منذ ما يقرب من قرنين من الزمان، استضافت قرية صغيرة واقعة بين مانشستر وليفربول واحدة من أغرب المنافسات التي أقيمت على الإطلاق، تم استكمال خط السكة الحديدية الرابط بين المدينتين ولكنهم لم يكونوا متأكدين من استخدام القاطرات البخارية ذاتية الدفع، وتم التقرير بعمل مسابقة لمعرفة ما إذا كان المرجل على العجلات أفضل من المسحوب على الأرض، وكانت الفكرة مفادها إذا وجد قاطرة جيدة سوق يتم استخدامها في السكة الحديدية الجديدة.
خط السكة الحديدية بين مانشستر وليفربول:
كانت التقنية لا تزال جديدة وكان لدى الجماهير تصور مخيف عن الآلات الوحشية الضخمة، التي تُخرج الأدخنة والغبار، واعتقد الجمهور أن القاطرات ستملئ الريف بالأبخرة الضارة، كان جورج ستيفنسون هو المهندس المكلف ببناء السكة الحديدة دعا لاستخدام القاطرات ولكن بعض مديري السكة الحديدية فضلوا الطريقة القديمة.
مسابقة تجارب “Rainhill”:
ومن أجل حسم القرار أعلن أعضاء مجلس الإدارة للمسابقة عن مكافأة قدرها 500 جنية إسترليني لأفضل تصميم، وبالرغم من عدم ذكرها صراحة فإن التصميم الفائز سيحصل على عقد لبناء قاطرات السكة الحديدية بين المدينتين.
كان على كل قاطرة القيام بعشر رحلات ذهابًا وإيابًا على طول ميل واحد وثلاث أرباع الخط، لمحاكاة الخط الذي يبلغ طوله 35 ميل بين ليفربول ومانشستر، وكان يجب تكرار ذلك 10 مرات بعد التزود بالوقود، وكانت القاطرات تسحب ثلاث أضعاف وزنها، ويتم تسجيل كمية الماء والوقود التي تم استهلكها بدقة، والقاطرة التي حققت أفضل أداة من حيث القوة والسرعة ستكون هي الفائزة.
كان الموقع المختار لإجراء التجارب هو قرية رينهيل Rainhill التي تقع على بعد حوالي 14 كم شرق ليفربول، تم طرح الكثير من أسماء القاطرات ولكن 5 فقط تمكنوا من الدخول للمنافسة الفعلية التي بدأت في 6 أكتوبر لعام 1829م، ومن بين القاطرات كانت القاطرة التي صممها المهندس جورج أكثر جدية، وقاطرة لجون إريكسون وجون برايثويت، وقاطرة تيموثي هاكورث، وقاطرة أخرى تسمى “Cycloped”، تعرضت القاطرة للتعثر وهي في طريقها للمسابقة وقضت الأيام الخمس الأولى في الإصلاحات قبل الانضمام أخيرًا للسباق، وتمكنت القاطرة من الوصول ل6 ميل بالساعة أي أقل من الحد الأدنى للسرعة المطلوبة 10 ميل في الساعة.
تم استبعاد قاطرة “Sans Pareil” من التجربة لأن وزنها كان 140 كجم ولكن مديري السكة الحديدية سمحوا لـ تيموثي هاكورت بإظهار قوة القاطرة، وانتهت القاطرة في النهاية وعملت 8 رحلات قبل تكسير الأسطوانة، ولكن هذا الأداء كان جيد بما يكفي لثيموثي هاكورت لتعاقد مع سكة حديد ليفربول ومانشستر، التي أدارته عامين قبل البيع.
كانت قاطرة crowd هي المفضلة بين الجماهير بسبب السرعة العالية المذهلة التي وصلت لـ 28 ميل في الساعة ولكنها كانت تعاني من بعض نقاط الضعف في التصميم وتم سحبها بعد ذلك من التجربة.
نهاية المسابقة واختيار الفائز:
كان قاطرة جورج هي القاطرة الوحيدة التي أكملت جميع التجارب حيث بلغ متوسط السرعة 12 ميل في الساعة، والحد الأقصى للسرعة 30 ميل في الساعة، وفازت في المسابقة، وحصل جورج على عقد لتصميم وبناء قاطرات السكة الحديدية بين المدينتين وأصبح أسلوبه هو المعيار لبناء الخطوط البخارية لنحو 150 عام، استمرت التجارب 6 أيام وكان لها تأثير كبير على الجمهور فقد جاء للمشاهدة نحو 15 ألف متفرج وتابعت الصحف التجربة بشغف ووصفت الإنجازات بالمذهلة.
