اختراع المرايا.. المرايا هي سطح مستوٍ أو منحنٍ. عادةً ما يتم صنعها من الزجاج الذي يحتوي على طبقة عاكسة مطبقة عليه. وتُستخدم المرايا أيضًا في التقنيات التكنولوجيا، وهي عنصر مهم للأدوات العلمية مثل: التلسكوبات والآلات الصناعية والكاميرات والليزر؛ وغيرهم.
ربما استخدم أجدادنا برك المياه الساكنة كمرايا منذ مئات الآلاف من السنين أو حتى ملايين السنين. وفي وقت لاحق لذلك كانت المرايا من المعدن المصقول أو حجر السج (الزجاج البركاني)، وللأثرياء فقط.
وقد تم العثور على بعض الأمثلة لهذا النوع من المرايا كاتال هيوك، المدينة القديمة بالقرب من قونيا الحديثة في تركيا والتي يرجع تاريخها إلى 6200 سنة على الأقل، واستخدم المصريون القدماء النحاس المصقول لإنتاج المرايا، وغالبًا ما يتم تزيين الوجه المستدير للمرآة بزخرفة.
المرايا في بلاد فارس وما بين النهرين
استخدم الناس في بلاد فارس المرايا النحاسية المصقولة على الأقل منذ 4000 عام قبل الميلاد، في ما يعرف الآن بالعراق، وكانت هناك سيدة سومرية نبيلة من حوالي ألفي عام قبل الميلاد تسمى «سيدة الولركاء» لها مرآة مصنوعة من الذهب الخالص.
وصنعت بلاد ما بين النهرين القديمة أيضًا مرايا معدنية مصقولة، وكانت المرايا المصنوعة من الأحجار المصقولة معروفة في أمريكا الوسطى والجنوبية منذ حوالي عام 2000 قبل الميلاد.
أما في الصين بدأت المرايا تُصنع من سبيكة المرايا المعدنية: هي خليط بنسبة الثلثين من النحاس والثلث من القصدير، وكان من الممكن صقله بدرجة عالية لعمل سطحًا عاكسًا، وكذلك المرايا المصنوعة من البرونز المصقول.
وكانت السبائك المعدنية تلك أو مرايا المعادن الثمينة عناصر قيّمة للغاية في العصور القديمة لا يسهل تحملها إلا للأثرياء.
المرايا في الصين
يذكر مصدر صيني من عام 673 قبل الميلاد أن الملكة كانت ترتدي مرآة عند حزامها، مما يشير إلى أن هذه كانت تقنية معروفة هناك وشائعة، وكانت أقدم المرايا في الصين مصنوعة من اليشم المصقول. وتم تقديم أمثلة لاحقة من الحديد أو البرونز.
ويقترح بعض العلماء أن الصينيين حصلوا على المرايا من شعب السكوثيون الرحل، الذين كانوا على اتصال بثقافات الشرق الأوسط، ولكن يبدو أن الصينيين اخترعوها بشكل مستقل.
ويُعتقد أن المرايا المصنوعة من الزجاج المدعوم بالمعادن تم إنتاجها لأول مرة في لبنان بالقرن الأول الميلادي، وقد صنع الرومان مرايا من الزجاج الخام المنفوخ بدعامات من الرصاص.
أصول اختراع المرايا
كان المصريون القدماء والرومان واليونانيين مولعين بالمرايا وغالبًا ما كانوا يصنعون المرايا من النحاس المصقول والبرونز. تم إنتاج المرايا الزجاجية لأول مرة خلال القرن الثالث بعد الميلاد، وكانت شائعة جدًا في مصر وبلاد الغال وألمانيا وآسيا.
أدى اختراع طريقة نفخ الزجاج خلال القرن الرابع عشر إلى اكتشاف المرايا المحدبة، وهذه التجارب المبكرة لم تكن مسطحة. بالإضافة إلى ذلك، كان الزجاج المبكّر عمومًا فقاعي لحد ما ويتغير لونه.
ومع ذلك، فإن الصور كانت أوضح بكثير من تلك التي تم الحصول عليها من خلال النظر في المرايا المصنوعة من النحاس المصقول أو البرونز. كما كانت فقاعات الزجاج المنفوخ المستخدمة رقيقة، مما قلل من تأثير العيوب؛ ولذلك كانت المرايا الزجاجية محسنة إلى حد ما مقارنة بالتقنيات السابقة لها.
كيف صُنعت المرايا الأولية؟
صُنعت مرايا الفقراء من الزجاج فقط، بينما صُنعت مرايا الأغنياء من الذهب والفضة والكروم.
معتقدات حول المرايا
كان يُعتقد أن المرايا تكشف عن عالم بديل كان فيه كل شيء متخلفًا، ويعتقد في العديد من الثقافات أيضًا أن المرايا يمكن أن تكون بوابات إلى عوالم خارقة للطبيعة.
وتاريخيًا، كان عندما يموت شخص تغطي أسرته جميع المرايا في المنزل، لمنع روح الشخص المتوفى من الدخول في المرايا.
وكسر المرآة يسبب سبع سنوات من سوء الحظ؛ لأن الروح التي تتحطم مع المرآة المكسورة تتجدد كل سبع سنوات هذا حسب الأسطورة الرومانية القديمة.
المرايا في عصر النهضة الأوروبية
خلال فترة عصر النهضة الأوروبية، صُنعت المرايا من خلال طلاء الزجاج بالقصدير والزئبق. في القرن السادس عشر أصبحت مدينة البندقية مركزًا لتصنيع المرايا. وتم إنشاء مصنع لتصنيع المرايا يسمى «Saint-Gobain» في فرنسا، ولكن المرايا كانت لا تزال باهظة الثمن ولم يكن يملكها سوى الأغنياء.
في عام 1835م طور الكيميائي الألماني «Justus von Liebig» المرآة الزجاجية الفضية، حيث قام بوضع طبقة رقيقة من الفضة المعدنية على الزجاج من خلال الخفض الكيميائي لنترات الفضة.
وقد مكّن هذا الاختراع من تصنيع المرايا على نطاق واسع، ولأول مرة في التاريخ كان يمكن للأشخاص العاديين شراء مرآة، ويتم إنتاج المرايا الحالية بشكل متكرر من خلال إيداع الألمنيوم بالفراغ مباشرة على الزجاج.
