مقالات

إلزم كوزك

إلزم كوزك

لطالما كان تبديل الأدوار بداية لأكبر المتاعب. فحين تأخذ الزوجة دورا غير دورها و تصر على أن تكون القوية، المدافعة، المتولية للمهام الصعاب و النافرة لقضاء أمور و مسئوليات العائلة و هى غير ملزمة بها – ولا أناقش الآسباب الآن و إنما أطرح نموذجا فى مجتمعنا على إختلاف الأسباب – فقد أخذت دورا لم يكتب لها فى سيناريو الحياة و أحيانا تتقمص الدور فتخرج عن نص ذلك الدور الذى اغتصبته عنوة فتنتقل من القائمة على الأعمال إلى المسيطرة على الأوضاع و المتفردة بالقرارات …..

أعلم أنك قوية و قادرة و مستعدة لمواجهة الكثير و لكن ما الضير فى أن تتمتعى بنعومتك و رقتك و الدلال الذى تستحقينه. قومى بواجباتك و لكن لا تبذلى مجهودات فى شىء لم يطلب منك وفرى طاقتك لإسعاد نفسك و بناء عقلك و روحك و مما لا شك فيه سيساعد ذلك فى إسعاد من حولك و استخدمى قواك عندما تضطرين فدور”توتوعضلات” ليس دورك من الأساس و بالتالى لن تشكرى عليه و صدقينى سيؤرققك ذلك كثيرا.

         عندما يتصنع الزوج عدم درايته بأن الزوجة هى التى تتولى مقاليد الأمور و يؤثر الراحة أو قضاء الوقت فى الترفيه بدلا عن قيامه بمسئولياته دون الشعور بأى خلل و يحصر نفسه فى دور الممول و يتخلى عن دور الشريك دون أدنى شعور بالذنب و أحيانا أخرى يتلذذ بالدور الجديد أكثر و يتمادى و يتخلى حتى عن صفة الممول و يعيش تحت مظلة رائدة المنزل. تزاوله أطياف القوامة أحيانا مهيئة فى صورة شبح مخيف يتلبسه فيهدر صارخا : أنا هنا ثم يعود إلى سلاسل دوره مرة أخرى.

و رجل أخر يختار لنفسه دور الأب ليس لأبنائه بل لزوجته فقد أختارها من بين الملايين و لكنه سيعيد تربيتها و يعلمها مهارات الحياة التى قد تصل إلى طريقة أكلها، و ربما يتمادى فيحاول صياغة أفكارها أو حتى مظهرها و شكلها رغم فرصته الكاملة لإختيار السيدة الملائمة له بدلا من محاولات التشويه و إعادة الصياغه لشخص كامل مكتمل رغم إختلافه معه.

سيدى أعلم أن الحياة قصيرة و المسئولية مجهدة و تفقدك الكثير و لكن ان اخترت ان تكون مسئولا فانظر لمكاسب المسئولية و ما ستجنيه من ورائها و أحسن اختيارك و استمتع به فبالحياة ملذات عدة لا نحصل عليها بالاسترخاء.

        عندما تتأمل الابنة دورها فى الحياة فتجد نفسها مضطرة لأن تكون مسئولة عن إختيار أصناف الطعام أو اعدادها و تنسيق المنزل و إيجاد من ينصحها بنفسها و إتخاذ قراراتها دون مشاورة أحد تتفاجأ بأن دورها أكبر منها لم تنضج بشكل كاف لتقوم به و لكنها بالفعل تمارسه و قد يصل بها الحال أن تأمر و تنتظر الطاعة فقد أصبحت ذات فضل على من بالبيت – فهى هنا لا تساعد أو تشارك هى هنا المسئولة الأولى – قد تشعر أيضا بالظلم أو القهر أو حتى الغضب مما قد يؤدى إلى خلل عام فى حياتها …

هونى على نفسك يا بنيتى فهذا ليس دورك أبدا إن كنت ترين أن المسئول الأصلى يمكنه تولى المسئولية و لكنه متقاعص فاهجريها و تمتعى بدورك يا صغيرتى أما إذا كان المسئول الأصلى لا يستطيع القيام بتلك المسئولية فلتتخذى قرارا و تختارى إما أن تتركى المسئولية أو تتولينها عن طيب خاطر بغرض المساعدة و أنت مدركة تماما أنه ليس دورك و إنما أنت فرد من الأسرة و مشاركتك و دعمك قدر ما تستطيعين نفسيا و بدنيا دون ضغوط و بارادة كاملة منك هو عمل جليل. و أعلمى أن كل عمل بحب يورث قلبك السكينة و الراحة و تلك التى لا تشترى بكنوز الأرض.

      قد تجد أيضا ابنا مضطرا لفض نزاعات بين والديه و ينفجر فيهما غاضبا أو يملى عليهما أفكاره ناصحا و يبدأ بالشعور بأنهم مسئوليته ثم يتحول هذا الشعور إلى خوف من تركهما سويا فيحمل حاله عبأ التواجد بينهما و محاولة فض أى خلاف قد ينشأ فهو يقوم بدور حارس القنبلة الموقوتة و ربما يشعر بالفشل و الإخفاق إذا لم ينجح فى تحسين الأوضاع أو ربما يشعر بالضجر و الملل فيتقوقع على حاله و يعتزلهم ناجيا بنفسه من تلك الحرب الدائمة…

أعلم أنك تحبهما و لكنهما لم يحباك بما يكفى ليجنباك هذا العذاب أو ربما لم ينضجا بما يكفى لتحمل مسئولية الحياة تحت سقف واحد و لكن بالنهاية هذا ليس دورك ليست مسئوليتك يمكنك أن تحبهما دون أن تحمل هذا العبأ لابد أن يجدوا لأنفسهم الحل. اسعد بحياتك و أدع لهما الله أن يجدوا لأنفسهم مخرجا.

    و نرى أيضا أب و أم متفقين و حياتهما متوازنة و لكنهما أخذا دور الصانع صاحب المنتج و المسئول عن كماله فتراهم يضعون لمساتهم على أبنائهم و كأنهم يرسمون لوحة أو يصنعون جهازا خارقا للمعتاد . ليس هناك أى احتمال للخطأ أو الذلل و ليس لهؤلاء الأبناء أى إرادة إنهم فقط منتجات. غالبا ما ينجح هذا النوع من الأباء فى إخراج كائنات غير سوية للمجتمع و لكنهم يكونون بغاية الفخر بصنعهم غير مدركين لجريمتهم. نسوا أن مهمتهم الرعاية و الإرشاد لأناس لهم عقل و قلب و رغبات و ميول …

بالتأكيد لكم كل الحق فى تربية أبنائكم كما يترائى لكم. لكن تذكروا أن دوركم ليس أن تمحوا شخصياتهم التى خلقوا بها و تحقيق أحلامكم فيهم. هم مختلفون أشخاص غيركم بصفات و ميول مختلفة و أحلام و أفكار مختلفة لابد أن تحترموها و تراعوها فى رحلة رعايتكم لهم.

هذه ليست نماذج تبديل الأدوار الوحيدة بمجتمعنا و لكن تبقى الفكرة واحدة ، لو ألتزمنا أدوارنا و عرفنا واجباتنا و حقوقنا لإستاقمت الحياة … مطروح للنقاش

مقالة مستوحاة من مقولة ” إلزم كوزك لما نعوزك”

اقراء أيضا :
حالة حب

زر الذهاب إلى الأعلى