تكنولوجيا

الببغاوات تساعد بعضها البعض دون مُقابل

الببغاوات تساعد بعضها البعض دون مُقابل

في ظاهرة غريبة في عالم الحيوان أظهرت مجموعة من الببغاوات الإحسان بين أفرادها بدون انتظار مقابل، وهذا غير معتاد في عالم الحيوان، حيث تميل الحيوانات للمساعدات الغير مشروطة، وهل يا ترى تفهم الحيوانات ذلك!

بالطبع تظهر كافة الحيوانات تقريبًا بما فيهم البكتريا أنماط من مساعدة بعضها البعض ولكن بشرط أن تساعدها الأخرى عندما تحتاج للمساعدة؛ فعلى سبيل المثال تقوم أمهات الخفافيش مصاصي الدماء بإطعام أطفال بقية الإناث.

الخفافيش مصاصي الدماء جميعهن إناث، لكن لو عرفت لماذا يمصون الدماء ربما تتعاطف معهن، فهن يمصون الدماء ويملؤون بطونهن به ثم يذهبون إلى عشيرة الخفافيش، وتقوم أنثى الخفاش بسكب كل الدماء الذي تحمله في بطنها أمام الخفافيش الصغار جميعًا أمام أولادها وأولاد غيرها.

تفعل كل أمهات الخفافيش ذلك، لكن إن قامت إحدى الخفافيش بالغش فجاءت بالدماء وأطعمت أبناءها فقط، فقد اكتشف العلماء أنه في اليوم التالي ترفض بقية الأمهات اطعام أبناء هذه الأم الغشاشة. يتكرر هذا الأمر في جميع الحيوانات تقريبًا، سأساعدك لكن بشرط أن تساعدني، وهكذا نحيا سويًا في تناغم.

لكن النظرية المادية لدارون تفترض دائمًا أن كافة أنواع المساعدة بين الحيوانات تكون لأهداف نفعية، فالحيوان يعمل لمصلحته الشخصية والتي تضمن تمرير جيناته لجيل جديد أو للمصلحة العامة للقطيع ولا يقوم بمساعدة الغير بدافة الشفقة أو اللطف. لكن الببغاوات أظهرت أمرًا يصعب وصفة بأنه مساعدة نفعية.

فقد وجد أن هذه الطيور القادمة من غابات إفريقيا تقوم بمساعدة بعضها البعض عند الإصابة بمرض أو بجرح، بدون أي دلائل أنها تنتظر رد الجميل.

الأكثر من ذلك، فإنه بخلاف المبدأ المعهود أن الأنانية هي الحكم في عالم الحيوان فلم تبدي تلك الببغاوات المصابة أي علامة غضب إذا ما حظيت بمساعدة أقل من الببغاوات الأخرى المصابة، بل على العكس، فقد قامت هي نفسها بفعل يشبه الإيثار وقامت بمساعدة الطيور المصابة الأخرى رغم إصابتها.

هذا الأمر مثلًا إذا حدث مع الشمبانزي فربما تبدأ معركة كبيرة بين أفراد القطيع، لأنهم فضلوا واحدًا على الآخر. ربما يُفسر ذلك أن طبيعة هذا النوع من الببغاوات أنها تقوم بمساعدة بعضها على المدى الطويل، خصوصًا في تربية الصغار، لذا فهي تتوقع أنها إن قامت بالقيام بعطف تجاه غيرها، فإنه سيأتي اليوم الذي يعود عليها بمثل فعلها، علمًا بأن الببغاوات من الطيور المعمرة، لذلك فلا تنظر كثيرًا للمنفعة الوقتية.

لا يمكننا أن نتأكد بالتحديد إن كانت الببغاوات الإفريقية تقوم بمساعدة بعضها بدافع العطف، لأننا لسنا ببغاوات، لكن الأمر رغم ذلك  للفضول، هل تعي الببغاوات ما تفعل، أو حتى الحيوانات الأخرى التي تنتظر فائدة سريعة من القيام بمساعدة غيرها، هل تعي ما تفعل، أما أنها فقط مبرمجة على ذلك؟

الدين يقول أن الحيوانات ما هي إلا أمم أمثالنا لها وعيها الخاص، والمادة تقول أن هذا مجرد فعل مبرمج مصدره كمياء الجسم.. ما رأيك أنت؟

المصدر
sciencealert

سمير أبوزيد

باحث ومهندس في مجال النانو تكنولوجي بمدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا، وله عدة أبحاث علمية منشورة. ألف ثلاثة روايات " صندوق أرخيف" و " الرفاعي الأخير" و " عز الدين"، كما كتب للعديد من المجلات وله ما يزيد عن الثلاثمائة مقال.
زر الذهاب إلى الأعلى