البانكاة.. عندما دخل البريطانيون إلى الهند لأول مرة اضطروا للتكيف مع الكثير من الأشياء غير المألوفة عليهم؛ مثل المناخ والبعوض المتوحش الماص للدماء واللغة والطعام الحار، ولكن الشيء الذي لم يتمكنوا من التعود عليه هو الحرارة.
يبدأ الصيف في الهند في إبريل ويستمر حتى أكتوبر في الشمال وفي الغرب، ويأتي الصيف مبكرا في بعض أماكن الهند فيكون المناخ أشد سخونة وتُساعد الرياح الموسمية على خفض درجات الحرارة، وفي شرق البلاد والمناطق الساحلية تؤخر الأمطار بداية الصيف ولكن مع ندرة الأمطار تبدأ الحرارة في التراكم، مما يؤدي لزيادة الرطوبة، وكل ذلك يخلق تجربة شديدة الاختناق ولكن الذي أنقذهم من كل ذلك هو الاختراع الهندي البانكاة.
فكرة البانكاة مرواح السقف الهندية
قبل دخول الكهرباء كان من المألوف أن تنام الناس خارج منازلهم في ظل الأشجار، حيث كان الجو أكثر برودة أو في الشرفة مع المراوح المحمولة باليد، أولئك كان بمقدورهم امتلاك البانكاه “punkahs” أو مرواح السقف، التي كانت تتأرجح بمساعدة سلسلة طويلة لتبريد المكان.
كانت البانكاه مستطيلة مصنوعة من القصب، ولها إطار خشبي مُغطى بقطعة قماش يتم تعليقها بسقف الغرفة ومغطاة بقطعة قماش يتم تعليقها بسقف الغرفة، ويتم ربطها بحبل وسحبه من قبل الخدم أو العبيد.. ولدت تلك البانكاة نسيما لطيفا سمح للمغتربين البريطانيين والهنود الأثرياء العمل والنوم في راحة.
كانت البانكاة بمثابة الترف والرفاهية في منازل الأسر الغنية والمنازل الفخمة وفي المكاتب الحكومية، وصفها أحد البريطانيون أنها كانت تتواجد على السرائر وعلى أحواض الاستحمام وأخرى على طاولة الطعام وعلى المكتب، كان هنالك رجلان يتناوبان على شد الحبل، كان الرجال يجلسون إما خارج الغرفة أو في زاوية الغرفة ويسحبون الحبال، وفضل العديد من الهنود تعين الرجال فاقدي السمع حتى لا يستطيعون التنصت وضمان السرية أو الجلوس على الجانب الآخر من الجدار.
أما “Punkah coolies” القائمون على شد الحبل فكانوا من أفقر الفئات بالمجتمع، وكانوا يتلقون مبالغ باهظة في مقابل خدماتهم، وانتشرت البانكاة في أماكن كثيرة خارج شبه القارة الهندية، وأصبحت متواجدة بشكل رئيس في كل منازل العديد من أصحاب المزارع في الولايات الجنوبية بأمريكا، وأدى ظهور الكهرباء لتطوير مرواح السقف الكهربائية في أواخر القرن التاسع عشر.
اقرأ أيضا:
التاريخ المدهش لمشروب الفاكهة الساخنة
