قصص الرعب

أنتيكا

أنتيكا
جماد.. أجوف.. بدون مشاعر!

أنا تمثال نحاسي منحوت لهيئة “قرد”، معرفش جيت للدنيا امتى ولا مين اللي صنعني! كُل اللي أعرفُه إني بقالي فترة طويلة أوي بتنقل من مكان لمكان: فيلا، شقة، دار أيتام….إلخ.

أول مكان عيني فتحت فيه كان ضلمة، مفيش هواء، مفيش نور، صمت رهيب.. لحد وقت معين سمعت صوت تكسير وحفر جاي من فوقي! وظهر أول ضوء أشوفُه فى حياتي وظهر معاه اتنين من ولاد آدم ملامحهم شريرة..

“هو ده التمثال يا عسران؟ هو ده صح!؟”

“أيوة يا طُلبة، دى فُرصة وجاتلنا لحد عندنا، احنا ممكن عن طريقُه نبقى أغنى الخلق كُلها”.

حسيت بنفسى وأنا بتحط فى صندوق وشالوني خدوني معاهم عشان ابدأ أول مغامرة!
عسران كان بيشتغل مُعالج زي ما الناس اللي كانت بتزورُه بيقولوا عليه، كان بيجي ناس كتير أوي يدخلوا عندُه وعينيهُم كُلها حُزن واكتئاب ويخرجوا مبسوطين ويفضلوا يمجدوا باسمُه.

بس بالليل كان بيجي يُقَف قدامي ويفضل يتأمل فيا بشكل غريب. يفضل يتفحصني بإعجاب مُرعِب.. فضل الحال على كده لحد ما فى ليلة كان بيتكلم مع طُلبَه وبيقسمّوا الفلوس، وفجأة اختلفوا فى وجهات النظر.. عسران ساب طُلبة قاعد على الكُرسي ولف من وراه وجاب حبل ولف الحبل حوالين رقبتُه وفضل يشد الحبل، يشد أجمد وأجمد لحد ما طُلبة مات!! وإلتفتلي وفضل واقف يبصلي بنفس الإعجاب!

وبدون مقدمات جاب نفس الحبل وعلقُه فى السقف ولفُه حوالين رقبتُه ووقف على الكُرسي وبصلي آخر بصة وهو مبتسم ونط من فوق الكُرسي وفضل جسمه يتمرجح شمال ويمين!

“واضح إنُه قتل صاحبُه وبعد كده قرر ينتحر يا فندم”

“طيب يا رجالة ارفعوا البصمات واجمعوا الأدلة”

“والتمثال ده يا فندم؟؟”

“خدُه مع الأدلة وبعد كده هنشوف مصيرُه إيه”

بعد فترة معرفش قد إيه لقيت نفسي بعد كده محطوط فى صندوق شيك ريحته معطره، واضح إنى هتقدم كَهدية. لقيت قدامي راجل فى الستينات لابس بدلة شيك شكله رجُل أعمال.. فضل يتأمل فيا بإعجاب شديد جِدًا وأخدني حطني على رف كريستال مع بقيت التُحَف اللي عنده.

“غريبة أوي الهدية دى يا مُنى.. متعرفيش من مين؟”

“لا والله يا مستر حسين، هي جات من غير كارت”

“شكلها جاذبني بشكل غريب.. عجباني أوي”

وبالليل “حسين” جه وقف قدامي وفضل يتأمل فيا مدة طويلة زيُه زي “عسران”، فاكرين عسران؟ وبدون مُقدمات فتح البلكونة الكبيرة بتاعة المكتب ووقف على السور ورمى نفسُه!!

المشهد التالي مزاد كبير، ناس كتير أوي بتحاول تفوز بيا، كُل واحد بيعلّي السعر على زميلُه..

“ألا أونا.. ألا دوى.. ألا ترى! مبروك أُستاذ رامي”

“رامي” وزوجتُه “هُدى” كان فيه حُب كبير أوي بيجمعهُم، باين أوي في طريقة تعامُلهُم مع بعض، وكانوا مبسوطين بيا جدًا.. بس رامي كان مهتم بيا أكتر، كان بيتأملني كتير أوي ويسرح في تفاصيلي بإعجاب شديد.

وبالليل رامي دخل المطبخ جاب أكبر سكينة ودخل أوضة النوم وهجم على مراتُه وهي نايمة وقتلها بالسكينة 40 طعنة! فصل رأسها عن جسمها وفضل يغسل وشه بدمها ويضحك بصوت عالي!

وبعد الواقعة دي بعد ما البوليس جه وقبضوا على رامي سمعته بيقول:، “مش أنا والله.. التمثال.. التمثال هو السبب.. التمثال خلاني أقتلها.. أنا كُنت بحبها.. هُدى!! مش أنا يا هُدى”

ويعدي وقت كبير وألاقي نفسي فى مكان كُلّه أطفال. كائنات جميلة طيبة وشوشها كُلها سعادة. المكان ده كان ملجأ للأطفال، كُلهم كانوا أبرياء جدًا.. بس كان فيه طفل فيهُم اسمه “نور”.. كان مُهتم بيا أوي!

“ميس بعد إذنك مُمكِن أخُد التمثال ده فى الأوضة عندنا؟”

“نور يا حبيبي التمثال ده من التُحَف ومينفعش نلعب بيه.. افرض اتكسر مِنك؟”

“والله والله هحافظ عليه.. والنبي يا ميس!!”

“طيب.. خلي بالك منُه.. والصُبح يرجع مكانُه”

كان بيخاُدني أنام جنبُه في السرير وكان مبسوط أوي وبيفضل يكلمني، وبعد يومين.. بالليل “نور” كان معاه جركن بنزين وولع في كُل زمايله اللي معاه فى العنبر واتفحموا تمامًا!

الناس اتلمت وسط صريخ وعياط! نور اتحول لمصحة نفسية وزمايله اتوزعوا على ملاجئ تانية.. والملجأ اتقفل نهائيًا.

رحلتي المرة دي في ڤيلا، فيها أم وأب وبنت صغيرة. الأب كان سيء الطباع جدًا بيعامل زوجته وبنتُه بقسوة شديدة، والأم استحملت كتير جدًا وأنا كنت الشاهد على اللي بيحصل. وبنفس الاهتمام اللي فات الأم كانت معجبة بيا جدًا وكنت ببقى معاها هي وبنتها في أوضة البنت وقت نومهم، نظرًا أنها كانت رافضة تبقى موجودة مع جوزها بسبب قسوتُه.

وبالليل في نفس الوقت، نفس الثانية من كل مرة، نفس المشهد.. الأب والأم اتخانقوا بشكل عنيف وضربها ضرب مُبرح، لقيتها جاية وهي بتبكي ووقفت قُدامي.. الحُزن اتحول لسعادة رهيبة، سعادة مُرعبة، أخدتني من على الرف ودخلت مكتب جوزها وفتحت الدُرج وجابت مسدسُه الشخصي واتوجهت للمكان اللي الأب قاعد فيه…

بس فجأة!! سمعت بنتها بتعيط وبتنادي عليها.. خبت المسدس ودخلت الأوضة وعرفت إن البنت حلمت بكابوس.. فخدتها الحمام تغسلها وشها، فتحت المياه وملت الحوض وسدته بالسدادة وغطست وش البنت لمدة طويلة والبنت تحاول! تحاول! تحاول تقاوم!! بس مفيش فايدة.. البنت ماتت!

“تقدروا تقولولي أنا ذنبي إيه فى كُل الحوادث دي؟ هو بإيدي إني اتلعنت؟ هل كان ليا دور فى إني أقبل أو أرفُض إني أتلعن؟”

“لا أنت ملكش أي ذنب، ولا أنا كمان، أنا كمان ملعون على فكرة.. لما بتحط فى أي بيت أو فيلا بيقولوا إنهُم بيسمعوا صوتي بيشتغل لوحدُه بالليل، بس أنا مش بشتغل لوحدي ولا حاجة، صاحبتي الأصلية اللي اتقتلت قُدام عيني هي اللي بتشغلني عشان تسمع “أُم كلثوم” زى عادتها.

“أنا كمان.. البنات اللي بيقفوا يتأملوا في جمالهُم قُدامي بيختفوا.. بشوف إيدين بتطلع مني وتشدُهُم تحبسهُم جوايا.. بس محدش يعرف من أهاليهُم بيختفوا فين.. محدش أصلاً يعرف السر!”

“والحل إيه؟ هنفضل كِده؟”

“طالما مفيش حل يبقى نتعايش مع الموضوع. وجودنا قدر ونصيب.. احنا مختارناش القدر ده ولا صاحب النصيب اللي هنبقى عندُه هيقدر يهرب من القدر ده.. وجودنا لازم يستمر.. كُل واحد فيكُم يبان بأبهى صورة ليه فى المعرض، كُل واحد فيكُم يشد الضحية اللى عليها الدور، أنا عن نفسي مش هقبل أعيش فى مخزن ضلمة طول حياتي.. أنا لازم أخرُج، مش مُهم بقى اللي هياخُدني هيقتل مين.. أمُه، أختُه، ابنُه أو مراتُه.. مش مُهم.. أنا لازم أخرُج”

“تعالى يا فندم اتفضل، فيه تشكيلة هايلة من الأنتيكات.. أهلاً وسهلاً”

“واحد جه أهو.. ها؟ محدش هياخُد الخطوة؟ طيب دي فرصتي.. أيوة.. اتأمل فيا أكتر يا مسكين.. أيوه مش هتلاقي أحسن مني تحطه “أنتيكا” في بيتك.. حلو.. مُغامرة جديدة!”

حلمي مطر

حلمى مطر, كاتب قصص رُعب قصيرة من الأسكندرية. بدأت بالنشر الإليكترونى منذ فترة من خلال صفحات التواصل الإجتماعى و نالت كتاباتى و الحمدلله إستحسان الناس.
زر الذهاب إلى الأعلى