أرواح جاردن سيتي
– بتدور على حد يا أستاذ ؟ أنا بشوفك بتيجي كل يوم تلف في المنطقة وشكلك غريب عن هنا
– والله يا حاج أنا بدور على شقة محندقة كدة للإيجار
– امممم … وإنت منين بقى يا أستاذ ، وبتشتغل إيه ؟
– أنا من طنطا يا حاج ، وبشتغل مدرس
– أنعم وأكرم يا أستاذ
– تعرف تدلني على سمسار كويس كدة وابن حلال ؟
– أنا يا أستاذ ، وعندي شقة صغيرة في العمارة دي إنما إيه حاجة كدة تستاهل قدمك
– والله ؟ ودي إيجارها كام يا حاج ؟
– مش هنختلف يا بلدينا ، أصحابها هاجروا من قبل الحرب وابنهم نزل من سنتين كدة روقها وسابلي المفتاح ، بس إيه … مفروشة من مجاميعه آخر ألاجة ، اتفرج عليها الأول
– ممكن أتفرج عليها دلوقتي
– أيوة طبعاً أومال ، اتفضل
إبراهيم سرور ابن محافظة الغربية ، خريج كلية التربية قسم لغة العربية سنة ١٩٧٨ …
ربنا كرمه أخيراً وحقق حلمه واتنقل القاهرة ، وبقى مدرس في مدرسة المنيرة الثانوية بنات اللي في السيدة زينب ، بعد عشر سنين شغل في الريف …
إبراهيم كان شاب نزيه وأهله مرتاحين، عندهم بيت ملك مبني بالخرسانة تلات أدوار، وأرض بتتزرع وبتتأجر دة غير تجارة المواشي …
فالحال ماشي كويس جداً ومستورة على الآخر ، وهو كان نفسه ومنى عينه يعيش في مصر …
مدرسة المنيرة الثانوية بنات في شارع الشيخ علي يوسف الموازي لشارع القصر العيني …
الناحية التانية من شارع القصر العيني كانت منطقة جاردن سيتي ، واللي كان إبراهيم بيحلم إنه يعيش فيها …
اول ما إبراهيم وصل مصر بالسلامة ، نزل في لوكاندة فرج اللي في شارع كلود بك لغاية ما يلاقي شقة صغيرة أو حتى أوضة على السطح في جاردن سيتي …
وبقى كل ما يخرج من المدرسة يعدي شارع القصر العيني ويلف في جاردن سيتي يتفرج على جمالها وهدوءها …
لغاية ما في يوم من الأيام ، وهو ماشي في شارع البرجاس ، وقفه واحد من البوابين ، اللي كان واخد باله إنه بيجي يلف في الشوارع ليه أسبوع …
– اتفضل يا أستاذ ، دي الصالة ، ودي …
تعالى ندخل الشقة مع إبراهيم ونتفرج عليها سوا ، الشقة كانت في الدور التالت في عمارة خمس أدوار وكل دور فيه شقتين ، العمارة من العمارات القديمة اللي جاردن سيتي بتتميز بيها …
لما تدخل من باب الشقة بتلاقي طرقة على إيدك الشمال وفي نهايتها بتلاقي أول أوضة ، والطرقة دي بتدخلك على صالة مساحتها متوسطة في الوش على طول بلكونة بتبص على الشارع ، في آخر الصالة وعلى إيدك اليمين طرقة تاني ، لما تدخل فيها هتلاقي المطبخ والحمام في اليمين وفي الشمال أوضتين ، واحدة بابها اودام باب المطبخ ودي الأولى والتانية اللي في آخر الطرقة أودام باب الحمام …
شقة محندقة زي ما إبراهيم كان عاوز ، أيوة يا سيدي واخد بالي إنها تلات أوض وصالة بس المساحات صغيرة ، محندقة فعلاً …
– ممتازة يا حاج ، جميلة فعلاً
– قولتلك يا أستاذ تستاهل قدمك
– بكام في الشهر دي يا حاج ؟
– مش هنختلف ، تعالى ننزل نشرب خمسينتين شاي ونتفق
إبراهيم عجبته الشقة لدرجة انه كان مستعد ياكل عيش حاف بس يأجرها ، وبالفعل وصل لاتفاق كويس مع البواب وأجر الشقة …
تاني يوم على طول إبراهيم خرج من المدرسة على اللوكاندة دفع حسابه ولم حاجته وطلع مباشرة على الشقة ، كان في قمة السعادة … ياااه ، أخيراً هعيش في جاردن سيتي ، يا رب أصحاب الشقة ما يرجعوا ييجي عشر سنين كدة ، الشقة دي جات من السما ، الحمدلله يا رب …
أكتر حاجة كان مبسوط منها إبراهيم ، إن الشقة فعلاً مكانش ناقصها حاجة ، انتريه وسفرة صغيرة أربع كراسي في الصالة ، أوضة نوم رئيسية اللي هي في آخر الطرقة التانية ببلكونة صغيرة ، الأوضة اللي قبلها فيها سرير ودولاب ، حمام لوكس بسخان وغسالة وبانيو قدم ، ومطبخ خشب زان بتلاجة وبوتاجاز وأدوات مطبخ كاملة ، أما الأوضة التالتة فكانت مقفولة علشان فيها حاجات متخزنة خاصة بأصحاب الشقة …
بالرغم من إن إبراهيم يومه كان روتيني ، إلا إنه كان محافظ على نظام الروتين دة ومستمتع بيه جداً ، بيصحى سبعة الصبح وينزل ونص علشان يبقى في المدرسة على تمانية الا عشرة ، يخرج من المدرسة على تلاتة الا ربع ، يروح يتغدا وهو كان بيعرف يطبخ كويس جداً ويريح ساعة بعد الغدا ، وينزل على ستة المغرب يطلع على الكورنيش يتمشى لغاية كوبري قصر النيل ، يوقف عليه شوية ويرجع يقعد على النيل شوية أودام فندق هلنان شبرد وبعدين يروح …
النزهة دي إبراهيم ابتداها من تاني يوم ليه في الشقة ، لأن أول يوم على ما راح جاب حاجته من اللوكاندة وطلعها الشقة ونزل اشترى طلبات لزوم الأكل كان اليوم خلص ، وكانت نزهته اليومية بتاخدلها حوالي ساعتين ، ساعتين ونص …
إبراهيم كان بيطلع ويدخل جاردن سيتي من شارع أحمد باشا ، بيمشي فيه لغاية ما ينتهي عند شارع فؤاد سراج الدين اللي بيتقاطع مع شارع البرجاس قبل العمارة اللي ساكن فيها بعمارتين …
لما تتمشى في جاردن سيتي بالليل تحس إنها حي مهجور من قمة الهدوء الفظيع ، واللي كان معزز الإحساس دة ، إضاءة الشوارع والشجر الكثيف اللي كان مساعد على تحجيم الإضاءة اللي هي أصلاً ضعيفة وقليلة …
وفي ليلة من الليالي اللي إبراهيم كان راجع فيها من نزهته اليومية حصل موقفين لفتوا نظره وأخد باله منهم …
قبل ما يوصل للتقاطع اللي هيدخل منه يمين على شارع البرجاس اللي فيه العمارة اللي ساكن فيها ، حس إن فيه حد ماشي وراه ، في الأول مخدش في باله ، لكن لما دخل يمين وصوت الخطوات لسة في ودنه وإحساس إن حد ماشي وراه لسة موجود ، بص وراه علشان يشوف مين دة اللي متابعه من فترة ، لكنه ملقيش حد والصوت اختفى !!!
إبراهيم استغرب ووقف بالظبط ثانية يبص وراه ، وبعد كدة كمل مشي لغاية ما دخل العمارة …
لما تدخل العمارة هتلاقي السلم على إيدك اليمين وطالع لفوق في وش الباب سبع درجات ، يوصلوك للدور الأرضي ، الشقة الأولى هتبقى على يمينك وفي وشها وعلى ايدك الشمال الشقة التانية اللي هتبقى جنب السلم اللي طالع للدور اللي فوق وهكذا …
إبراهيم ساكن في الدور التالت في الشقة اللي على اليمين ، لما وصل لبداية مجموعة السلالم الأخيرة اللي هتوصله لباب الشقة ، لمح باب الشقة اللي في وش شقته موارب ولما طلع تلات اربع سلالم اتقفل ، وكأن كان فيه حد بيبص عليه من وراه ولما ظهر على السلم قفله ، إبراهيم وقف نفس الثانية اللي وقفها في الشارع وبص على الباب وبردو كمل طلوع لغاية باب شقته وفتحه ودخل ، وقبل ما يقفله بص على باب الشقة اللي أودامه تاني ،،، وقفل بابه
طبعاً الموقفين دول لفتوا نظر إبراهيم ، لكن هو اعتبرهم مجرد صدفة ، بس لما حصلوا ابتدا يركز في حاجات تانية خالص …
من ساعة ما نقل حاجته من اللوكاندة واستقر في الشقة من أربع أيام ، مشافش البواب خالص ، ولا شاف حد من سكان العمارة ، سواء طالع أو نازل ، داخل او خارج ، ولا كان بيسمع أي صوت خارج من أي شقة من الشقق اللي كان بيمر عليها في طلوعه ونزوله ، بما فيهم الشقة اللي اودامه وكأنه ساكن في العمارة دي لوحده …
إبراهيم بعد ما بيرجع من النزهة الليلية كان بيعمل كوباية شاي ويقعد في بلكونة الأوضة يستمتع بهدوء الشارع والمنطقة ، يشرب معاها سيجارة ويدخل ينام ، الليلة دي بقى أخد باله ، وابتدا يرجع بالذاكرة للتلات ليالي اللي فاتوا إن كمان مفيش حد بيعدي في الشارع نهائي لدرجة إنه قعد ضعف الوقت اللي كان بيقعده إنه يلاقي حد ، مفيش …
لكن إبراهيم مخدش في باله كل دة بالشكل اللي يخليه يقلق ، بس في نفس الوقت ابتدا يركز إن فيه حاجة غريبة ، قفل البلكونة ودخل …
قبل ما ينام عمل الإجراءات التأمينية المعتادة ، باب الشقة مقفول ، الأنوار مقفولة عدا سهراية الطرقة ، الأنبوبة مقفولة ، بلكونة الصالة وبلكونة أوضته ، كله تمام ، دخل السرير ونام …
لما تبقى نايم في عز نومك ، وفجأة تحصل دربكة صوتها عالي في الشقة اللي انت أصلاً ساكن فيها لوحدك ، طبعاً هتقوم مفزوع ومخضوض ، ويمكن متجرؤش تخرج من الأوضة تشوف إيه اللي بيتحرك برة ، ما هو انت لوحدك ، هيكون إيه يعني اللي برة …
بس إبراهيم على الرغم من إنه اتفزع من النوم وصحي مخضوض ، الا إنه قام من السرير ، وخرج من الأوضة وهو متخيل إن شوية المواعين الالومينيوم اللي كان غاسلهم وراصصهم على صفاية الحوض وقعوا ، بس كانت المفاجأة بقى أول ما فتح باب الأوضة ، بادئ ذي بدئ كدة ، نور الشقة بالكامل منور ، حنفية حوض المطبخ وحوض الحمام والدش مفتوحين ، باب الأوضة التانية اللي جنبه مفتوح وشباك الأوضة مفتوح ، بلكونة الصالة مفتوحة ، والمفاجأة الأكبر إن باب الشقة كان مفتوح …
طبعاً الذهول كان مسيطر على إبراهيم ، لدرجة إنه فضل واقف في نص الصالة دقيقة كاملة ، بيحاول يستوعب اللي بيحصل ، وهنا بدأ فعلاً يقلق أو بمعنى أدق يخاف ، قفل باب الشقة وباقي الأبواب والشبابيك وحنفيات المية ، لكن ساب كل الأنوار مفتوحة وراح دخل أوضته …
الليلة عدت على إبراهيم اللي معرفش ينام وكأنها شهر ، قاعد على السرير كل اللي بيدور في دماغه ، هي مصر فيها عفاريت زي البلد كدة ، طيب دي البلد بكل الخرافات اللي فيها ، مكنتش بشوف فيها حاجة ، إيه بقى اللي بيحصل دة …
نزل إبراهيم الصبح كالعادة على المدرسة ، بس وهو نازل منسيش يبص على باب الشقة اللي اودامه ، وكمان بقى يبص على أبواب الشقق اللي في الأدوار اللي تحته لغاية ما طلع من باب العمارة ، الإحساس الوحيد اللي خرج بيه من العمارة إن مفيش حد ساكن في كل الشقق اللي عدى عليها ، الأبواب متربة ، ومفيش أي صوت خارج من الشقق كلها ، قبل ما يمشي من اودام العمارة اتلفت حواليه بطول الشارع ملقيش حد ، وطبعاً البواب مش موجود وكأنه إختفى …
طول الطريق للمدرسة وإبراهيم بيحاول يحلل كل الأحداث اللي مر بيها خلال الأربع أيام اللي فاتوا ، مش معقول أكون بتخيل ، ولو بتخيل ، أكيد مقابلة البواب مش خيال ، أومال أجرت الشقة ازاي ، ومن مين ؟
ومين اللي فرجني عليها ومين اللي إداني المفتاح ؟ وبعدين هو معقول أكون ساكن في العمارة لوحدي ، لا عمارة إيه ، دة الشارع كله وكأن مفيش حد ساكن فيه غيري ، أكيد فيه حاجة مش مظبوطة …
خلص اليوم الدراسي ، وخرج إبراهيم من المدرسة في نفس الميعاد علشان يروح ، طبعاً الوضع دلوقتي بقى مختلف عن الأيام اللي فاتت ، بدل ما كان الهدف هو استمتاعه ببقية اليوم ، بقى التركيز مع الأحداث الغريبة اللي حصلت والبحث عن إجابات لكل التساؤلات اللي بتدور في دماغه …
وطول الطريق للبيت دماغه عمالة تودي وتجيب ، وفجأة ومع وصوله لبداية شارع البرجاس لمح البواب داخل العمارة ، إبراهيم حرفياً جري علشان يلحقه ، ما هو دة بالنسباله هو الأمل الوحيد ، بمجرد ما إبراهيم وصل مدخل العمارة سمع صوت البواب طالع على السلم ، طلع جري على السلالم ، ومع وصوله لبداية السلالم اللي قبل شقته يادوب لمح البواب بيدخل الشقة اللي اودامه والباب بيتقفل …
إبراهيم كمل طلوع وراح للشقة اللي اودامه ، وقف ثواني وكأنه بيختار ما بين قرارين ، وفعلاً إختار وخبط على الباب لكنه اتفاجئ إن الباب مكانش مقفول واتفتح لوحده من الخبط ، وبدون تفكير إبراهيم دخل الشقة والباب اتقفل وراه …
*******
طبعاً أنا لو قولت لأبويا وأمي إن أنا اللي طلبت أتنقل مصر هيبقى يوم مش فايت ، بس غصب عني ، اتخنقت من العيشة في الكفر ، عاوز أشم نفسي ، أنا متعلمتش وبقيت مدرس علشان أفضل مدفون هنا وسط الغيط والزريبة والبهايم ، وإخواتي أهم موجودين وشايلين الشيلة كلها ، وجودي زي عدمه لا ليا في زرع ولا في قلع ، بقى عندي تلاتين سنة ومنزلتش مصر غير لما جبنا أبويا وأمي من المطار وهما راجعين من الحج من تسع سنين ، والحمدلله الشهرية اللي باخدها من ابويا على مرتبي يعيشوني في مصر زي الفل ، عاوز أشوف الدنيا بقى ، هموت واعيش في جاردن سيتي
– انت بتكلم نفسك ولا إيه يا إبراهيم ؟
– لا يا أمي مش بكلم نفسي ولا حاجة ، في موضوع بس كدة
– خير يا ابني كفى الله الشر
– لا يا أمي خير إن شاء الله ، أنا أصلي …
– فيه يا إبراهيم ؟
– انا اتنقلت مصر يا أمي
– مصر ؟ يا لهوي ، طيب والعمل ؟
– العمل عمل ربنا يا إمي ، هعمل إيه يعني ، هقول لا ؟
– لا يا ابني ، بس دي العيشة في مصر صعبة ، وانت بطولك ، هتاكل ازاي وتشرب ازاي ؟ هتسكن فين ؟
– دة انا هموت واعيش في مصر ، ادعيلي بس وربك يعدلها يا أمي
– يعني لو كنت سمعت الكلام واتجوزت فتحية بنت خالك …
مش كان زمانها راحت معاك وشافت حالك هناك يا ابني ، ولا كنت سبتك من شغلانة الخوجة دي ونزلت الأرض مع اخواتك
– فتحية إيه يا أمي بس وجواز إيه وأرض إيه ، ارحميني بقى من الموال الأسود دة ، هو أبويا فين ؟
– طول عمرك كدة عندي وصوتك من دماغك ، أبوك تحت ، لسة راجع من الغيط
– طيب أنا هنزله
نزل إبراهيم من على السطح بعد ما خلص المواجهة الأولى مع أمه ، بين أحضان الوز والبط والفراخ والكتاكيت ومؤثراتهم الصوتية …
قال فتحية قال ، فتحية إيه دي اللي متعرفش غير الطين والبرسيم والوزة والجاموسة …
مصر يا جدعان جاردن سيتي ، جواز ؟ هو انا لسة شوفت دنيا لما هشوف آخره ؟ قال جواز قال …
إبراهيم كان وصل للدور الأرضي ، أخد نفس عميق … توكلنا على الله
– سلام عليكم يا حاج
– وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
– صليت المغرب يا حاج ولا نصليه سوا ؟
– لا يا ابني لحقته في الجامع وانا راجع من الغيط
– حرماً يا حاج
– جمعاً إن شاء الله
انجز بقى وانطق وخدهم في جنابك واخلص علشان تلحق تجهز حالك
– كان في موضوع كدة يا حاج
– خير يا إبراهيم
– خير يا حاج ان شاء الله ، ااااااه … أنا اتنقلت مصر
– مصر ؟! مصر إيه يا ابني ؟! تروح فين انت في مصر ؟ دة انت بتتوه في طنطا ، هتعيش في مصر !!!
ياااادي النيلة ، هو انا علشان توهت وانا عندي خمس سنين في المولد ، بقيت عبيط وبتوه ، وهفضل اتوه طول عمري
– دة كان زمان يا حاج ، كنت لسة عيل صغير ، انت لسة فاكر ؟
– وليه اتنقلت ؟ واتنقلت فين ؟ واشمعنى انت اللي اتنقلت يعني ؟
– أصل مصر فيها نقص في المدرسين ، فوزير التعليم كلف المديريات يختاروا المدرسين المتميزين من المحافظات القريبة علشان يسدوا النقص ، مش أنا لوحدي اللي اتنقلت
– امممممممم ، وهتعيش فين على كدة ؟
– هقعد في لوكاندة ولا بنسيون لغاية ما أجر شقة يا حاج
– وكان عليك بإيه كل دة يا إبراهيم ؟ مش أرضك أولى بيك … تحط إيدك في إيد اخواتك ، هتاخد إيه من شغلانة الخوجة دي يعني
يا دي الأرض ، يا دي الأرض ، أنا مش هخلص من الموال دة يا ربي
– ربنا يبارك فيهم يا حاج ، هو أنت علمتني علشان في الآخر انزل الأرض بردو ، وبعدين ما انت عارف إني مليش في الزرع والقلع
– زرع وقلع ؟ ماشي يا إبراهيم ، ما هو الزرع والقلع دة هو اللي ستركم عموماً ربنا يوفقك يا ابني ، هقولك إيه ، وهتمشي إمتى على كدة ؟
– ربنا يخليك لينا يا حاج ، ويديك الصحة وطولة العمر ، الفجر إن شاء الله هنزل على طنطا وآخد عربية على مصر علشان أوصل المديرية بدري
– بالسلامة يا ابني ان شاء الله
أشهد أن لا إله إلا الله ، الحمدلله عدت على خير ، جايلك يا مصر جايلك
– يابا الحاج ، يابا الحاج
– ايه يا واد يا سعيد مالك مسروع كدة ليه
– إبراهيم يابا الحاج
– ماله إبراهيم يا حمار انت ، انطق
– العربية اللي كان راكبها ونازل بيها على طنطا اتقلبت في النيل
– انت بتقول ايه يا واد ، اتقلبت فين ، عرفت منين
– شيخ الغفر كان جاي على الطريق من كفر الزيات وهو اللي قال في دوار العمدة وانا جيت جري علشان اقولك
أبو إبراهيم كان يادوب لسة داخل البيت بعد ما سلم على إبراهيم قبل ما يروح يصلي الفجر ، وجاله الخبر دة ، وعلى ما راح دوار العمدة واخدوا عربية وطلعوا على مكان الحادثة كان الإسعاف هناك وكمان الإنقاذ النهري …
إبراهيم كانت جثته مفقودة ، ولمدة أربع أيام الإنقاذ النهري كان بيدور عليها في نطاق مركز كفر الزيات على فرع رشيد ، لكن مكانش ليها أي أثر …
– يا حبيبي يا ابني ، يا ولدي ، اتصرف يا حاج ، إبراهيم لازم يتدفن ، روحه هتفضل متشعلقة وتايهه لغاية ما يتدفن ، ملحقش يتهنى بعمره ، يا كبدي عليك يا ابني ، كان نفسه يعيش في مصر ، ملحقش
– وانا هعمل ايه يا ام إبراهيم ، الإنقاذ قلب البحر عليه ، اربع أيام بيدوروا ، ملهوش أثر
بعد أسبوع من نهاية البحث عن جثة إبراهيم ، العمدة بلغ أبوه إن جثته ظهرت قرب قرية على فرع رشيد تبع مركز بسيون ، واتنقلت مشرحة مستشفى طنطا العام ومطلوب يروح علشان يتعرف عليها …
– ارتاحي يا أم إبراهيم ، الحمدلله إبراهيم ارتاح في تربته ، كان رايح عليها جري ، وكأنه عاوز يلحق روحه قبل ما تتوه …
***انتهت***
رائعه
أسلوب جميل و وصف دقيق للمشهد و أمتع ما في أسلوب الكاتب التشويق
نهايه غير متوقعه .. قصه جميله ومتميزة وأسلوب الكاتب رائع وعرض مشكله يعانى منها أغلب شباب القرى والأرياف وهى حلم الهروب إلى قاهره المعز.
سلاسة وكلمات تأخذك لتعيش القصة وتحس الأشخاص أنهم من لحم ودم أمامك وهذا من روعة الكتابة…كاتب موهوب وعبقري…
كاتب رائع موهوب وأسلوبه سلس ربنا يوفقك
• أحمد شمندى
تحفه يا احمد تحفه كالعاده نهايه غير متوقعه اخدتنى من حتة ان الشقه مسكونه لان ابراهيم هو الشبح فظيعه
قصه تحفه ..اسلوب الكاتب سلس وراقى
ومفاجأه النهايه مبدعه وغير متوقعه تماما ..
حقيقي كاتب متميز ومختلف
اتمناله التوفيق