أساطير الهنود الحمر.. قصة الفراولة
أساطير الهنود الحمر.. كان هندي يعيش على ضفاف النهر الشاكي في كوخ صغير.. كان صعب المراس لا يكف عن مشاكسة من حوله ومضايقتهم، ولا تنقطع ثرثرته وسخريته من أي أحد. وحتى عندما يذهب للصيد لا يكف عن الثرثرة حتى أن الحيوانات لا تسلم من سخريته.. فتراه يتربص بظبي ثم يأتي غراب فيسخر من الغراب ويضحك بصوت عالٍ فيسمعه الظبي ويهرب.
أساطير الهنود الحمر
لذا لم يكن أي من جيرانه الهنود يحب الخروج معه للصيد. وزوجته المسكينة رأت منه الويل، فغرابة طباعه نفرت منه الجميع مما صعب عليه اكتساب الرزق وجعلهم فقراء. كما أنه كان لا يكف عن الصراخ والسخرية من أي فعل تقوم به الزوجة.. ظلت الزوجة صابرة تعاني طويلًا لكن في يوم فاض بها الكيل ونفذ صبرها ولم تعد تطيق معاشرة هذا الزوج سيء الخلق فقررت أن تهجره.
الهنود الحمر
أخذت ملابسها وبعض الطعام لرحلة بلا رجعة؛ ولما كانت لا تعرف إلى أين تذهب خرجت للنهر الشاكي وسارت بمحاذاته متتبعة مسار الشمس.
وسرعان ما اكتشف الرجل غياب زوجته لكن غروره أخبره أنها ستعود قريبًا؛ لذا فقد بدأ يجهز الكلام لتوبيخها عندما تعود.. مر يوم واثنان وثلاثة والزوجة لم تعد! شعر الرجل بالوحدة والحزن الشديد على فراق زوجته؛ لذا خرج إلى النهر الشاكي يسأله عنها.. فرد عليه النهر قائلا: اتبع الشمس.
كان الرجل قد ملأه الحزن وقطع وعدًا على نفسه أنه لن يعاملها بسوء مرة أخرى، فقط تعود إليه.
ولم رأته الشمس حزينًا هكذا سألته: ماذا بك أيها الهندي؟
النهر الشاكي
رد: هجرتني زوجتي بسبب أخلاقي السيئة، وخرجت أبحث عنها وقد أخبرني النهر الشاكي أن أتبعك.
قالت الشمس: لقد سمعت وعدك بأنك لن تسيء إليها ثانية، إن كنت تنوي بحق الالتزام بهذا الوعد سوف أساعدك.
صرخ الهندي: أعيديها إلي ولن أفعل شيء يحزنها ثانية.. أرجوكي.
قالت: اتبعني وأنا سأحاول أن أقنعها أن تعود إليك فهي قد عزمت الأمر ألا تعود… قابلها في منتصف الطريق.
سار الرجل ليلًا نهارًا حتى أنه لم يتوقف ليأكل؛ ولكن رغم ذلك فلم يكن يلحق بزوجته لولا مساعدة الشمس.
كانت الزوجة تسير شرقًا وقد نسيت زوجها تمامًا.. فقالت الشمس: علي أن أجعلها تلتفت للوراء فما من طريقة أخرى لأجعلها تذكره.
ثمرة الفراولة
فكرت الشمس وفكرت وأوحى لها عقلها بفكرة جيدة؛ فبذرت الشمس على طريق الزوجة بذور شجر عُليق لها ثمار سوداء لذيذة، وبسرعة نمت الشجرة في طريق المرأة، لكن مع الأسف لم تلاحظ المرأة الشجرة حيث أن الثمار كانت بلا رائحة.
فكرت الشمس ثانية: علي أن أضع ثمرة أحلى.. وجاءتها الفكرة، ثمرة الفراولة ذات الرائحة الطيبة واللون الجميل.
بسرعة بذرت الشمس بذور الفراولة ونمت البذور وخرجت الثمار، ولما شمت المرأة رائحة الفراولة الذكية وقفت وقالت: ما هذه الرائحة الطيبة! ترى ما مصدرها؟
بحثت المرأة على اليمين وعلى اليسار وفي الأمام عن مصدر الرائحة فلم تجده، التفت للخلف فوجدت شجر الفراولة يملأ الطريق الذي سلكته لتوها، تعجبت المرأة كيف ظهرت تلك الأشجار فجأة هكذا؟! لكنها عادت لتراها ووجدت ثمار الفراولة اللذيذة وأكلت بعضها وأعجبت بطعمها جدًا.
رحلة العودة
بدأت تعود للوراء تجمع ثمار الفراولة؛ وفي تلك اللحظة نظرت للطريق الذي جاءت منه وتذكرت القرية وتذكرت زوجها وتمنت لو كان معها فيأكلوا الفراولة سويًا؛ لذا قررت المرأة العودة ثانية، وجمعت ما استطاعت حمله من ثمار الفراولة وبدأت قطع الطريق عائدة.
ولم تكد تخطو عدة خطوات حتى لاقت زوجها ووجه شاحب وجسده منهك.. وبمجرد أن رأها صرخ: كيف هنت عليكِ أن تتركيني وترحلي؟
جرت المرأة ناحية زوجها وقد ترقرقت عيونها بالدموع وقالت: سامحني؛ لكن معاملتك السيئة أجبرتني على الذهاب.
قال لها: أعدك سأتصرف بلطف بعد ذلك؛ لكن عودي معي.
الفروالة في الهند
أخرجت المرأة الفراولة وأعطتها لزوجها وقالت بحنان: سأعود.. لكن كلّ هذه فإنك تبدوا شاحبًا جدًا.
ابتسم الرجل وقال بنبرة هادئة لم تعتدها الزوجة منه: حلفت أني لن آكل إلا من يدك ولو مت في الطريق.
ابتسمت المرأة وبعد أن أكل قامت معه وتشابكت أيديهما وعادا إلى بيتهما وعاشا في سعادة إلى وقتنا هذا.
أما الفراولة فكانت هذه أول مرة تُعرف في بلاد الهند، وقد انتشرت بعد ذلك في كل مكان فيها، وذاق الجميع طعمها اللذيذ.
ترجمة بتصرف عن:
Hulpach, V. (1965). American Indian tales and legends. Hamlyn.