ثقافة وفنون

أفلام دخلت قفص الاتهام.. للحب قصة أخيرة

أفلام دخلت قفص الاتهام.. اتفق البشر ألا يتفقوا على شيء بالإجماع على مدار التاريخ، وبالتالي تبقى إثارة الجدل حول الأعمال الفنية أمرًا منطقيًا في ظل اختلاف ثقافات المشاهدين ورؤية صناع العمل، إلا أن بعض تلك الأفلام تجاوز مرحلة الجدل ليصل إلى النيابة، ساحات القضاء وقبة البرلمان حتى وصل الأمر إلى تدخل شخص رئيس الجمهورية في بعض الأحيان، وهنا سنرصد بعضًا من تلك الأفلام.

للحب قصة أخيرة.. والفعل الفاضح

الحالة الأكثر إثارةً للجدل في السينما المصرية بعدما تسبب الفيلم، الذي تم إنتاجه عام 1986 في تحويل مخرجه رأفت الميهي، ومنتجه حسين القلا، وبطليه يحيى الفخراني ومعالي زايد إلى نيابة الآداب العامة بتهمة ارتكاب الفعل الفاضح الخادش للحياء، في واقعة هي الأولى من نوعها في السينما المصرية.

وبدأت أزمة الفيلم عندما قام أحد المشاهدين بتحرير محضر في النيابة ضد صناع الفيلم، بداعي تضرره من المشهد الحميم الذي جمع كل من يحيى الفخراني ومعالي زايد قبل نهايته، لتأمر النيابة باستدعاء أطراف العمل الفني لسماع أقوالهم، ليرد مؤتمر المثقفين بالانعقاد ومطالبة النيابة بالإفراج عن عناصر الفيلم، احترامًا لحرية الفكر والتعبير لتنتهي القضية بالإفراج عن الرباعي بكفالة مادية وتجميد الدعوى.

وتسبب الفيلم في إعلان الفنان يحيى الفخراني اعتزاله الفن قبل أن يتراجع عن قراره لاحقًا، فيما تعرضت الفنانة معالي زايد لموقف مشابه بعدها عام 1996 في فيلم «أبو الدهب»، مع الفنان ممدوح وافي، حيث نالا حكمًا بالحبس لمدة سنة بتهمة نشر الفجور قبل أن يتم تبرئتهما في الاستئناف.

السادات يتدخل في سيدة الأقمار السوداء

رفضت الرقابة عرض فيلم «سيدة الأقمار السوداء» الذي تم إنتاجه عام 1971، وذلك بسبب الجرأة الشديدة للمشاهد التي جمعت كل من حسين فهمي وناهد يسري، ليسقط الفيلم في دائرة النسيان تمامًا، حتى بدأ انتشار جهاز الفيديو بمصر في مطلع عقد الثمانينيات، ليتم تداول الفيلم مسببًا حالة من الاستياء لدى قطاع كبير من الجمهور.

وتدخل الرئيس الراحل أنور السادات بنفسه لحل أزمة شرائط الفيديو المتداولة للفيلم، حيث أمر بتشكيل لجنة للتحقيق مع أبطاله حسين فهمى وناهد يسرى، لتثبت اللجنة وجود بعض المشاهد المزيفة، التي تم تركيبها للممثلين من قبل المخرج اللبناني سمير خوري ليتم تبرئة الثنائي.

وتحدث الفنان حسين فهمي كثيرًا عن الفيلم بعدما وصفه بالنقطة السوداء في مسيرته الفنية، متهمًا المخرج سمير خوري بالإساءة له عن طريق تركيب مشاهد عارية بواسطة دوبلير.

السادات يتصدى لزائر الفجر

تعرض فيلم «زائر الفجر» الذي تم إنتاجه عام 1973 للسحب من دور العرض بعد أسبوع واحد من عرضه بقرار من الرئيس الراحل أنور السادات، الذي لم يعجبه جرأة الاسقاطات السياسية بالعمل الفني، وهو ما تسبب في إصابة ممدوح شكري مخرج الفيلم بالاكتئاب قبل أن يتم نقله إلى مستشفى الحميات، بعدها إثر تعرضه لوعكة صحية ليتوفى في نفس العام.

وكشفت الفنانة الراحلة ماجدة الخطيب في أكثر من لقاء تليفزيوني لها عن محاولاتها المستمرة لمقابلة الرئيس أنور السادات للحصول منه على موافقة بعرض الفيلم، الذي أنتجته على نفقتها الشخصية إلا أن محاولاتها قُوبلت بالرفض لتخسر أموالاً طائلة، قبل أن يتم السماح بعرض الفيلم عام 1975، بعد حذف العديد من مشاهده التي حملت نقدًا لاذعًا للنظام السياسي.

عبد الناصر يجيز «شيء من الخوف»

رفضت الرقابة السماح بعرض فيلم «شيء من الخوف»، الذي تم إنتاجه عام 1969 بعدما اتهمت مؤلفه ثروت أباظة بعمل إسقاط على شخص الرئيس جمال عبد الناصر، من خلال شخصية «عتريس» التي أداها الفنان محمود مرسي.

وانتهت أزمة الفيلم بقيام الرقابة بعرضه على عبد الناصر شخصيًا، ليقرر إجازة عرض الفيلم بعدما استبعد فكرة وجود إسقاط على شخصه، لينال الفيلم المرتبة التاسعة عشر في قائمة أفضل 100 فيلم مصري بعد ذلك.

الأفوكاتو إلى ساحات المحاكم

أقام بعض المحامين دعوى قضائية ضد فيلم الأفوكاتو، الذي تم إنتاجه عام 1983 بداعي الإساءة لمهنة المحاماة في صورة بطله حسن سبانخ (عادل إمام)، فيما اتهم المحامي الشهير مرتضى منصور صناع الفيلم بإهانة القضاء المصري من خلال بعض المشاهد، التي ظهر بها الفنان حمدي يوسف الذي قام بدور القاضي.

ورد الفنان عادل إمام على اتهامات مرتضى منصور عبر الصحف، لينجح الأخير في الحصول على حكم بحبس الزعيم لمدة ستة أشهر بتهمة السب والقذف، قبل أن يتدخل العديد من الوسطاء بين الطرفين للصلح بينهما في نهاية الأمر.

حذف نهاية «البريء» لدواعي أمنية

رفضت الرقابة إجازة عرض فيلم البريء الذي تم إنتاجه عام 1986 لحساسية موضوعه، الذي يتناول قضية التعذيب في المعتقلات السياسية من خلال أحد المجندين المغيبين عقليًا بشعارات الوطنية الزائفة، لينتهي الأمر بعرض الفيلم على لجنة رباعية، ضمت كل من وزير الدفاع محمد أبو غزالة ووزير الداخلية أحمد رشدي ووزير الثقافة أحمد عبدالمقصود هيكل.

ورفض المشير أبو غزالة نهاية الفيلم مطالبًا بتغييرها لدواعي أمنية، بسبب ما اعتبره تحريضًا لثورة المجندين على رؤسائهم ليتم عرض الفيلم محذوفًا منه ست دقائق كاملة في مشهد النهاية، وهو ما استمر حتى عام 2005 الذي شهد قيام وزارة الثقافة بعرض النسخة الكاملة منه في المهرجان القومي للسينما، كتكريم لبطله الفنان الراحل أحمد زكي.

محاكمة «المذنبون» بأوامر رئاسية

شهد فيلم «المذنبون» الذي تم إنتاجه عام 1976 أول حالة محاكمة لموظفي الرقابة على المصنفات الفنية، وذلك بأمر من الرئيس أنور السادات الذي غضب بشدة من إظهار فساد العديد من شرائح المجتمع المصري، عقب سياسة الانفتاح التي انتهجها في ذلك التوقيت.

وأدانت المحكمة التأديبية رئيسة الرقابة اعتدال ممتاز مع 17 موظفًا، بسبب عرض الفيلم لينالوا أحكامًا تأديبية مختلفة علمًا بأن مجلس الشعب، قد ناقش أزمة الفيلم ليتم إصدار القرار رقم 220 لسنة 1976، بشأن تشديد القواعد الأساسية للرقابة على المصنفات الفنية، وهو القرار الذي اعتبره السينمائيون جريمة في حق السينما المصرية.

وتظلم المنتج والمخرج سعيد مرزوق على قرار مجلس الشعب، فتم تشكيل لجنة فنية أمرت بحذف أغلب مشاهد العري بالفيلم الخاصة ببطلته سهير رمزي، التي أعلنت ندمها عليه لاحقًا لتنتهي الأزمة بعرض الفيلم لمدة ثلاث أشهر بدور العرض مع منع عرضه بشاشة التليفزيون نهائيًا، حتى يومنا هذا علمًا بأنه قد حاز على المرتبة الـ64 في قائمة أهم 100 فيلم بالسينما المصرية.

«بحب السيما» وازدراء المسيحية

أثار فيلم «بحب السيما» الذي تم إنتاجه عام 2004 جدلاً شديدًا عند عرضه، بسبب تناوله للعديد من المشاكل التي تعرضت لها أسرة مسيحية خلال حقبة الستينيات، وهو ما لاقى غضبًا شديدًا من العديد من المحامين الأقباط ورجال الكنيسة، ليتم رفع دعوى قضائية بمنع عرضه بداعي ازدراء المسيحية وإثارة الفتنة الطائفية.

ورفضت محكمة القضاء الإداري قبول الدعوى بوقف عرض الفيلم، بعدما برأته من التهم المنسوبة إليه إلا أنها ألزمت الرقابة على المصنفات الفنية بتقديم نسخة وسيناريو الفيلم إليها، من أجل عرضه على الأزهر لمعرفة مدى مخالفتهما للشرائع والأديان السماوية، علاوةً على ضرورة تقديم تقرير الرقابة الموافق على عرض الفيلم للتعرف على آراء الأقباط الذين وقعوا على التقرير، ومدى مخالفة الرقابة وخداعها لهم.

إيقاف «خمسة باب» بقرار وزاري

مُنع فيلم «خمسة باب» الذي تم إنتاجه عام 1983 من العرض بعد طرحه بأسبوع واحد فقط، وذلك بقرار من وزير الثقافة عبد الحميد رضوان بداعي إخلاله بالآداب العامة وإضراره بسمعة مصر.

وخاض محمد مختار منتج الفيلم معركة قضائية طويلة ضد القرار الوزاري، الذي اعتبره مجحفًا في حقه بعد تصريح الرقابة بعرض الفيلم، لينتهي الأمر بحصوله على حكم قضائي بعرضه بعد مرور ثماني سنوات على إنتاجه.

طلبات إحاطة حول «سوق المتعة»

أثار فيلم «سوق المتعة» الذي تم إنتاجه عام 2000 ضجة كبيرة بمجرد طرحه في دور العرض، بسبب بعض المشاهد الجريئة لبطلته إلهام شاهين لدرجة تقديم العديد من طلبات الإحاطة حوله في مجلس الشعب، ليتطور الأمر بمطالبة بعض النواب لوزير الإعلام صفوت الشريف بالتدخل لمنع عرض الفيلم بداعي الحفاظ على قيم المجتمع وحماية الشباب من الانحراف، إلا أن النتيجة النهائية لتلك الضجة اقتصرت على تعديل أفيش الفيلم واستمراره بدور العرض.

«حلاوة روح» وصدام مع رئاسة الوزراء

اعترض المجلس القومي للأمومة والطفولة على بعض المشاهد في فيلم «حلاوة روح»، الذي تم إنتاجه عام 2014 بداعي وجود انتهاك لحقوق الطفل بها، بالإضافة للتحريض على العنف من خلال بعض المشاهد التي جمعت الطفل كريم الأبنودي بالفنانة هيفاء وهبي بطلة الفيلم، وهو ما تسبب في إصدار إبراهيم محلب رئيس الوزراء لقراره بسحب الفيلم من دور العرض بداعي الحفاظ على قيم الأسرة المصرية.

وتسبب قرار محلب في استقالة المخرج أحمد عواض من رئاسة جهاز الرقابة على المصنفات الفنية فيما أقام المنتج محمد السبكي دعوى قضائية اختصم فيها رئيس مجلس الوزراء وبعض الجهات الحكومية، حتى وصل الأمر إلى إحالة الموضوع للمحكمة الدستورية للفصل فى مدى دستورية المادة 49 من قانون تنظيم الرقابة على المهن السينمائية، لتنتهي تلك الأزمة بعودة الفيلم إلى دور العرض دون حذف المشاهد المثيرة للجدل.

شاركنا برأيك، ما هي أبرز الأفلام التي دخلت قفص الاتهام؟

زر الذهاب إلى الأعلى