أساطيرحكايات وأماكن

أساطير الهنود الحمر.. الظربان والروح الشريرة

الظربان والروح الشريرة.. في أقصى أطراف الهند وعلى تلة مرتفعة تتوسط غابة، كانت هناك روح شريرة تعيش وتدعى «طويل المخلب». وكان يهوى القتل وقوته الفائقة تمكنه من ذلك؛ فلم يكن هناك حيوان يستطيع مقاومته فلطالما مزقت مخالبه الطويلة الحمراء بطون حيوانات بريئة.

كان الحل الوحيد للهروب من طويل المخلب هو الوصول للنهر، فلم يكن طويل المخلب يجيد السباحة، ومن لم يهرع إلى النهر بالسرعة الكافية يكن مصيره الهلاك. وكان الجميع يخافه لكن حيوانًا صغيرًا شجاعًا كان أول من تحداه.

الظربان والروح الشريرة

في أحد الأيام كان الظربان الأسود جالسًا على جذع شجرة يمسك غليونه بيده ويدخن باستمتاع، بينما يغني بعض الأغاني الشعبية في الهند أمام الكهف الذي يسكنه طويل.

وقد ذهب الظربان لهناك متعمدًا يريد إزعاج طويل المخلب، وذلك بعد أن سمع عنه من شر وضرر لكافة الحيوانات.

خرج طويل المخلب من كهفه وزمجر بصوت مخيف، لكن الظربان لم يتحرك من على جذع الشجرة، وظل يدخن غليونه بلا مبالاة.

صاح طويل المخلب: أنت لا تخشاني أيها القزم الحقير.. اهرب إن كنت تريد الحياة…

قال الظربان باستخفاف: أغرب عن وجهي أيها المسخ، فإن قبحك يؤذي عيني.

سحب الظربان الغليون من فمه وتابع: إني جالس أراقب الزرع وهو ينمو وأنت تأتي لتعجزني.. هيا اذهب من هنا.

قال ذا الروح الشريرة: ماذا.. ماذا قلت، ألا تعرف من أنا؟! أيها الحشرة الوقحة سأسحقك تحت قدمي وسأمزقك وأصنع من جلدك حذاء.. سألتهمك كما ألتهف تفاحة ناضجة؛ فلترتعد ولتخاف فلن أرحمك.

رد الظربان: لن تستطيع فعل شيء يا ذا الوجه القميء، بل أنا من سأنزع منك حياتك، كيف تجرؤ على إهانتي؟!

قال طويل المخلب: أنت تنتزع حياتي! ألا تدرك قوتي؟! رفع طويل المخلب حجرًا كبيرًا وبضربة واحدة فتته لقطع صغيرة.

قال الظربان: كف عن هذه الأعمال البهلوانية، فهي لن تنفع معي، أنا أتحداك ضربة مني وضربة منك وأعدك أنك لن تحظى بالفرصة لتضرب ضربتك إن أنا بدأت.

رد الروح الشريرة طويل المخلب: حسنًا فلتكن تلك الضربة هي آخر ما تفعله في هذه الدنيا أيتها الحشرة.. أرني ما تستطيع فعله لتؤذيني.. ها أنا ذا أمامك، سأغمض عيني اضرب بما تشاء.

قال الظربان: لن أرفع يدي بل كل ما سأفعل أني سأطوف حولك أربعة مرات.. نزل الظربان من على جذع الشجرة وبدأ في الطواف حول طويل المخلب وهو يدخن غليونه ويتمتم بكلمات غريبة.. أنو نا أنو نا أنو نا، انطلق يا أنو نا أنو نا أنوا هيا لنطلق.

كانت تلك تعويذة قد قرأها الظربان على جدران إحدى الكهوف المهجورة، كتب عنها إنها تعطي قوة خارجة تستطيع طرد أي وحش مهما كانت قوته.

ظل الظربان يطوف وهو يتمتم.. وفجأة خرجت من الظربان ما يشبه الغمامة السوداء، وكانت رائحة كريهة جدًا ملأت الجو وانطلقت إلى أنف طويل المخلب.

صرخ طويل المخلب: ما هذه الرائحة! أنا أختنق، ما هذه الرائحة.. إني أموت.. إني أختنق.. سقط طويل المخلب مغشيًا عليه ثم فارق الحياة.

وعندما علم الحيوانات ببطولة الظربان جاءوا لتهنئته لكنهم سرعان ما هربوا منه لما شموا الرائحة الكريهة المنبعثة من جسده.

وظلت تلك الرائحة سلاح الظربان الذي يهاجم به أعدائه، يبغضه الحيوانات بسببها لأنهم لا يعلمون قصتها لكن أحفاد الظربان الشجاع يعرفون قصة جدهم جيدًا ويفتخرون بهذا السلاح الذي أورثهم إياه، فأعطاهم هيبه لا يحصل عليها من هم في حجمهم من الحيوانات.


ترجمة بتصرف عن:

Hulpach, V. (1965). American Indian tales and legends. Hamlyn.

سمير أبوزيد

باحث ومهندس في مجال النانو تكنولوجي بمدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا، وله عدة أبحاث علمية منشورة. ألف ثلاثة روايات " صندوق أرخيف" و " الرفاعي الأخير" و " عز الدين"، كما كتب للعديد من المجلات وله ما يزيد عن الثلاثمائة مقال.
زر الذهاب إلى الأعلى