أساطيرحكايات وأماكن

أساطير الهنود الحمر.. من أين جاءوا؟!

أساطير الهنود الحمر.. عندما بدأ العالم كان الهنود الحمر يعيشون في السماء فوق السحاب لم يكن يعكر صفوهم شيء، فكانوا طوال النهار يمرحون ويلعبون وعندما يأتي المساء لا يشغل بالهم إلا إيجاد سحابة مستديرة وثيرة يلقون عليها أجسادهم وينامون.

لكن كعادة الرجال يكرهون الرتابة ولو وجدوا حياتهم بلا مشكلات يحاولون حلها ظنا أن حياتهم بلا قيمة، فيصنعوا لأنفسهم مشكلات وينغمسوا في حلها وربما يفسدون حياتهم وحياة غيرهم لذلك الغرض.

أساطير الهنود الحمر

بدأ بعضهم يتسائل عن الشمس التي تأتي في النهار ثم تذهب في الليل إلى مضجعها، ماذا تفعل الشمس في النهار وأين تذهب بالليل؟

وكان هناك رجل شجاع يسمى «شاغدويغ» كان من أشد الهنود الحمر قوة قرر أن ينصب شركًا كبيرًا ليصطاد الشمس، وجمع مجموعة من الرجال المؤيدين لفكرته وقال لهم أن يأمروا زوجاتهم أن يصنعن حبلًا متينًا من وبر الغيوم حتى يقيدوا به الشمس.

لم تلق فكرته استحسان معظم الهنود، وظلوا منشغلين ومنهمكين في مرحهم ولعبهم، لكن من أيدوه وساروا معه كانوا كافيين بالنسبة له لتنفيذ خطته.

كانت الشمس تسير مسافة طويلة جدًا حتى تصل لفتحة في آخر السماء فتختفي بها مُصدرة رائحة إحتراق، قرر «شاغدويغ» تتبع الشمس ومعرفة مسارها بدقة، وعندما عرف أين تنام الشمس رأى أن أفضل مكان لنصب شباكه هي الفتحة التي تلج منها الشمس إلى مخدعها.

عودة الشمس

استغرق وضع الشبكة على الفتحة الكبيرة المعلقة في السماء يوم كامل، أنهك الصيادين جدًا لكنهم استطاعوا قبل عودة الشمس أن ينصبوا شباكهم المتينة على باب وكرها.

احتل الصيادين أماكنهم ممسكين بالحبال الخارجة من الشبكة حتى إذا وقعت الشمس فيه شدوها وقبضوا عليها، عادت الشمس ولم تلحظ المصيدة وبالفعل حدث ما تمناه الصيادين فقد وقعت الشمس في شباكهم، صارت حرارة الشمس لا تطاق فقد إقترب منها الصيادون جدًا لكن أيًا منهم لم يبرح مكانه.

لما أدركت الشمس ما فُعل بها غضبت بشدة وراحت تتحرك وتجر الحبل والصيادين معه وهي تنفث اللهب في كل اتجاه فيلفح وجوه الصيادين ويحرق جلودهم.. لكن الصيادين ظلوا صامدين يشدونها بكل قوتهم حتى أن الشمس بدت عاجزة عن هزيمتهم.

زمجرت الشمس مُصدرة ضجيجًا يصم الآذان وبدت أنها الآن في أقصى مراحل الغضب، تحركت الشمس بكل عنفوان واعتزت بكل قوة حتى بدأت المصائد تتداعى وبدأ الصيادون يتساقطون بل ويتطايرون من أماكنهم.. لكن كان الواحد منهم ما يلبس يقع حتى يقوم مرة أخرى ويمسك بالحبل محاولًا السيطرة على الشمس بكل شجاعة.

الهنود الحمر

لما رأى بقية الهنود الحمر ما يحدث لأصدقائهم هرع مجموعة منهم لمساعدتهم والسيطرة على الشمس، أمسك أحد الصيادين بفأس كان معه وضرب السماء فجلجلت بصوت الرعد الذي سبقته صواعق البرق، فانتفضت الشمس لما سمعت وما رأت فأخذت الصيادين وأحبالهم بعيدًا عن الغيوم فصاروا جميعًا معلقين بين السماء والأرض، لو أرادت الشمس تركهم للسقوط والفناء كل ما عليها قطع الأحبال.

ظن الصيادون أنها النهاية، لكن الشمس كانت محاربًا شهمًا فقد أعجبت ببسالتهم وشجاعتهم وقالت لهم: لقد كنتم من أشجع من رأيت فقد استبسلتم في قتالكم ولم تيأسوا ولم تكلوا رغم حرارتي التي لفحت جلودكم حتى أحمرت. ونظير شجاعتكم سأمنحكم بلادًا تحمل اسمكم إنها من الآن فصاعدًا بلاد الهند.

وبينما كانت الشمس تتكلم شعر الهنود وقائدهم شاغدويغ أن الأحبال تنخفض إلى أن نزلوا برفق بين الحشائش الخضراء فجدوا أنفسهم في مكان أشبه بالجنة، تطير فيه الطيور فرحة لتعانق فروع الشجر وتتناثر حولهم فيه الأزهار وتمرح الحيوانات في تناغم بديع.

ولما هبط آخر هندي إلى الأرض قام الزعيم الأول للهنود شاغدويغ وخطب فيهم قائلًا: «إني أراني وأراكم قد نزلنا أجمل بلاد الدنيا فاذهبوا وانصبوا خيامكم، وعاملوا بعضكم بعضًا بالحسنى وكذلك بقية الحيوانات عيشوا معهم في ألفة وتناغم، وإياكم أن يقتل بعضكم بعضا أو أن يفسد أحدكم زرعا أو أن يقتل حيوانًا بغير حاجة.. واحذروا أن يأتي عليكم عدوا من الخارج فيخدعكم ويسلب أرضكم، عندها ستصبح سادتكم عبيدًا لأكثر الناس شرًا وحقارة».

حرص الهنود على الامتثال لنصيحة قائدهم الأول وظلوا يتداولونها جيلًا بعد جيل.

ترجمة بتصرف عن:

Hulpach, V. (1965). American Indian tales and legends. Hamlyn.


اقرأ أيضا:

مكتبة صرخات الحب

ثقافة التخويف

سمير أبوزيد

باحث ومهندس في مجال النانو تكنولوجي بمدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا، وله عدة أبحاث علمية منشورة. ألف ثلاثة روايات " صندوق أرخيف" و " الرفاعي الأخير" و " عز الدين"، كما كتب للعديد من المجلات وله ما يزيد عن الثلاثمائة مقال.
زر الذهاب إلى الأعلى