حكايات وأماكنطلاسمقصص الرعب

أرض المتحولين

أرض المتحولين.. «أراد الشهرة والمال فتسبب في موت الكثيرين…»

هذا هو ما فعله عالِم الآثار، أراد أن يجد اكتشافًا يُبهر العالم أجمع؛ فجمع فريقًا من الباحثين والعلماء، وقام بالبحث في أماكن لم يَبحث فيها أحد من قبل. بدأ بالبحث في عدة جزر أثبتت الأبحاث أنها كانت مأهولة بالسكان من قبل ثم هجروها بحثًا عن التقدم والحياة المرفهة.

تنقل كثيرًا بين الجزر إلى أن حطَّ على جزيرة تقع في شمال شرق المحيط الهادئ، إنها جزيرة أشبهَ بالصحراء، مجردة من كل مظاهر الحياة.

بدأ بالبحث هو ورفاقه في أماكن متفرقة بالجزيرة، واستغرق منه الأمر ثلاث ليالٍ، حتى وصل إلى كهف مظلم بَدَا مخيفًا، حاول استجماع شجاعته والدخول، لكنْ شيء ما بداخله كان يخبره ألا يدخل، ولكنَّه- للأسف- تجاهل ما يشعر به، ودخل الكهف.

دخل بحثًا عن شيء ثمين أو أثري لعلَّه يجد ما يريده في هذا المكان المُوحش، فظل يبحث في كل ركن من أركان الكهف ويحفر قليلًا في الرمال وأخذ يتعمق أكثر وأكثر حتى وجد ركنًا في نهاية الكهف يبدو غريبًا، يوجد حوله بعض الحراب والعصيّ، ورأى آثارًا في الصخور تبدو قديمة. كأن أحدهم كان يحاول إخفاء شيء ما… ولكنْ ما هو؟

وللإجابة على هذا السؤال قام العالِم بتتبع هذه الآثار والبحث في الصخور والرمال، واستمر بالحفر لوقت طويل حتى عثر على شيء ما مدفونٍ في الرمال يبدو كبير الحجم، فقام باستدعاء رفاقه، وبذلوا كل قوتهم لسحب ما هو مدفونٌ في الأرض، وعندما أخرجوه تفاجأ  كل من في المكان لرؤيتهم لهذا الحجر الضخم والهائل الحجم من الألماس الحر…

ظل الذهول على وجه العالِم ورفاقه من هذا الاكتشاف الذي سيحقق له الشهرة والثراء الفاحش الذي كان يتمناه، ثم عاد به إلى بلاده لينبهر به كل من يراه أو يسمع عنه.

ولكنْ هذا لم يدم طويلًا فأثناء قيام العلماء والجيولوجين بفحص هذا الحجر لمعرفة قيمته ونوعه وتركيبه، اكتشفوا أن بداخله شيئًا غير واضح المعالم، ثم قاموا بعدة محاولات لشق الألماس لمعرفة ما بداخله، فنجحت إحدى المحاولات وتم بالفعل شق الماس ولكنَّها كانت الفاجعة…!!

كان داخل الألماس مخلوق قبيح الشكل ومخيف المظهر أفزع الموجودين حوله. كان مشوه الوجه، متفحم الجسد، له عين واحدة حمراء، بيضاوية الشكل، ليس له أي ملامح في جسده تدل على أنه من بني البشر.

حدث تدخل من الحكومة والشرطة ليتم نقله إلى المختبرات السرية لتشريحه وفحصه ومعرفة نوعه، وهل هو من الفضاء أم مخلوق على الأرض انقرض منذ آلاف السنين؟ ولماذا كان يوجد في الألماس؟ وهل هناك آخرون؟

الكثير من التساؤلات يجب العثور على إجابة لها…

وأثناء نقله في إحدي سيارات الشرطة الخاصة اقترب منه المرافق وظل يبحث في جسده عن علامة أو شيء آخر، وقبل أن يقترب من وجهه استيقظ الكائن في صرخة مفزعة من عالم آخر، وأحكم قبضته على رقبة المرافق، وقبل أن يصرخ أو يستنجد بأحدٍ ما قام الكائن بالتهامه حتى العظام.. ثم فرَّ هاربًا من السيارة، يفزع بشكله كل من يراه، ولا يستطيع أحد الهرب من شهيته الكبيرة للحم البشري، ولا يستطيع أي أحد إيقافه أو الامساك به لسرعته غير العادية، ولا يستطيعون قتله بالرصاص أو الأسلحة بسبب جسده الأصلب من الصلب…

وظل الكائن هاربًا يركض كثيرًا حتى وصل إلى جزيرة منعزلة تقع بين حدود دولتين، ولا تنتمي لأي منهما، فاتخذ منها مسكنًا دائمًا له…

وفي وحدته يعود الزمن إلى الوراء لأكثر من تسعة قرون أثناء عصور الظلام على جزيرة توجد في شمال شرق المحيط الهادئ، حيث كانت تعيش قبيلة من البشر في سلام تام وكان بينهم ساحر يعيش منعزلًا، ولكنه لم يكن ساحرًا طيبًا فكان يقوم بأعمال «السحر الأسود» وكان يستمتع بأذِيَّة الآخرين إلى أن جاء يوم مشؤوم…

«يوم انقلب السحر على الساحر»

كان يريد إيذاء المزيد من الناس فانقلب سحره عليه فتحول إلى مخلوق بشع المظهر مشوه له شراهية مخيفة للحم البشري.

خرج بين الناس يخيف كل من ينظر إليه، ولا يعطي الفرصة لأحد للهرب، حيث ينقض عليه بسرعة ويلتهمه حتى القدمين، حاول أهل الجزيرة محاربته والقضاء عليه باستخدام الحراب والسيوف ولكن دون جدوى. ويزداد عدد ضحاياه أكثر فأكثر، لذلك قرر أهل الجزيرة الاستعانة بأقوى ساحر بالمنطقة، يوجد في جزيرة مجاورة لهم، والذي بدوره انضم لهم وقام بإلقاء تعويذة قوية على ذلك الكائن جعلته يُحبَس في سجن من الألماس، ثم حملوه ودفنوه في الكهف الذي يوجد في أطراف المدينة آملين أن يكون قد انتهى أمره إلى الأبد…

ثم عاد الكائن إلى وحدته يشعر بالجوع الشديد، ولكنه لا يستطيع الدخول بين البشر.

لم يجد سوى حل واحد، قام بتطوير جسده…

استخدم كيمياء جسده والمتبقى من «السحر الأسود» وحول نفسه إلى بشري جيد المظهر؛ ليدخل بين الناس ويجذب بعض الضحايا دون أن يعلم أحد، ولكن إلى متى سيستمر في وحدته؟ وهل سيجذب ضحاياه بنفسه؟ لا، إنه يحتاج إلى عشيرة من سلالته أقوياء مثله لا يستطيع أحد إيقافهم، يتعايش معهم ويسيطرون على العالم، فقام بمحاولات عديدة باستخدام «سحر أسود» أقوى إلى أن نجح في خلق نسخة أخرى من جسده، لها نفس القدرات والشهية للحم البشري، وظل يُكْمل نُسَخَهُ إلى أن صنع عشيرة كاملة من جنسه، يتحولون إلى بشر في منتهى الجمال، ويدخلون بين الناس، ويجذبونهم إلى «أرض المتحولين».

أعداد البشر حول العالم لا تزيد، بل تقل! توقعت الحكومات حول العالم أن الكائن لا يزال على قيد الحياة، ولكنَّه ليس بمفرده…!

بعد بحث طويل توصلوا إلى المكان الذي يعيش فيه مع عشيرته، وقاموا باستعمال القنابل والمدافع محاولةً للقضاء عليهم.

لم يتم القضاء على ذلك الكائن، ولكن تم تدمير بعض من أفراد عائلته، واستنتج الباحثون أن هؤلاء الكائنات المستنسخة لا تملك جميع قدراته، فهى كائنات فانية، لذلك تعاونت الحكومات وقامت بالقضاء على العشيرة بالكامل.

أما بالنسبة إلى ذلك الكائن فاجتمعوا على أن: «ما تم القضاء عليه قديمًا بالسحر، سيتم القضاء عليه الآن بالتكنولوجيا».

اجتمع العلماء وقاموا بإنشاء حقل من المجال الكهربي حول الكائن، وقاموا بصَدِمِه بكميات هائلة من الكهرباء فصُعِق الكائن بشدة ولوقت طويل، حتى أصيب بصدمة جعتله يفقد القدرة على الحركة.

أثناء شلل جسده نقلوه إلى صندوق من الفولاذ، وأحكمو غلقه جيدًا بحيث لا تستطيع أي قوة فتحه مهما حاولت، وقاموا بالتحفظ على الصندوق في أحد المختبرات تحت حراسات مشددة.

عاد العالَم إلى طبيعته، وعادت الحركة إلى الشوارع، أما عالِم الآثار فتنازل عن الثروة التي جمعها، وتم طرده من وظيفته التي يحبها بعد أن وُجِهت له العديد من الاتهامات، وبعد انتهاء المحاكمات- لما سببه من فوضى- تم نبذه من الناس ومن أصدقائه وجيرانه.

أثناء خلوته في منزله وشعوره بالوحدة بعد أن تم طرده من كل مكان، وصل لهذا العالِم اتصال من رقم مجهول، فقام بالرد سريعًا؛ فهو لم يَتَلقَ أيَّ اتصال في الفترة السابقة..

أمسك الهاتف ثم قال مرحبًا… من هناك!

وجاء الرد… كان صوتًا في منتهى البشاعة تقشعر له الأبدان، رد قائلًا: إذا كنتم تظنون أنكم قد انتهيتم…

فأنا لم أنته بعد…!!

       النهاية

زر الذهاب إلى الأعلى