أساطيرحكايات وأماكن

أساطير الهنود الحمر.. درب النجوم الأبيض ومرابع الصيد الأبدية

درب النجوم الأبيض.. كان الدب الأسود «واكيني» يتناول العشاء حيث يقف أمام تلة نمل يلتهم محتوياتها، ولما رآه الدب الرمادي العملاق «واكينو» يأكل؛ جرى نحوه وبكل فظاظة غمس يده في عشاء «واكيني» بدون أي إذن.

نشب بسبب ذلك عراك فظيع بين الدبين الضخمين، تطاير بسببه الوبر الرمادي والأسود وسالت دماء الدبين عن وجوههم، لكن الدب الأسود «واكيني» رغم قوة الدب الرمادي «واكينو» العملاق استطاع أن يهزمه وأن يبعده عن طعامه، ثم بعد ذلك طلب عقد محكمة للدب الرمادي «واكينو» لمعاقبته.

وكان الدب الأسود «واكيني» على حق فلا يحق لأي حيوان على أرض الهند أن يعتدي على طعام حيوان آخر؛ وقد لقى «واكينو» جزاء عادلا فقد حكم عليه زعيم الهنود بالنفي خارج أرض الهند، بكى «واكينو» وانتحب وظل يطلب العفو إلا أن قوانين الهنود حاسمة لا يمكن التراجع عنها.

درب النجوم الأبيض

جمع «واكينو» الدب الرمادي أشيائه وبدأ في الرحيل، قطع الدروب وعبر الجداول التي عهدها ودموعه تنهمر لفراقها؛ ألقى نظرة أخيرة على الوادي الذي عاش فيه طفولته وشبابه ثم مشى والدموع المنهمرة تحجب الرؤية عن عينيه.

وبينما هو يمشي ينتحب من البكاء لا ينظر لطريقه ولا يعرف لنفسه هدى، لم يكن يدري أنه اتجه ناحية بلاد الثلج، وفجأة إنزلقت قدماه وسقط في وادٍ متجمد.. تسلق المنزلق بصعوبة؛ وبصعوبة مسح عينيه ونظر حوله لكن لم يكن هناك سوى الثلج، لم يعرف أين يذهب فمشى يبحث عن طريق أو مكان يأوي إليه.

قال الدب لنفسه مواسيا لا بد أني سأجد طريقا؛ وظل يمشي في الجليد حتى استحال لون فروته الرمادي أبيضا تماما، كما الثلج من حوله.

لم يجد «واكينو» أي شيء لكنه أكمل المسير إلى أن وجد نفسه في أرض غريبة يسودها الظلام الدامس فولجها..

كان صوت الرياح وتساقط الجليد لا يزال مسموعا من بعيد، وكانت الدنيا حول «واكينو» مظلمة إلا من درب أبيض مشع يتلألأ بعيدا في تلك الأرض المظلمة.

مشى «واكينو» ناحية هذا الدرب الأبيض، كان الدرب المتلألأ يصعد للسماء.. تعجب «واكينو» من المنظر البديع وجرى نحوه بكل قوته.. وفجأة وجد نفسه وكأنه يطير، كان يجري لكن قدماه لم تكن تلامس الأرض، فقفز بكل قوته ليجد نفسه يرتقي في السماء خلال الدرب الأبيض اللامع، وينفض عن جسده الجليد ليعود لجلده اللون الرمادي.

ولأول مرة رأت الحيوانات التي كانت مستيقظة هذه الليلة دب رمادي يعتلي أثرا عريضا لامعا في السماء.

قال «واكيني» الدب الأسود: لقد وجد «واكينو» بوابة الأرواح وهو الآن في طريقه إلى مرابع الصيد الأبدي.

لقد ذهب «واكينو» لبوابة الأرواح ولم يخلف وراءه سوى الثلج الذي نفضه عن جسمه وظل أثره في السماء ليومنا هذا، انظر إلى السماء فسوف تجده.. فهذا كان تفسير الهنود لمجرة درب التبانة التي تتلألأ في سمائهم.

ترجمة بتصرف عن:

Hulpach, V. (1965). American Indian tales and legends. Hamlyn.

سمير أبوزيد

باحث ومهندس في مجال النانو تكنولوجي بمدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا، وله عدة أبحاث علمية منشورة. ألف ثلاثة روايات " صندوق أرخيف" و " الرفاعي الأخير" و " عز الدين"، كما كتب للعديد من المجلات وله ما يزيد عن الثلاثمائة مقال.
زر الذهاب إلى الأعلى