استيقظت أميرة ذي الستة أعوام من النوم على صوت شجار والديها، فعانقت دميتها وهي تراقب ما يحدث من بعيد، بعد قليل توقف الشجار ونادتها والدتها للفطور، تفقدت أميرة المنزل بعينيها فلم تجد والدها في الجوار فقالت لوالدتها بصوت خافت وهي تمسك دميتها: أين أبي؟ ألن يأكل معنا؟
صرخت بها والدتها وهي تضرب الشوكة بالمنضدة قائلة: لن يعود! عليك أن تعتادي على عدم وجوده!!
لماذا؟!
لم يعد له مكانا هنا
غرفتي كبيرة يمكنني مشاركته
هو لم يعد يحبك، ألا يمكنك نسيانه؟
صرخت أميرة: لا، أبي يحبني!
أنت تشبهينه كثيرا أنانية! عليك أن تعلمي أنه منذ اليوم لقد مات
ركضت أميرة نحو غرفتها وهي تبكي بشدة، بعد قليل ذهبت إليها والدتها لتنبهها أن تغير ملابسها للذهاب إلى المدرسة، وجدتها تقطع شعر دميتها وتقول: أنت قبيحة لذلك قد تركك والدك، لا أحد يحبك
تجاهلت والدتها حديثها وذهبت معها إلى المدرسة فهي تدرس في الصف الأول الابتدائي، أخبرت الوالدة المعلمة أن تعتني بها، وذهبت إلى المنزل، قبل انتهاء الدوام اتصلت بها المعلمة الخاصة بابنتها وطلبت حضورها فذهبت والدتها بقلق بالغ وقابلتها في مكتبها، فقالت لها المعلمة: لقد تنمرت ابنتك على فتى في الصف اليوم، هذه المرة لقد اكتفيت بلفت نظرك وحل الأمر قبل أن يشكو لوالدته
اندهشت والدتها وقالت: لكن ابنتي ليست من النوع الذي قد يتنمر على أحد، إنها هادئة دائما، ربما هذا الفتى قام باستفزازها
لقد مات والد هذا الفتى منذ مدة قصيرة؛ لذلك لقد دخل في حالة من الحزن والاكتئاب، لقد نبهت الجميع أننا يجب أن نتعاون لكي نجعله يشارك في أجواء الصف؛ لأنه يمر بظروف صعبة، لكنني تفاجأت اليوم عندما وجدت أميرة تقول له أن والده تركه لأنه لا يحبه؛ لذلك لقد بكى كثيرا
أعتقد أنني فهمت أين المشكلة، أسفه لما حدث، سأحل الأمر مع ابنتي في المنزل
هذا ما أتوقعه منك
أين هي أميرة الآن؟
الحصة الأخيرة قد انتهت للتو، لابد أنها تنتظرك في الفصل
ذهبت المعلمة مع والدة أميرة إلى الصف فلم تجدها، فبدأت تسأل الطلاب عن مكانها فقالوا إنها ذهبت لتقابل والدها، فبدا على والدتها الخوف الشديد
المعلمة: ألم يخبرك والدها أنه سيصحبها؟
والدة أميرة: لا، سأتصل به الآن
هاتفت زوجها فلم يرد، فرنت عليه مرارا وتكرارا إلى أن رد عليها، فقالت له وهي في حالة هستيرية من الخوف والغضب: هل قابلت أميرة اليوم؟ ألم نتفق أنني سأهتم بها؟
ماذا تقولين؟ لم أقابلها اليوم، هل هي مفقودة؟!
عندما ذهبت إلى الفصل لم أجدها لقد قالت إنها ذاهبة إليك
هذا كله من إهمالك! لو كنت أعلم أن هذا سيحدث لم أكن لأتركها لك
الخطأ ليس خطئي، أنت من تخليت عننا منذ البداية
لا يوجد وقت لهذا الكلام يجب أن نبحث عنها فورا
بدأ الوالدان في البحث مع أصدقائهم حول المنزل والمدرسة، ولكنهم لم يجدوها، بينما بدأ الخوف والرعب يتسلل إلى قلب الجميع، وازداد خوف والدتها حينما تذكرت ما قالته صباحا، وكل دقيقة كانت تمر كالساعات على قلبها، وبدأت تبحث مرة أخرى إلى جانب النهر، حتى قادتها قدماها إلى قضبان القطار.
تفاجأت برؤية ابنتها تتجه نحو القطار على الضفة الأخرى من الطريق، ولم تستطع الذهاب إليها بسبب السياج، ضعفت قدماها ووقعت على الأرض وهي تبكي وتصرخ: ابتعدي عن القطار! ابتعدي! أرجوك! وبدأت ترميها بالتراب الذي على الأرض لتبتعد عن القضبان، بينما القطار أتي بسرعة ولا يرحم أحدا، وبخطوات ثابتة سارت الطفلة نحو القطار، أغمضت والدتها عينيها وهي تبكي بحرقة وتناجي ربها: أنقذها وسامحني يا الله، أرجوك، مر القطار ووقع قلب الأم وتحطم إلى أشلاء.
أرتفع السياج لتجري نحو القضبان وسط التراب الذي يغطي مجال الرؤية، بدأت تبحث عن ابنتها أو عما تبقى منها، فرأت زوجها يعانق ابنتها وسط الأتربة المتطايرة، فسجدت على الأرض وهي تبكي بحرقة وتقول: أشكرك! أشكرك يا إلاهي، وركضت نحو ابنتها وزوجها وعانقتهم، وعيناها لا تكف عن البكاء، لقد كانت دموع الفرحة التي كان سببها لطف الله،
قالت أميرة لوالدها ويبدو عليها ملامح الدهشة: لقد كنت ذاهبة اليك، ظننت أنك قد مت
قال والدها: لا لن أذهب إلى أي مكان وأتركك يا عزيزتي
أميرة: لكنك لا تحبني
عانقها والدها وقال: إن لم أحبك فمن سأحب غيرك يا عصفورتي الصغيرة
قالت والدتها ويبدو عليها الندم الشديد: أنا أسفه، أسفه لكل ما حدث، لا تتركينا مرة أخرى
أميرة: هل سيبقى أبي معنا؟
والدها: بالطبع يا عزيزتي لن أترككم أبدا، هيا لنذهب سأشتري لك اليوم كل الألعاب التي تريدينها
قالت أميرة بفرح غامر: شكرا لك يا أبي
اقرأ أيضاً
ايه الحلاوة دي 👏👏👏👏
عظمة ♥️
Interesting ❤❤