أساطير

أساطير الهنود الحمر.. أصل نبات الذرة

أساطير الهنود الحمر
أساطير الهنود الحمر

أساطير الهنود الحمر.. أصل نبات الذرة ، لم يعرف الهنود القمح على مدى وجودهم، لكن أرض الهنود لطالما أنتجت أفضل أنواع الذرة، كان الذرة يُشكل الطبق الرئيسي في طعامهم؛ وقد طحنوه وأخرجوا منه دقيق الذرة الذي صنعوا منه الخبز الشهي.

كما كانت هناك حلويات شهية وعصائر وحساءات كلها تصنع من الذرة.. لذا وكعادة الهنود كانوا يصنعون أسطورة عن أي شيء ذا أهمية في حياتهم.. وكانت تلك هي حكايتهم عن أصل الذرة.

في يوم من الأيام وبينما كانت القبائل الهندية تتصارع مع بعضها على مناطق الصيد ومصادر الماء؛ سافرت إمرأة عجوز مع حفيدها عبر أراضي الهند، لم يعرف أحد من أين جاءت؟ ولا إلى أين كانت تنوي الذهاب؟.. لكنها خلال رحلتها كانت تحاول أن تأوي إلى القرى في طريقها لتحصل على الدفئ وعلى بعض الطعام، لكن كل القرى كانت ترفض استضافتها وحفيدها؛ فقد قست الحرب قلوبهم وجعلتهم يشكون في أي غريب أن يكون جاسوسًا عليهم.

قالت المرأة العجوز لحفيدها لما أنهكهم التعب: لا تخف سنجد قرية طيبة سيضيفوننا ويأوننا؛ وواصلا طريقهما عبر الجبال والسهول.. وأخيرًا وافقت إحدى القرى الفقيرة والتي كانت تعيش قرب النهر على إستضافاتهم، كانت تلك القرية ملقبة ب”قرية التمساح” لأنهم كانوا يقدسون التماسيح.

قال لهم زعيم القبيلة: يمكنكم البقاء معنا إن شئتما ذلك وستكونان فردان من القبيلة؛ لكننا لن نخدعكم فنحن فقراء كما ترون وكثيرًا ما نواجه مجاعات، فمناطق صيدنا قليلة الحيوانات وفوق هذا فإننا نقدم أفضل ما نصطاد للتماسيح لكيلا نثير سخطها.

ردت المرأة: نحن معكم في السراء والضراء؛ ونظير كرمكم معي سأعتني بالأطفال عندما تخرجون للصيد.

وهكذا ظلت المرأة مع الأطفال في اليوم التالي؛ وكان الرجال قد خرجوا للصيد مع نسائهم وبقي الأطفال وحدهم مع العجوز وحفيدها، كان الأطفال متعودون على البقاء وحدهم في القرية.. لكنهم كانوا يمكثون طوال النهار جائعين حتى يعود أهلهم بما يمكن أكله.

لكن العجوز قررت تسلية الأطفال؛ فبدأت تقص عليهم حكايات مثيرة جعلت الأطفال يتحلقون حولها بإستمتاع.. وقد أخبرت الأطفال لماذا هناك أشجار عالية وحشائش قصيرة..

فقالت لهم: أنه في الماضي لم يكن هناك سوى الحشائش القصيرة؛ وكان العملاق المسمى “مانيتو الجبار” يريد أن يداعب الحشائش بيده لكنها كانت قصيرة جدًا فلم يستطع الإنحناء والوصول إليه؛ لذلك تمنى أن يستطيع مداعبة تلك الحشائش.. وقد تحققت أمنيته فظهرت الأشجار العالية؛ مثل: الصنوبر والتنوب والنخيل، تخرج من الأرض ثم تنموا حتى تلامس السحاب؛ واستطاع “مانيتو العملاق” مداعبتها بيده دون أن ينحني.

وبعد حكاية القصص شعرت العجوز أن جوع الأطفال قد ازداد؛ فقالت لهم: انتظروا سأحضر لكم حساء، فغابت عن الأنظار قليلًا ثم عادت بقدر ضخم تفوح من رائحة زكية؛ وقالت لهم: هذه عصيدة الذرة وسوف تحصلون عليها كل يوم ما دمتم تتصرفون بأدب.

وظلت العجوز تٌحضر عصيدة الذرة للأطفال كل يوم لمدة عام لا يعلمون من أين تأتي بها، لكنهم كانوا يلاجظون أن العجوز كانت تفقد وزنها شيئًا فشيئًا حتى صارت نحيلة جدًا وضعيفة جدًا.

وذات صباح لم تستطع العجوز النهوض فنادت حفيدها وأخبرته: أنا أعرف يا حبيب قلبي أني سوف أغادر الدنيا قريبًا؛ لأن حبات الذرة التي ذرعتها وسقيتها من روحي خارج الخيمة قد نمت وستتفتح أوراقها قريبًا وستظهر منها ثمار الذرة الشهية، ستكون تلك النبتة طعامًا لك وللهنود للأبد؛ لقد فعلت ما علي.. والآن عليكم أنتم سقايتها والعناية بها وإلا فلن يكون هناك حصاد وستخسرونها للأبد.

كانت تلك آخر كلمات قالتها العجوز؛ لكنها ظلت رغم ذلك تعطي الحفيد قدرًا من عصيدة الذرة كل يوم إلى أن نضج أول كوز ذرة.. فتلاشت المرأة كما يتلاشى الدخان.. بحث أهل القرية كلهم عنها لكنهم لم يجدوها.

قال زعيم القرية: لن نجدها، لكننا لن ننساها أبدًا؛ وأشار إلى أعواد الذرة قائلًا: أنظروا لقد حولت نفسها لتلك النبتة حتى لا نجوع أبدًا؛ وأنظروا لتلك الشعيرات البيضاء على رأس أكواز الذرة إنها من أثر السيدة العجوز.

ظل الهنود يزرعون الذرة بعد ذلك وأنتشر في كل أراضي الهنود حتى أكل منه الملايين.. وكل هذا بفضل تلك العجوز الكريمة.

ترجمة بتصرف عن:

Hulpach, V. (1965). American Indian tales and legends. Hamlyn.

اقرأ أيضاً

حقيقة الرجل الثعبان بقلم: محمد جمال

لغز المستعمرة المفقودة بقلم: محمد عصمت بتاع الرعب

سمير أبوزيد

باحث ومهندس في مجال النانو تكنولوجي بمدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا، وله عدة أبحاث علمية منشورة. ألف ثلاثة روايات " صندوق أرخيف" و " الرفاعي الأخير" و " عز الدين"، كما كتب للعديد من المجلات وله ما يزيد عن الثلاثمائة مقال.
زر الذهاب إلى الأعلى