلع منه على أوضة السفرة اللي هي بردو ليها مدخل رئيسي من الصالة الكبيرة بس من ورا السلم اللي بيطلع على الأوض التانية، وفي الوش كان فيه حمام الضيوف.
البيت كان طرازه مش حديث أوي يعني، كانت الحيطان مبطنة بالخشب البني الغامق، والسلالم بتزيق لما تطلع عليها، وفي الواقع الكلام دا كان بيضيف جمال للبيت مش العكس، وفوق فيه أربع أوض، كل أوضة متكاملة بحمام وأوضة صغيرة للملابس بدل الدولاب، وفي الطرقة بره الأوض كان فيه مكتبة كبيرة باين أن صاحب البيت كان مثقف جدًا، بغض النظر عن اهتماماته الغريبة في عناوين الكتب اللي لمحتها وأنا بتفرج!
اللي كان بيفرجني على البيت يبقى قريب الأخوين اللي ماتوا دول بس من بعيد شوية، وقالي أنهم مكنوش على علاقة كويسة بيهم وعشان كده محدش عايز يسكن في بيتهم وقرروا يبيعوه، بس أنا حسيت إنه بيحاول يخبي حاجة، بس جمال البيت خلاني مركزتش معاه.
وعرفت إنهم هيبيعوا كل بيت منفصل عن التاني وعشان كده الأوض المشتركة بين البيتين مقفولة تمامًا.
كان تصميم البيت جميل جدًا، لما تخرج من الباب الخلفي للبيت فيه جنينة صغيرة المفروض مشتركة بين البيتين وبعدين طرقة طويلة ودي بقى مقفولة بباب حديد، لأنهم قرروا أن اللي هياخد الجنينة مش هياخد من الأوض الإضافية دي والعكس صحيح، فأنا قلت مش مهم دي قسمة العدل، لما حاولت اتفاوض معاه إني أخد البيتين، رفض وقالي أن دا قرار العيلة!
اتفقت معاه على ميعاد واستلمت البيت وفي أقل من أسبوع كنت ناقل حاجتي أنا ومراتي وأولادي الاتنين، بعد ما كنت أخدت رأيهم طبعًا.
البيت جميل والحاجات اللي كانت محتاجه تتوضب ابتدينا نوضبها لما سكننا، عشان كانت حاجات بسيطة، بس زي ما انتوا عارفين مفيش حاجة بتبقى جميلة من غير عيوب، في الأول كنا بنسمع صوت تزيق جاي من جوه الحيطان، بس كنا بنقول أنه أكيد بسبب أن البيت قديم وأن دا طبيعي.
كنت بحس بنفس وكأن حد معانا وبيراقبنا، بس كنت بسكت عشان مبقاش سبب خوف مراتي وأولادي، بس هما كمان كانوا بيحسوا بكده!
لحد ما جه اليوم اللي مش هقدر أنساه، مراتي حضرت العشا، وجت ندهتنا من قدام التلفزيون، وبعد العشا بساعة دخلنا ننام، قومت على صريخ بنتي، وأنها بتقولي أن فيه عناكب بتحاول تأذيها، في الحقيقة هي أصلًا بتخاف من العناكب، حاولت أطمنها أنه مجرد حلم ولسه بحاول أنيمها لقيت ابني صحى يصرخ، وبيقولي أن فيه تعبان كبير بيحاول ياكله، وهنا حسيت إن فيه حاجة غلط لأن ابني كمان بيخاف من التعابين، ليه كل واحد بيحلم بالحاجة اللي بيخاف منها في نفس الوقت كده؟!
ومراتي صحيت وهي مش فاهمة ليه بيحصل كده! بس تاني يوم سألنا دكتور نفسي صديق للعيلة، وقال لنا أن ممكن دا بسبب البيت الجديد، ودا وارد وأن جاتله حالات كتير زي كده، بينقلوا مدرسة جديدة أو بيت جديد أو أي تغير جوهري في حياتهم، بيجيلهم كوابيس وهلاوس.
بعد يومين صحيت مراتي المرة دي وهي مقتنعة أن فيه حشرات ماشية على جسمها، بس هي كانت فايقة مش نايمة! وعمال أحاول أهديها، هديت بعد وقت طويل وقالتلي أنا كنت شايفة حشرات زي ما أنا متأكدة إني شايفاك كده.
تاني يوم أنا شخصيًا صحيت وأنا شايف نفسي على السرير بس كأنه في مكان عالي على منحدر وأنا أصلًا عندي فوبيا مرتفعات، لحد ما مراتي فصلت تقولي أنت بتحلم دا مش حقيقي واستوعبت الموقف وفوقت!
من هنا مراتي قالتلي مش معقول كلنا عندنا مشكلة أكيد البيت هو المشكلة، لازم نشوف حل.
كلمت الراجل اللي باع لي البيت وقولتله هل البيت يعني فيه مشكلة أو حد اشتكى من هلاوس فيه قبل كده، أكدلي أنه لا طبعًا، بس قالي ممكن قريتوا في كتب صاحب البيت أصله كان دكتور مجنون، قولتله لا احنا مش متأثرين بحاجة ودا علينا كلنا حتى الأطفال.
أولادي ومراتي بقوا خايفين من البيت وبقينا نركز أكتر في صوت التزييق اللي جاي من الحيطان والأرض والسقف، وقررت أدور في تاريخ البيت أكتر واسأل أهل المنطقة..
ملخص اللي عرفته أن صاحب البيت دا كان دكتور وعالم وكان مشهور أنه بيعمل تجارب على البشر بس كانوا بيروحوا بإرادتهم بمقابل مادي، لحد ما حالة ماتت والتانية والتالتة لحد 20 حالة وابتدى يكمل تجارب على الجثث دي، وأخوه قرر أنه يوديه مصحة نفسية، وهو دا اليوم اللي عملوا فيه الحادثة وماتوا هما الاتنين.
روحت البيت وقررت إني لازم هستكشف باقي البيت مش بس المكان المخصص لينا دا، وروحت كسرت القفل ودخلت الطرقة.. الأوضة كلها على الجنب اليمين والجنب الشمال عبارة عن إزاز بيطل على الجنينة بتاعتنا بس عاكس، يعني اللي بره ميشوفش اللي جوه، طبعًا الأبواب مقفولة، بس أنا كسرت أول باب ودخلت.. أوضة فاضية بس ريحتها بشعة، خرجت وكملت باقي الأوض نفس الوصف فاضية وريحة وحشة.
رجعت لمراتي اللي مصممة نجيب رجل دين يشوف البيت دا ماله، وعلى مدار أيام بحاول أقنعها أن دي أوهام بس هي ابتدت تعاني من اكتئاب وأعصابها تعبت جدًا، والأولاد تحصيلهم الدراسي قل.
هنا قررت إني هجيب فعلًا رجل دين، وجه وقال إن البيت مفيش فيه أي حاجة وعملنا تحصين لينا وللبيت ومشي.
بس الأعراض استمرت علينا أنا ومراتي وأولادي، غثيان وهلوسه!
في يوم صحيت على إحساس بالغرق وأكتر من ٥ دقايق بعافر عشان أتنفس وأنا عارف إني أكيد بهلوس، لما قومت كنت متعصب جدًا لدرجة إني أخدت الفأس وخرجت أقطع أخشاب وعمال أفكر في مراتي وأولادي واللي بيحصلنا وإني مش هعرف أنقل من البيت دا لأني دفعت كل فلوسي فيه.
دخلت البيت وأنا لسه في قمة غضبي وضربت بالفأس في الحيط وإذا بالمفاجأة!!!!
لقيت ممر جوه الحيط، دخلت وفضلت ماشي فيه وليه كده تفريعه جوه البيت، دخلت في أول واحد مشيت للأخر طلعت وزقيت الفتحة المتغطية من فوقي لقيت إني في الأوضة الفاضية اللي ريحتها وحشة، رجعت تاني ورجعت الفتحة اللي في الأرض مكانها، ومشيت لقيت أن كل حيط وراه ممر ودا يفسر ليه بنسمع صوت تزيق، سواء من مرور الهوا أو أن فيه شخص هو المسؤول عن دا!
رجعت ومن كتر الذهول مش عارف اتصرف إزاي! جهزت مسدسي وماخدتش وجبة العشا بتاعتي اليوم دا من التوتر وقولتلهم يناموا مع مامتهم، وقعدت قدام باب الأوض بتاعتنا وشايف أولادي ومراتي على السرير قدامي ومستني أي صوت تزييق هضرب عليه نار.
وفات وقت مش عارف أد إيه لحد ما لقيت صوت المراية اللي ورايا بيتكسر وملحقتش ألف أشوف عشان أخدت ضربة على رأسي!!!!!
فوقت بعدها لقيت إني متكتف ومراتي وأولادي كمان، والشخص اللي كتفنا واقف وعلى وشه ابتسامة مرعبة تدل أنه مريض نفسي!
قالنا أعرفكوا بنفسي.. أنا دكتور محسن، صاحب البيت دا، وأنتم كنتوا التجربة بتاعتي الجديدة على دواء بيعمل هلوسة، كنت بحطه في الأكل بتاعكم، كنت هبيعه بملايين لولا أنك شغلت دماغك!!
قولتله مش المفروض إنك مت؟!
قال أنا لقيت محدش بيجي تاني يتعمل عليه تجارب، وأخويا قرر يوديني مستشفى المجانين فقررت أنا بقى إني أعمل نفسي ميت..
اليوم اللي جالي فيه أخويا عشان يوديني المصحة، كان عندي جثة من التجارب بتاعتي وأصريت أننا نروح بعربيتي.. جبت الجثة من المعمل اللي بعد البيت بشوية هناك دا، وحطيتها في شنطة العربية وجهزت لأخويا عصير فيه منوم، وأصريت إني أنا اللي أسوق.. وبعد شوية لما نام جبت الجثة مكاني وخليت العربية تمشي لحد ما وقعت من على المنحدر.
قال كلامه دا وضحك ضحكة طويلة بس مخيفة، قولته طيب أنت عايز مننا إيه، قال هكمل تجربة الدوا الجديد، دا طالبينه بملايين عشان يستخدموه في التعذيب في السجون، الدوا دا بيشتغل على الحتة اللي بتخاف منها ويخليك تشوفها، هتعذب نفسك بنفسك، أنا كنت بحط لكم جرعات صغيرة عشان أشوف المدى وكنت براقبكم من ورا كل مراية في البيت، ما هو أصل أنا اللي جبت المهندس اللي بنى البيت وطلبت المواصفات دي عشان أعرف أشوف كل حتة من ورا الحيط.
وكمل كلامه وقال إن الجرعات الكبيرة مدتها بتبقى أطول، ودا يخلي الإنسان ممكن يموت نفسه بنفسه من الخوف ومن كونه شايف أكتر حاجة بتخوفه فممكن يخبط دماغه في الحيط أو يرمي نفسه من الشباك وهكذا!!
كان بيقول الكلام دا وهو بيجهز أربع حقن بعددنا، وبيقول هنشوف بقى الجرعة الكبيرة بتعمل إيه!!!!
بس جرس الباب رن وأنقذنا، جه فكني وقالي اتعامل عادي وإلا هحقن أولادك أول حاجة!
فتحت، لقيت الراجل قريبه اللي باع لي البيت بيقولي أنا جيت أطمن عليكم بعد اللي حكتهولي في التليفون، أنتم كويسين؟!!
رحبت بيه ودخلته وسألته أعملك حاجة تشربها، وقالي بصراحة أنا قولت لازم ابقى أمين وأحكيلك على الدكتور المجنون صاحب البيت، بس أنا قولت إنه مات خلاص مفيش مشكلة هتبقى في البيت، قاطعته وقولته أنا عرفت كل حاجة والأمور تمام.
حاولت أستنجد بيه بس خوفت على مراتي وأولادي، بس قدرت أكتب ورقة بسرعة فيها أن المجنون عايش وهيموتنا، الراجل بصلي بزهول وهز دماغه أنه تمام وودعني ومشي.
طلعت ليهم وحاولت أماطل لحد ما قريبه يجيب المساعدة، بس هو حس وقالي لو فكرت في أي مقاومة هتموتوا كلكم، وبالفعل مقدرتش أقاوم وأماطل أكتر من كده، وحقني بعد ما وعدني أنه مش هيجي جنبهم هما، وبعد نص ساعة التأثير اشتغل وبقيت أشوف كل حاجة بخاف منها، حسيت إني بغرق وأن فيه حد بيشدني ويرميني من على منحدر عالي، اللي أنا شايفة وحاسه حقيقي جدًا، لدرجة إني لما ابتديت أفوق من الهلوسة دي بعد ساعتين كان عندي جروح بسبب إني بتحرك وبتخبط في الحيطان والطربيزات.
بعد شوية سمعنا صوت الشرطة، بس هو طلع المسدس وأمرنا نمشي قدامه، وزق حيطه في المطبخ اتفتحت على ممر من اللي جوه الحيط، فضلنا ماشين ونزلنا في سرداب طويل، آخره كان المعمل اللي بعد البيت بشارع، قالنا محدش يعرف المكان هنا غير أخويا اللي مات، وبيضحك ضحك هيستيري لشخص مجنون فعلًا!
لما كنا بنقوم عشان نتوجه للمعمل واحنا في البيت أنا أخدت حقنة من اللي كان مجهزها وخبتها، ولما وصلنا هنا ولسه بيقولي جاهز الجرعة اللي بعدها، طلعتها وحقنته فيها، وقولت له، جاهز أنت!!
وفضلنا ندور على مخرج وسايبينه هو بيدور على الدوا اللي بيبطل مفعول الحقنة وفضلنا نصرخ أنا وأولادي لحد ما سمعنا صوت الشرطة تقريبا سمعونا..
لما سمع صوت الشرطة هددنا بالمسدس، بس أنا ضربته بالكرسي وقع أغمى عليه، وجلت الشرطة أنقذتنا وأخدته.
وعزلنا بعد كده من البيت دا خالص، بس جاتلي رسالة من شخص مجهول بتقول: (لسه التجارب مخلصتش)!!!!!